يبلغ عدد النساء في الولايات المتحدة 157 مليونا مقابل 151.8 مليون رجل فهل تحدد أصواتهن الفائز في انتخابات الرئاسة؟
يبلغ عدد النساء في الولايات المتحدة 157 مليونا مقابل 151.8 مليون رجل فهل تحدد أصواتهن الفائز في انتخابات الرئاسة؟



نهاية الأسبوع الماضي رن جرس الباب في بيتي وعندما فتحت الباب فوجئت بسيدة أميركية من أصول إفريقية برفقة شابة أميركية من أصول آسيوية تحملان لافتات دعائية للرئيس الديموقراطي باراك أوباما.

بادرتني الأميركية من أصول إفريقية قائلة "هاي، إسمي مِسْ سميث وأنا من سكان ولاية لويزيانا لكنني قررت التطوع ضمن حملة الرئيس باراك أوباما الذي أنصحُك بالتصويت لصالحه في انتخابات الرئاسة لأنه مناصر لحقوق النساء وليس مثل المرشح الجمهوري الذي يشن حربا على النساء في أميركا".

شكرتُ مِسْ سميث وقبلت منها بعض المطبوعات الدعائية عن أوباما، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى تلقيت عدة اتصالات هاتفية مسجلة من نساء ينتمين للحزب الجمهوري يدعونني فيها للتصويت للمرشح الجمهوري "حفاظا على قيم الأسرة الأميركية".

"الحرب الجمهورية على النساء"

وقد تنوعت الأسلحة التي استخدمها الحزبان في الحرب من أجل أصوات النساء، فقد بثت منظمة "موف أون" شريطا مصورا تظهر فيه نجمات هوليوود مثل سكارليت جوهانسون وإيفا لانغوريا تحذرن فيه من عواقب انتخاب ميت رومني على وضع النساء في أميركا وحقوقهن.

تقول الممثلة سكارليت جوهانسون في الشريط الذي لا تتجاوز مدته 30 ثانية "ميت رومني تعهد بوقف تمويل منظمات بلانت بارونتهود (التي توفر خدمات التربية الجنسية والإجهاض وتوفر وسائل منع الحمل للنساء) بما فيها فحوصات الكشف المبكر عن سرطان الثدي وإلغاء حق النساء في الإجهاض.. هناك جمهوريون يحاولون إعادة تعريف الاغتصاب.. إذا كنتِ تعتقدين بأن هذه الانتخابات لن تؤثر عليك بشكل مباشر فأنت مخطئة.. صوّتي.. صوّتي لباراك أوباما".

وبالإضافة إلى هذا الفيديو، فإن حملة الرئيس باراك أوباما أنتجت عشرات الشرائط المصورة التي تتهم الجمهوريين وعلى رأسهم مرشحهم في سباق الانتخابات الرئاسية ميت رومني بشن "حرب" على حقوق النساء من خلال التعهد بإلغاء القانون الذي يتيح للنساء الحق في الخضوع لعمليات الإجهاض، وإلغاء قانون الرعاية الصحية الذي أصبح يُعرف بـ"أوباما كير" الذي يفرض على شركات التأمين الصحية تغطية مصاريف وسائل منع الحمل بنسبة مئة في المئة  وعدم القيام بأي مجهود لتحسين ظروف عمل النساء أو الرفع من أجورهن وهو ما يعرف الآن في أميركا بـEqual pay أو المساواة في الأجر.

آن رومني ترد على الانتقادات الموجهة لزوجها

وبالرغم من الانتقادات الشديدة التي توجهها المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة في أميركا إلى المرشح الجمهوري ميت رومني، فإن زوجته آن رومني شددت في عدد من الحوارات الصحافية على أن زوجها مناصر قوي لحقوق المرأة وأن الحملات التي تستهدفه مجرد "ضربات" انتخابية لا أساس لها من الصحة.

المرشح الجمهوري ميت رومني يسلم على نساء يدعمنه في سباق الرئاسة

فقد قالت آن رومني، وهي متزوجة من ميت رومني منذ أكثر من 43 سنة وأنجبت منه خمسة أطفال ذكور، في تصريحات لبرنامج "ذي فيو" الذي تبثه شبكة ABC  الأميركية قبل أسبوعين، إن نساء أميركا لا يجب أن يتخذن من زوجها عدوا لهن لأنه يدافع عن حقوق المرأة.

ومضت آن رومني تقول "زوجي غيـَّرَ موقفه من داعم لحق النساء في الإجهاض إلى مناهض له عندما رأى توجها لاستعمال الأجنة في أبحاث الخلايا الجذعية.. لم يسمح له ضميره بالموافقة على مثل هذا الأمر وقرر منذ ذلك الحين مناهضة الإجهاض إلا في حالة الحمل الناتج عن الاغتصاب والناتج عن علاقة زنا المحارم.. أعتقد بأن النساء لديهن هموم أخرى في هذه الانتخابات وليس قضية الإجهاض فقط".

واستطردت قائلة إن " 95 في المئة من النساء اللائي التقيتهن خلال 18 شهرا الماضي قلن إنهن بحاجة إلى اقتصاد أقوى وفرص عمل أكثر وتربية أفضل لأبنائهن.. الخيار واضح لدى الأميركيات بين رئيس يؤمن بأن الاقتصاد هو مفتاح لحل مشاكل البلاد وهو زوجي، وبين رئيس فشل في إنعاش الاقتصاد طوال الأربع سنوات الماضية وهو الرئيس أوباما".

كما نفت آن رومني أن يكون زوجها غير متفهم لقضايا النساء لأنه محاط بالذكور فقط (خمسة أبناء ذكور و18 حفيدا بينهم 15 ذكرا)، وقالت إنه حرص عندما كان حاكما لولاية ماساشوستس على أن يوظف عددا كبيرا من النساء في إدارته، وشددت على أنه سيقوم بفعل الشيء نفسه في حال فوزه بانتخابات الرئاسة.

قضية الإجهاض بين الجمهوريين والديموقراطيين

ورغم اتفاق المرشحين الجمهوري والديموقراطي على أهمية أصوات النساء واستخدامهما شتى الطرق لاستقطابهن، فإن حزبيهما يختلفان تماما حيال عدد من القضايا الهامة بالنسبة للنساء.

فيعارض  البرنامج الإنتخابي الجمهوري قضية الإجهاض بالمطلق ويدعو لمنع ممارسته في جميع الحالات، بما فيها الحمل الناتج عن تعرض المرأة للإغتصاب والحمل من المحارم، وحتى حين تكون حياة الأم الحامل معرضة للخطر.
ويقول الجمهوريون إن "الطفل غير المولود لديه حق فردي وأساسي في الحياة ولا يمكن الاعتداء على هذا الحق أو إلغاؤه، ويبدأ هذا الحق بمجرد وقوع التخصيب بين بويضة المرأة والحيوان المنوي للرجل وتتشكل النطفة".
كما يعارض الجمهوريون استخدام الأموال العامة لتمويل المنظمات التي تتيح خدمة القيام بالإجهاض أو تلك التي تروج له أو تدافع عنه.

لكن اللغة "الصارمة" التي اعتمدها البرنامج السياسي للحزب الجمهوري تختلف قليلا عن مواقف مرشح الحزب ميت رومني الذي يقول إنه سيسمح، إن تم انتخابه رئيسا للبلاد، بالإجهاض في حالات الاغتصاب أو الحمل من المحارم أو حين تكون حياة الحامل مهددة.

في المقابل ينص البرنامج الانتخابي للحزب الديموقراطي على أنه يؤيد "بشكل لا لبس فيه" قرار المحكمة الأميركية العليا في القضية المعروفة باسم  "رو ضد ويد"، الذي جعل الإجهاض مسموحا به قانونيا في عام 1973، كما "يؤيد حق المرأة في اتخاذ القرارات بشأن حملها، بما في ذلك الإجهاض الآمن والقانوني، بغض النظر عن قدرتها على دفع تكاليفه".

وينص البرنامج على أن "الإجهاض قرار شخصي جدا بين المرأة وعائلتها وطبيبها ورجل الدين الذي تستشيره وليس هناك مجال لتدخل السياسيين أو الحكومة في هذه القضية الخاصة".

أوباما أم رومني؟

وتفسر القوة التصويتية للنساء في أميركا مدى اهتمام المرشحين بهذه الفئة الهامة التي أسهمت بشكل كبير قبل أربع سنوات في فوز المرشح الديموقراطي الرئيس باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية في مواجهة منافسه الجمهوري آنذاك السناتور جون ماكين.

فبحسب النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة عام 2008 ، فقد فاقت أصوات النساء أصوات الناخبين الرجال بعشرة ملايين صوت ذهب معظمها لصالح باراك أوباما.
​​
وقالت بيلي سكيكتن، وهي أميركية تبلغ من العمر 50 عاما وتعمل مدرسة في إحدى مدارس مقاطعة "فيرفاكس" شمال ولاية فرجينيا في تصريح لموقع "راديو سوا" إنها تعتزم التصويت لصالح أوباما في هذه الانتخابات لأنه يدعم حقوق النساء وخصوصا "حق المساواة في الراتب بين المرأة والرجل".

وأضافت بيلي التي كانت ترتدي قميصا عليه شعار الحملة الانتخابية لأوباما، أنها لن تسمح لرجل أن يستغل منصبه الرئاسي كي يحدد لها أو لطفلتها أو حفيدتها الحق في اتخاذ قرار حميمي جدا مثل الإجهاض لأن "جسد المرأة ملكها هي فقط والحكومة لا حق لها في حشر أنفها في خصوصيات النساء".

لكن أماندا، وهي أميركية في نهاية عقدها السادس وتعمل في محل لبيع الحلويات بمقاطعة "برنس وليَم" في ولاية فرجينيا، قالت إنها تفضل المرشح الجمهوري ميت رومني لأنه سيخدم النساء إن حسّن الاقتصاد ودفع بعجلته إلى الأمام.

ومضت أماندا تقولإن "توفير فرص عمل للمرأة يمنحها ثقة في النفس ويحسن من دخل أسرتها ويساعدها على توفير تربية أفضل لأطفالها ويساعدها على الاعتناء بنفسها أيضا وبزوجها لتكون لدينا بالتالي أسرة سعيدة ومتماسكة وهي أول خطوة في مجتمع سليم ومزدهر".

أرقام عن النساء في أميركا

يبلغ عدد النساء في الولايات المتحدة 157 مليونا مقابل 151.8 مليون رجل، ويبلغ معدل الدخل السنوي للنساء العاملات بشكل دائم واللائي تفوق أعمارهن 15 سنة، نحو 40 ألف دولار سنويا.

كما يبلغ عدد النساء اللائي حصلن على شهادة جامعية ولا تقل أعمارهن عن 25 سنة نحو 40 مليون سيدة.

ويفوق عدد النساء اللائي يملكن مشاريع اقتصادية في أميركا سبعة ملايين سيدة أعمال تبلغ قيمة عائدات مشاريعهن تريليون و200 مليون دولار سنويا.

وقد شاركت النساء بكثافة في التصويت خلال انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، فقد فاق عدد الأصوات التي أدلت بها النساء عدد الأصوات التي أدلى بها الرجال بعشرة ملايين صوت.

وتحرص أكثر من 65  في المئة من النساء المسجلات في قوائم التصويت على المشاركة في الانتخابات مقابل أكثر من 61 في المئة من الرجال.

وعلى سبيل المثال فقد بلغ عدد النساء اللائي صوتن في الانتخابات الرئاسية الأخيرة 70 مليونا و400 ألف سيدة مقابل 60 مليونا و700 ألف رجل.