| Source: Courtesy Photo

يعاني بعض الشباب المسلم في أميركا من إغراء الجنس الذي يحيط به من كل جانب نظرا لطبيعة المجتمع الأميركي المنفتح. ولا تخفي رنا الطالبة الأميركية العربية المسلمة أنها تتأثر كثيرا حين ترى العشاق من زملائها في أروقة الجامعة يتعانقون ويمشون يدا بيد ويقبل بعضهم بعضا ويقيمون العلاقات الجنسية من غير حرج أو خوف، لكنها تجد نفسها في تجاذب بين هذه المغريات والقيم العائلية والاجتماعية والدينية المحافظة التي نشأت عليها.
 
كما تشير رنا إلى أن هذه المناظر لا تحركها جسديا بقدر ما تحركها عاطفيا، "فأن يكون للفتاة شخص تحبه مثلما يحبها ويقف بجانبها حين تحتاج دعما عاطفيا من الأمور المهمة بالنسبة لأي إنسان".
 
هذه مشكلة يعاني منها معظم الشباب والشابات من المسلمين الأميركيين حيث يحتل الجنس جانبا كبيرا من تفكيرهم بحكم سنهم والفورة الهرمونية التي تمر بها أجسامهم، بالإضافة إلى الأزمة النفسية والعاطفية التي تصاحبهم في مرحلة البحث عن هوية وأمان عاطفي يشعرهم بأنهم مرغوب بهم.
 
ومما يزيد الأمر صعوبة أن الكلام في هذا الموضوع يُعدّ من المحرّمات التي لا يتم التطرق إليها بصراحة. تقول رنا البالغة من العمر 19 عاما: "الحديث عن الجنس في عائلتي من الموضوعات الممنوعة، وأظن هذا هو الوضع في معظم العائلات المسلمة الأخرى في الولايات المتحدة. هناك أمور يفترض أن نفهمها دون مناقشة،  مثل أن الجنس قبل الزواج هو خطأ ديني وأخلاقي". وقبل أن ترحل رنا من بيت أهلها لتعيش داخل جامعة جورج ميسون بولاية فرجينيا العام الماضي حذرتها أمها من المغريات ومن الأذى الذي قد تتعرض له، "ومع أن موضوع الجنس ذاته لم يُطرح بشكل صريح إلا أنه كان متوقعا أن يكون مفهوما ضمنا".

 
الجنس والحب والثقة بالنفس
 
للمسألة الجنسية آثار على ثقة المراهقين بأنفسهم ورضاهم عن ذاتهم، فكثيرا ما يكونون عرضة للسخرية من أقرانهم الذين يعتبرون أن من لم يمارس الجنس جبان أو معقد أو يفتقد إلى من يحبه. كما أنهم يشعرون   بأنهم لا قيمة لهم ما لم يكن هناك من الجنس الآخر من يحبهم ويكون قريبا منهم جسديا ونفسيا.
 
غير أن حازم الطالب البالغ من العمر 19 عاما ويدرس في كلية نوفا في ولاية فرجينيا يقول "الأمر يعتمد على الشاب وشخصيته، فالقرارات التي يتخذها الشاب تعتمد على نظرته لنفسه". لكن حازم لا يعتقد أن ممارسة الجنس تحل مشاكله النفسية، بل يرى أن من يمارسون الجنس هم أقل الشباب ثقة بأنفسهم، ويقول: "إذا كان الشاب يريد ممارسة الجنس ليثبت لنفسه وللآخرين أن له شأناً فهذا دليل على ضعف الثقة بالنفس وهو غير متصالح مع نفسه".
 
ويرى حازم أن المواعظ التي يعطيها الآباء والمرشدون الدينيون لا تعزز بالضرورة الثقة بالنفس، ويقول: "لا تستطيع أن تعطي المواعظ للشباب وأن تقول إن عليك أن تمتنع عن الجنس من أجل دينك أو ثقافتك أو والديك. الشاب نفسه ينبغي أن يكون مقتنعا بأن هذا ما يريده لنفسه لأنه الصحيح بالنسبة له ولمستقبله".
 
الحديث عن الجنس في عائلتي من الموضوعات الممنوعة، وأظن هذا هو الوضع في معظم العائلات المسلمة الأخرى في الولايات المتحدة.
رنا


أما الفتاة، فإن الجانب العاطفي من العلاقات الثنائية هو المؤثر الأكبر على ثقتها بنفسها، فهي تريد أن تشعر بأنها محبوبة لكنها قد لا تدرك أن الجنس ليس دلالة على الحب. تقول رنا: "كم من فتاة أعرفها تصاحب شاباً ثم حين يطلب منها الجنس وترفض يتركها، فتشعر بأن عليها أن تلبي طلباته لكي تـُبقي على حبه لها". لذا ترى رنا أن تعليم الوعي النفسي والرضا عن الذات  لدى المراهقين يأتي قبل تعليم الثقافة الجنسية.
 
من جانبه،  يشدد المرشد الديني بمسجد دار الهجرة بولاية فرجينيا محمد الحانوتي على ضرورة أن يقيم الشباب المسلمون نشاطات مشتركة بحيث يؤازر بعضهم بعضا بل ويستخفـّون هم بمن يمارسون الجنس. يقول الحانوتي: "ما يؤثر في المراهقين هم الأصدقاء والبيئة،  لم يعد للبيت تأثير عليهم إلا بنسبة ضئيلة جدا".
 
ويستشهد الحانوتي ببيت شعري قائلا:
 
ألقاهُ في اليمّ مكتوفاً وقالَ له .. إياكَ إياكَ أن تبتل بالماءِ
 
ويضيف: "هذه الأمور لا ينفع فيها النُصح ولا الكلام العقلاني. اللغة التي يستمع إليها المراهقون هي لغة العاطفة، فإذا كنا نخاطب عواطفهم نجحنا في توصيل المعلومة التي يجب أن تكون خطابا للقلب مركز العاطفة. بوجود الأصدقاء الصالحين كل شيء يصلُح وإن لم يوجدوا فلا يصلح صالح".
 
بين منع الحمل والامتناع عن ممارسة الجنس
 
ويجد الآباء المسلمون في الولايات المتحدة، شأنهم شأن الآباء غير المسلمين، أنفسهم أمام أسلوبين لتعليم الثقافة الجنسية للمراهقين: إما تعليم الامتناع الكامل عن الجنس دون الخوض في وسائل منع الحمل، وإما التعليم الشامل الذي يحث المراهقين على تأجيل الجنس لكن في الوقت نفسه يعلمهم وسائل منع الحمل والوقاية من الأمراض الجنسية.
 
وتدرّس معظم المدارس الحكومية التعليم الجنسي الشامل منذ الصف الخامس لكن يُسمح للآباء أن يعفوا أبناءهم من حضور الدروس، واختيار برنامج الامتناع الكامل المتوفر في بعض المدارس والمراكز الاجتماعية أو الدينية.

ويرى الشيخ الحانوتي أن الطريقة التي تعطى فيها المعلومات في التعليم الشامل في المدارس عشوائية بالنسبة للمسلمين، مشددا على ضرورة أن تبدأ التربية الجنسية في المنزل، ويضيف: "أنا أقول إن طريقة التربية الجنسية في المدارس هي إثارة لهم وتشجيع ليتعاشروا معاشرة غير مباحة".

لكن الشاب حازم يرى أن التعليم الجنسي الشامل أكثر واقعية، ويقول: "واهمٌ من يظن أن جميع الشباب سيمتنعون فعلا عن الجنس، لذلك لا بد من تعليمهم أساليب الوقاية من الحمل والأمراض الجنسية".

أما رنا فتقول إنها استفادت كثيرا من التعليم الجنسي الشامل، وتضيف: "أبواي علّماني فقط العواقب الدينية والأخلاقية لممارسة الجنس، ولم يتحدثا كثيرا عن الآثار الصحية التي تعلمتها في المدرسة. المدرسة تشجع أيضا على تأجيل الجنس لكن على أساس جسدي وصحي وليس على أساس ديني أو أخلاقي".
 

 

واهمٌ من يظن أن جميع الشباب سيمتنعون فعلا عن الجنس، لذلك لا بد من تعليمهم أساليب الوقاية من الحمل والأمراض الجنسية
حازم


وقد أجريت دراسات كثيرة حول فعالية كل من الأسلوبين (تعليم الامتناع الكلي عن الجنس والتعليم الشامل)
في تجنب الحمل والأمراض الجنسية، لكنها أتت بنتائج متناقضة.
 
وعلى خلاف الأفكار السائدة، فإن نسبة المراهقين الأميركيين الذين يحافظون على عذريتهم من الجنسين ارتفع خلال العقود الثلاثة الماضية، ووفقا للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية منها، فإن نسبة طلاب المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة الذين يقولون إنهم مارسوا الجنس من قبل تراجع من 54.1 في المئة عام 1991 إلى 47.8 في المئة عام 2007 وإلى 43 في المئة عام 2011.
 
الجنس موضوع سياسي
 
ويـُعدّ الأسلوبان المتبعان في تعليم الثقافة الجنسية من المواضيع المثيرة للجدل في الولايات المتحدة، ومن الموضوعات التي يختلف فيها الجمهوريون عن الديمقراطيين، وكثيرا ما يبني عليه الناخبون قرارهم في التصويت. فبينما يدعم الديمقراطيون أسلوب التعليم الشامل، يشدد الجمهوريون على تعليم الامتناع الكامل. وقد جدد الجمهوريون في برنامجهم الانتخابي هذا العام الدعوة لاستبدال برامج تنظيم الأسرة "بتعليم الامتناع عن الجنس، والذي يعلّم الأطفال الامتناع عن ممارسة الجنس حتى الزواج كمعيار سلوكي مسؤول ومحترم". كما أكدوا معارضتهم للعيادات المدرسية التي تقدم خدمات متعلقة بمنع الحمل أو الإجهاض، بما في ذلك الإرشادات والإحالات الطبية. كما يؤيدون زيادة الدعم الفدرالي لبرامج تعليم الامتناع عن الجنس.
 
ويعد الإجهاض من الاختلافات الرئيسية بين الحزبين، فبينما يدعم الديمقراطيون حق المرأة في الإجهاض في جميع حالاته، يعارضه الجمهوريون في جميع حالاته، بما في ذلك الاغتصاب والحمل من  محرم وحين تكون حياة الأم مهددة.
 
ومع أن الإجهاض مسموح به قانونيا في جميع الولايات، إلا أن هناك اختلافات بين الولايات حين يتعلق الأمر بالفتاة دون سن الـ18، حيث تشترط معظم الولايات التي تميل للجمهوريين أن يوافق أحد الأبوين أو كلاهما على الإجهاض، وهناك ولايات تلزم أن يَعلَم أحد الأبوين بحصول الإجهاض دون اشتراط موافقته. أما الولايات التي تميل للديمقراطيين فمعظمها لا يشترط موافقة أحد الأبوين أو علمهما.
 
أما المسلمون، فمع تأكيد كثير منهم على أن الإجهاض خطأ أخلاقي، إلا أنه من النادر أن تجد امرأة مسلمة تنجب خارج نطاق الزواج في الولايات المتحدة.
 
وفي هذا الشأن، يؤيد الشيخ الحانوتي إجهاض الفتاة التي تحمل خارج الزواج لحكم الضرورة، "لأن ابن الزنا يكلف الأم والعائلة كلفة لا طاقة لهم بها". ويضيف: "أتعامل بغاية اللطف والرقة مع الفتاة، ولا أشعرها بأن ما فعلته هو نهاية الدنيا، بل أُفهمها أنها أخطأت والله يغفر الذنوب جميعا، كما أشعرها بأنها كبيرة في عيني ومحترمة".
 
سيبقى الجنس موضوعا شائكا بسبب الفورة الهرمونية لدى المراهقين وبلوغهم في سن مبكرة وعدم إمكانية زواجهم إلا بعد ذلك بسنوات طويلة،  لكن عدم تناول الموضوع بصراحة وواقعية يجعل الشباب يعانون نفسيا بصمت أو يعيشون حياة مزدوجة يظهرون فيها العفة ويخفون فيها ممارسات قد تؤثر على صحتهم ومستقبلهم.

 

لافتات انتخابية في ساحة مركز انتخابي في فرجينيا
لافتات انتخابية في ساحة مركز انتخابي في فرجينيا

ليس سرا أن ثمة خلافات واسعة بين الجمهوريين والديموقراطيين حول القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكن هذا الاختلاف بدا جليا مع فتح مراكز الاقتراع أبوابها في الصباح الباكر.
 
فقد امتلأت ساحات وحدائق تلك المراكز بلافتات ولوحات إعلانية تدعو لدعم المرشح الديموقراطي باراك أوباما، وعلى بعد أقدام لافتات أخرى لدعم رومني والحزب الجمهوري. فيما يحاول متطوعون من كلا الحزبين التأكد من انك ستصوت لصالح مرشحهم.
 

جون موريسون صوت لصالح رومني

​​ويقول جون موريسون إنه لن يصوت مطلقا لأي مرشح من الحزب الديموقراطي لأن أجندة الحزب العامة "لا تتماشى مع معتقداته المسيحية التي ترفض إجهاض المرأة لجنينها أو الاعتراف بحقوق الشواذ ومثليي الجنس".
​​ 
ويشير موريسون إلى أنه صوت لرومني رغم أنه غير مقتنع بمعتقده المورمني الذي يلزمه "بوضع دينه فوق كل اعتبار. وأنا لدي مشكلة حقيقة مع المورمن"، مضيفا أن رومني كان خياره الأخير من بين المرشحين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية.
 
وبالنسبة للزوجين كريس وجون، فإن القضايا الاجتماعية وفي مقدمتها حقوق المرأة ومثيلي الجنس هي التي دفعتهما للتصويت لصالح الرئيس أوباما. ويشير جون إلى أن مشكلته مع الجمهوريين تتعلق تحديدا "بمواقفهم المتناقضة والنفاق"، فهم يقولون إنهم يدافعون عن الحريات الشخصية وحقوق المواطنين، لكنهم في ذات الوقت "يريدون فرض آراءهم على المرأة وجسدها"٠

كريس وجون صوتا للرئيس أوباما

​​ وتضيف كريس أنها تشعر بأن الرئيس أوباما يتحلى بصفات شخصية تجعله مقبولا لدى الآخرين "فهو متواضع لدرجة انه يمكنك الحديث معه متى شئت وكأنك تتحدث مع صديق"، مقابل رومني الذي كأنه "فاقد للاتصال مع الناس بشكل عام".
 
وتقول باتريشا مانسكي إنها صوتت لأوباما لأنها "تؤمن بقوة أن الرئيس يقود البلاد في الاتجاه الصحيح"، وأنها تخشى على حقوقها لو فاز رومني في الانتخابات "فمن الواضح أن الجمهوريين يقفون ضد حق المرأة في اتخاذ قرارات تتعلق بها".
 
وأضافت أنها متفائلة بفرص فوز الرئيس أوباما بولاية ثانية.
 
وسخرت ميشيل مكويك من مخاوف الديموقراطيات بشأن حقوقهن، وقالت إنها لا تصدق ما تثيره الحملة الانتخابية لأوباما حول حقوق النساء.
 
وتشير إلى أنها صوتت لرومني لأن الدين العام والاقتصاد من أهم القضايا بالنسبة لها. فعندما "لا يكون لديك المال الكافي لإشباع أطفالك" لن تفكر في قضايا أخرى سوى الحصول على وظيفة ومرتب.
 

كلانسي مكويك انتقد سياسة أوباما الخارجية

​​ويرى زوجها كلانسي مكويك أن سياسات الرئيس أوباما خلال السنوات الأربع الماضية دمرت أضرت بالبلاد داخليا وخارجيا. يقول إنه أعطى الشواذ حقوقا أوسع وفرض سياسات معينة على الكنيسة ولم يلتزم بتعهداته بشان النهوض بالاقتصاد وتوفير فرص العمل، كما أنه أضعف قدرة أميركا وقوتها على التعامل مع التحديات الخارجية.
 
ويصف مكويك سياسة أوباما الخارجية بأنها "كارثة"، فهو "لا يؤمن بالولايات المتحدة". ويقول إن قيام الرئيس بإعطاء أمر قتل أسامة بن لادن خطأ كبير، لأن الخطوة جعلت "بن لادن شهيدا" في نظر أعوانه.
ويضيف مكويك أن بن لادن "تقاعد ولم يكن لقتله تأثير على تنظيم القاعدة وأنشطته".
 
الاختلافات بين الديموقراطيين والجمهوريين لن تنتهي مع إعلان نتائج الانتخابات، فهي تتعدى حدود الاختلاف بين مرشحين وسياسات حزبية، لترتقي إلى اختلاف فلسفي وعقائدي يقسم الأميركيين. 
 
وربما يكون لهذا الاختلاف دور في الإقبال الكبير على مراكز الاقتراع في عموم ولايات البلاد. فكل يرغب في فوز مرشحه الذي أنفق مليارات الدولارات في الفترة الماضية لاستقطاب أصوات الناخبين وحثهم على الإدلاء بأصواتهم.
 
ويبدو أن الحزب الجمهوري تعلم درسا من انتخابات 2008 بعد مشاركة أعداد كبيرة من الديموقراطيين في الانتخابات، أسهمت في فوز الرئيس أوباما على منافسه آنذاك جون مكين.
فالجمهوريون اليوم يبدون أكثر حماسة واندفاعا وإضطلاعا على القضايا والسياسات، وكذلك أكثر إصرارا على تحديد فترة حكم الرئيس أوباما بولاية واحدة.