رينا صليبا
Follow @RinaSaliba
في الوقت الذي تتعرض فيه السينما العربية، ولا سيما المصرية منها، لمضايقة بعض الحركات السلفية، نظم مركز "ناشيونال جيوغرافيك" في العاصمة الأميركية واشنطن وعلى مدى أسبوعين مهرجانا فنيا للسينما العربية من دول المغرب العربي وصولا إلى عمق الشرق الأوسط والخليج.
وتعد هذه السنة السابعة على التوالي التي ينظم فيها المهرجان لإطلاع الرأي العام الأميركي على آخر إنتاجات السينما العربية من خلال عرض فنون الموسيقى والسيناريو والإخراج وغيرها.
وقدم المهرجان هذه السنة مجموعة من الأفلام المغربية والجزائرية والتونسية والمصرية واللبنانية والإماراتية، وهي في غالبيتها من إنتاج محلي أو إنتاج مشترك مع شركات فرنسية وبلجيكية وبريطانية.
تقدير أميركي للفن العربي وقيمه
والتقى "راديو سوا" مجموعة من المواطنين الأميركيين ومنهم من هو متحدر من أصول عربية، ولم يخف عدد كبير منهم اهتمامهم بالأفلام العشرة المعروضة، وكان أبرزها "عاشقة من الريف" و"تاكسي البلد" و"آسماء" و"تنورة ماكسي".
وأكدت روز إيزابيل، وهي مواطنة أميركية تدرس في إحدى مدارس واشنطن، أن الثقافة العربية وتحديدا الشرق الأوسطية جذبت اهتمامها إلى حد بعيد. وأضافت أنها وزميلاتها في مدارس أميركية مختلفة، كن دائما مهتمات بثقافات العالم العربي.
وقالت في تصريح لموقع "راديو سوا" "أحب تقاليد الحياة العربية وهذا ما دفعني إلى تعلم العربية لسنوات عدة، الأمر الذي أتاح لي قدرة المجيء إلى مهرجان السينما العربية في واشنطن ومشاهدة آخر أفلام العالم العربي".
من جانبها، قالت المخرجة اللبنانية روان عيتاني، التي حضرت بدورها مهرجان الفيلم العربي في واشنطن، إن الأفلام العربية المعروضة فيها الكثير من العمل الجيد، الأمر الذي يدفع بالكثير من الأميركيين إلى الاهتمام بالدول العربية وبالحياة فيها، "على غرار ما شاهدناه في فيلم تاكسي البلد ".
وأبدى الكثيرون ممن التقاهم "راديو سوا" اهتماما باللغة وبالثقافة العربيتين، واللتين بحسب رأيهم لا يمكن أن تكونا سببا في تفريق الناس، وللدلالة عل ذلك لا يخفي أحدهم، وهو إدمون غريب، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بواشنطن كيف توطدت العلاقات العربية-الأميركية في الأفلام المعروضة، كما حصل في فيلم "تاكسي البلد"، حيث وقعت المواطنة الأميركية في حب السائق الذي ذهب بها من خلال قصصه إلى عالم سوريالي أخرجها من واقعية حياتها القاسية.
تناغم العود العربي والجاز الأميركي
وقال غريب إن الأفلام المعروضة أسمعت صوت الفن العربي بشكل قوي، وذلك عبر المزج بين العزف على الكمنجة والعود وموسيقى الجاز التي ظهرت بين الحين والآخر في بعض لقطات الفيلم.
ورأى غريب أن هذا الإخراج يشكل دليلا على تداخل الثقافات في القرن الحادي والعشرين، إذ أضحت "الموسيقى عنوانا لعولمة فنية تشد المجتمعات إلى بعضها، وخصوصا الأميركية تجاه العالم العربي وفنه".
من جانبه، قال غوردون هاملتون، وهو مواطن أميركي زار مصر والمغرب في السنوات الماضية، إن أكثر الأشياء تأثيرا في حياته كانت اكتشافه الثقافات العربية وخصوصا المغربية منها. و لم يخف هاملتون، في لقاء خاص مع موقع "راديو سوا" "أن الفنون في المغرب لها طابع خاص وهوية مميزة تجذب الأميركيين المهتمين بالثقافات العربية".
و أكد إدمون غريب على تواصل الثقافتين العربية والأميركية وتنامي عدد المهتمين بها، وقال إن الأفلام التي عرضت في مهرجان السينما العربية أظهرت اهتمام شريحة طلابية وأكاديمية أميركية كبيرة بالموسيقى والسيناريو.
جاذبية الثقافة العربية في أوساط الأميركيين
ومن الأمور التي عكست اهتمام المشاهد الأميركي في مهرجان السينما العربية، تنوع الفنون التي تتجلى في هذه الأفلام، وخصوصا المغربية منها
وردا على سؤال لـ "راديو سوا" عن سبب اهتمام الأميركيين بهذا النوع من الفنون العربية، قال الدكتور في علم الاجتماع مخلص الحريري، إن السينما المغاربية بشكل عام ومن المغرب والجزائر وتونس بشكل خاص باتت تتطور بشكل "رائع". وأعطى مثالا على ذلك بفيلم "عاشقة من الريف"، الذي عُرض خلال المهرجان، إذ قال إنه يعالج مسألة مهمة ألا وهي المرأة العربية ودورها في المجتمع العربي، و"هذه من الأمور التي تكون عادة محببة بالنسبة للأميركيين الذين يهتمون بحقوق الإنسان وحريات المرأة".
من جهته، قال جارين بايسون، وهو مواطن أميركي عاش فترة طويلة في المغرب، إن الثقافتين الأميركية والعربية وتحديدا المغربية تتلاقى بشكل كبير، وأضاف أن "الجامع بينهما هو العفوية والصراحة والصدق وإن كلف الأمر مشقات اجتماعية ومنافسات غير أخلاقية لحمل المرأة على تغيير واقعها".
من جانبها، أكدت شيرين غريب مديرة المهرجان أنهم لم يحددوا عنوانا عريضا لأفلام المهرجان، وأن الجودة كانت هي المقياس الوحيد لاختيار الأفلام المعروضة.
وأضافت "ما أحاول القيام به كل عام هو اختيار أفضل الأفلام في العالم العربي وعرضها على جمهورنا في واشنطن. أنا أبحث عن الجودة في الأفلام المختارة ولا يشغل بالي وجود عدد كبير من الأفلام. لا أسعى وراء فكرة محددة في الأفلام ولا أركز على أفلام من دول بعينها".
وأكدت غريب أن المهرجان يمثل فرصة كبيرة للأميركيين لمشاهدة أفلام عن مجتمعات لا يعرفون عنها الكثير، وهو ما يجعلهم يقبلون على ذلك التجمع.
وقالت مديرة مهرجان الأفلام العربية في واشنطن إن صناع الأفلام العرب يشعرون بحماسة شديدة لعرض أفلامهم هنا ولقاء الجمهور الأميركي في ندوات تعقد على هامشه.
وأشارت إلى أن المهرجان يستقطب سنويا ما بين 2000 إلى 4000 مشاهد. ولكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الولايات المتحدة كيف يتمكن القائمون على المهرجان من تنظيمه في موعده كل عام؟
أوضحت غريب ردا على ذلك بالقول "إنه أمر صعب للغاية. ينبغي أن أبحث عن جهات متعددة للمساهمة بالدعم المالي كي يبقى هذا المهرجان، هذا علاوة على مبيعات التذاكر، وهكذا يحيا المهرجان سنة بعد أخرى".