احتجاجات ضد تعديل قانون الانتخابات في الكويت
احتجاجات ضد تعديل قانون الانتخابات في الكويت


أبدى مراقبون تخوفهم على مستقبل الكويت واحتمال دخولها دائرة من الفوضى ربما تؤدي في نهاية الأمر إلي إسقاط النظام وذلك بسبب الجدل الذي أثاره قرار الحكومة تعديل قانون الانتخابات.

فقد أعلنت التيارات المعارضة في الكويت مقاطعتها الانتخابات البرلمانية القادمة، ووصفت التعديلات التي أجرتها الحكومة على قانون الانتخابات بأنها "انقلاب على الدستور"، بينما تقول الحكومة إن تعديل قانون الانتخابات كان ضروريا لحفظ "الوحدة الوطنية".

وكان القانون الانتخابي الصادر في 2006 يقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية تنتخب كل منها عشرة نواب في مجلس الأمة (البرلمان). وينص القانون على أنه يحق لكل ناخب التصويت لأربعة نواب كحد أقصى وجاء التعديل الجزئي ليقلص عدد النواب الذين ينتخبهم كل ناخب إلى نائب واحد.

ويقول قادة معارضون ومحتجون إن التغييرات الانتخابية التي أدخلها المرسوم هي محاولة لمنح المرشحين المؤيدين للحكومة ميزة نسبية بهدف الوصول إلى برلمان أقل معارضة من السابق.

المقاطعة لإفقاد الشرعية

يقول عبد الله السعدون منسق باللجنة الشعبية لمقاطعة الانتخابات في الكويت "مقاطعون" في تصريحات لموقع "الحرة" إن "المقاطعة جاءت لإيماننا بأن المرسوم الذي أصدره أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بخصوص قانون الانتخابات هو خرق واضح وفج للضوابط الدستورية".

وأضاف السعدون أن هدف حملة المقاطعة هو  إفقاد البرلمان القادم شرعيته، من خلال توعيه المواطنين بأهمية مقاطعة الانتخابات ، ونفى السعدون بشدة وجود أي تواصل بين التيارات المعارضة والنظام الحاكم لإيجاد مخرج للأزمة، مؤكدا على أن حل الأزمة الوحيد يتمثل في إلغاء المرسوم الخاص بقانون الانتخابات.

وعن مدى نجاح المقاطعة حتى الآن، قال إن "الحملة حققت نجاحا كبيرا، واستمرارها سيؤدى في نهاية الأمر إلى تصحيح مسار الحياة السياسية في الكويت"، وأوضح أن الحملة ستصل إلى "أبعد مدى للاعتراض وبشكل سلمي عبر تنظيم مظاهرات ومسيرات واعتصامات".
الحملة حققت نجاحا كبيرا، واستمرارها سيؤدى في نهاية الأمر إلى تصحيح مسار الحياة السياسية في الكويت
عبد الله السعدون



وعلى الجانب الآخر، قال وزير الإعلام الكويتي الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح إن مقاطعة الانتخابات "أمر مباح"وفق القانون و"وسيلة حضارية وسلمية للتعبير عن الرأي"، مؤكدا أن الحكومة تحتكم إلى نصوص القانون في هذا الشأن.

وأوضح الوزير أن القانون يمنح الحق لمن يريد أن يقاطع أو أن يشارك في هذه الانتخابات، معتبرا أن "الخاسر الأكبر من أي عملية مقاطعة هو المقاطع نفسه".

وأكد المحلل السياسي داهم القحطاني نجاح حملة المقاطعة للانتخابات في الكويت قائلا "يكفى أن 39 نائبا سابقا قد أعلنوا المقاطعة بالإضافة إلى أن معظم التيارات السياسية باختلاف توجهاتها أعلنت أيضا المقاطعة".

وعلى مستوى مشاركة المواطنين في الانتخابات، توقع القحطانى أن يكون هناك إحجام كبير عن التصويت قد تصل نسبته إلى 50  في المئة، مؤكد أن المواطن الكويتي أصبح يهتم بأمور الدولة السياسية ويشارك بكثافة.

إعلان الأحكام العرفية وارد

وعن تطور الأوضاع في الشارع السياسي الكويتي، يقول عايد المناع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت لموقع  "الحرة" إن هناك حراكا سياسيا وتطورا بدأت أبعاده تأخذ ملامح جديدة ومختلفة عما عرفته الكويت في السنوات الماضية، حيث أن سقف ونوعية المطالب قد اختلف .

ويضيف المناع أن الخلاف الآن في الكويت قائم على تفسير نص دستوري، لأن "القوى السياسية المعارضة والحكومة مختلفة حول تفسير المادة 71 من الدستور الخاصة بإصدار مراسيم في غياب البرلمان في حالة الضرورة، والمعارضة تصر على أن تعديل النظام الانتخابي لا يندرج تحت تلك المادة".

واستطرد المناع قائلا إن "الأمير يمكنه احتواء الموقف وإيجاد مخرج للأزمة يرضى جميع الأطراف، فالمعارضة قوية وتملك قدرة كبيرة على الحشد والضغط من خلال الشارع"، لكنه حذر من أن"ترك الأمور تتصاعد ليس في مصلحة الوطن".

وقال المحلل السياسي الكويتي إنه "في حالة خروج مظاهرات عارمة فمن الممكن أن يقوم الأمير باستخدام حقه في إعلان الأحكام العرفية"، وحذر من أن الأوضاع السياسية في الكويت أصبحت معقدة جدا، قائلا "لا أرى حلا قريبا للأزمة، والشارع هو الذي سيحدد مستقبل البلاد".

وقد شهدت الكويت مظاهرات أواخر الشهر الماضي، وُصفت بأنها غير مسبوقة، حيث قدرت المعارضة أعداد المتظاهرين بما يزيد عن 50 ألفا في بلد يبلغ عدد سكانه نحو ثلاثة ملايين نسمة، من بينهم مليون كويتي ونحو مليوني أجنبي. وخرج المشاركون للتعبير عن رفضهم لتعديلات قانون الانتخابات واعتبروها محاولة للحد من فرص فوز المعارضة في الانتخابات البرلمانية المقررة في الأول من ديسمبر/كانون الأول.



وقالت المرشحة السابقة لانتخابات مجلس الأمة والناشطة السياسية صفاء الهاشم إن "دستور الكويت وقيمه وثوابتنا التاريخية وعلاقة هذه الأرض بأسرة الصباح وما قدمته لهذا الوطن من حماية ورفعة وتطوير تؤكد العلاقة التاريخية الرائعة بينها كأسرة حاكمة وأهل الكويت".

وأضافت الهاشم أن "أهل الكويت  لا يعرفون إلا أميرا وشيخا واحدا هو صباح الأحمد".

وقال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح إن الكويتيين مخيرون بين طريق القانون والدستور أو الفوضى، وناشد  المواطنين عدم الانسياق وراء  دعوات "الفوضى".

ولم يطالب المحتجون في الكويت بتغييرات سياسية جذرية كما حدث في دول عربية أخرى،  ودعوا إلى تشكيل حكومات منتخبة وليست معينة من الأسرة الحاكمة والى تشكيل أحزاب سياسية، وهي مسألة محظورة حاليا في الكويت.

وسائل المواجهة مفتوحة

وعن وسائل مواجهة إصرار النظام على موقفه، قال رئيس الحركة الديموقراطية المدنية طارق المطيري لموقع "الحرة" إن "وسائل المواجهة مع النظام مفتوحة".

وأضاف المطيري أن "جميع الوسائل السلمية المشروعة سنستخدمها، بداية من المظاهرات والاعتصامات وربما يصل الأمر إلى الإضرابات بالمؤسسات العامة كالنقل العام وغيرها".
جميع الوسائل السلمية المشروعة سنستخدمها، بداية من المظاهرات والاعتصامات وربما يصل الأمر إلى الإضرابات بالمؤسسات العامة
طارق المطيري


وأكد أن تلك الوسائل مشروعة وقانونية في القانون الدولي والدستور الكويتي، متمنيا في الوقت ذاته أن لا تصل الأمور إلى هذا الحد.

الجدير بالذكر أن البرلمان الكويتي قد تم حله بعد أربعة أشهر من انتخابه، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا في يونيو/حزيران الماضي ببطلانه.

متظاهرون ضد تعديل قانون الانتخابات أمام مبنى البرلمان
متظاهرون ضد تعديل قانون الانتخابات أمام مبنى البرلمان

انطلقت في الكويت تظاهرة شارك فيها عشرات الآلاف من مؤيدي المعارضة ليل الأحد رافضين التعديل الذي أجراه أمير البلاد على نظام الانتخابات، في مناسبة الذكرى الـ50 لاعتماد الدستور الكويتي إيذانا ببدء حياة برلمانية.

وهتف المتظاهرون "الشعب يريد إسقاط المرسوم"، في إشارة إلى مرسوم تعديل نظام الانتخابات الذي أصدره أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، والذي تعتبر المعارضة أنه يهدف إلى المجيء ببرلمان موالٍ للحكومة.

وتتمسك المعارضة بمقاطعة الانتخابات التي دعا إليها الأمير مطلع الشهر المقبل بسبب تعديل نظام الانتخابات، الذي يتعين بموجبه الاقتراع على مرشح واحد بدلا من أربعة في النظام القديم.

وفي هذا الصدد، قال النائب الإسلامي السابق خالد السلطان أمام المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة مقابلة لمبنى البرلمان "القضية هي لإبطال حق الشعب الكويتي في المشاركة في السلطة،  وذلك للانفراد بالسلطة والتصرف في ثروات البلد"، حسب تعبيره.

وشدد السلطان على أن المعارضة "لا تنفذ انقلابا ولا خروجا على الحاكم، لا أحد في الكويت ضد آل الصباح".

من جهته، قال النائب الليبرالي السابق مشاري العصيمي إن "القضية هي انتهاك الدستور. اليوم نحن هنا لندافع عن دستورنا".

ولم تسجل أي أعمال عنف في هذه التظاهرة، على عكس التظاهرات الأخيرة التي شهدت مواجهات عنيفة أصيب فيها نحو 150 شخصا و24 شرطيا بجروح.

وقدّر المنظمون عدد المشاركين في تظاهرة الأحد بـ200 ألف شخص، إلا أن مراقبين مستقلين قدروا العدد بـ50 ألفا.

وكانت الكويت قد أصبحت عام 1962 أول دول خليجية تعتمد دستورا وتطلق ديمقراطية برلمانية، لكنها ظلت دائما موضع انتقادات رغم منح البرلمان صلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية، فيما بقيت صلاحية تشكيل الحكومة في يد الأمير وظلت أسرة الصباح تتولى الحقائب الوزارية السيادية.

وشهدت البلاد أزمات سياسية كثيرة، منذ 2006، حل خلالها البرلمان الكويتي تسع مرات.

وحققت المعارضة فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في فبراير/شباط الماضي، إلا أن المحكمة الدستورية ألغت هذه الانتخابات بعد أربعة أشهر وأعادت البرلمان المنتخب عام 2009 الذي كان يسيطر عليه الموالون للحكومة، فما كان من الأمير إلا أن حل البرلمان المعاد ودعا إلى انتخابات جديدة.

وتطالب المعارضة التي يشكل التياران الإسلامي والقبلي مكونها الرئيسي، بإصلاحات ديمقراطية كبيرة، منها الحد من سلطة أسرة الصباح التي تحكم الكويت منذ أكثر من 250 سنة.