مباراة بين الفريقين الأميركيين كولورودو رابيدز (بالزي الخمري) ولوس أنجليس غالاكسي (بالزي الأزرق والأبيض)
مباراة بين الفريقين الأميركيين كولورودو رابيدز (بالزي الخمري) ولوس أنجليس غالاكسي (بالزي الأزرق والأبيض)


تـُعدّ كرة القدم أشهر رياضة في العالم وتستحوذ على العقول والقلوب في كل مكان، إلا أنها ليست مشهورة كثيرا في الولايات المتحدة، وهذه اللامبالاة بكرة القدم أضحت منتشرة أيضا بين الأميركيين من أصول عربية، وحتى بين أولئك الذين كانوا مهووسين بها قبل مجيئهم إلى أميركا.
 
فمعظم الأميركيين لا يستطيعون تسمية لاعب أميركي محترف واحد لكرة القدم، وحين أتى اللاعب البريطاني ديفيد بيكهام للعب مع فريق لوس أنجليس غالاكسي في 2007، أعجب به الأميركيون كرمز للموضة، لكنه لم يستطع أن  يجذب اهتماما كبيرا إلى الرياضة التي يلعبها.
 
وتأتي كرة القدم في المرتبة الخامسة في الولايات المتحدة من حيث الشهرة وعائدات الإعلانات، بعد كرة القدم الأميركية والبيسبول وكرة السلة وهوكي الجليد.
 
فلماذا لا تثير كرة القدم  اهتمام الأميركيين؟ السبب الأساسي هو أن الدقة والتعقيد في الرياضات الأخرى الأكثر شهرة في أميركا تجعل كرة القدم تبدو مملة بالنسبة للأميركيين.
 
يقول محمد سوار الذهب، اللاعب السابق لفريق جورج ميسون باتريوتس: "الأميركيون ينظرون لكرة القدم على أنها رياضة  البليدين، لأنهم يعتقدون، كما أصبحت أعتقد أنا، أنها ليست رياضة محفزة فكريا مقارنة برياضة مثل كرة القدم الأميركية. كوني لاعب سابق لكرة القدم الأميركية، أقول إن الوقت الذي يجب أن تستغرقه لدراسة الخصم وتنسيق الخطط لمباراة قادمة تتطلب أكثر بكثير فكريا وجسديا مما تتطلبه كرة القدم. مثلا، كتاب قواعد اللعب واستراتيجيات الدفاع playbook الذي كان علي دراسته للعب مع فريق جورج ميسون تضمن 250 صفحة، ثم كان علي أن أدرس الخصم لساعات لا تحصى. هذا ينطبق أيضا على البيسبول التي هي أيضا رياضة معقدة".
 
وقد نشأ سوار الذهب في السعودية كمشجع كبير لكرة القدم، وجاء إلى الولايات المتحدة وهو في سن الـ17، "حين بدأت العيش في ثقافة تستهويها كرة القدم الأميركية، وأتيحت لي الفرصة للعب مع الدوري شبه المحترف، غيّرت تحالفي".
 

مباراة كرة القدم الأميركية الكبرى (سوبربول) في فبراير الماضي

​​ويشير سوار الذهب إلى التشويق في ميزة الإعادة الآنية instant replay التي يقوم عليها التحكيم في كرة القدم الأميركية وكرة السلة والبيسبول، كوسيلة لمراجعة المخالفات، على عكس كرة القدم حيث يحكم الحكم بناء على ما يرى بالعين المجردة دون الاستعانة بالإعادة الآنية.
 
ويقول سوار الذهب إن الإعادة الآنية تعطي للمشاهدين فرصة للحكم بأنفسهم: "الأميركيون يحبون التباهي بقدراتهم الفكرية خلال مشاهدة الرياضة بسبب القواعد الكثيرة والتفاصيل التي تتضمنها، إنها وسيلة للتباهي أمام أصدقائك بأنك حددت الجزاء بمشاهدته على الملعب، وحين راجع الحكام الموقف على الشاشات، أكدوا تشخيص الجزاء الذي توقعته، وهذا ما يجعل المشاهد فخورا بنفسه".
 
ويوافقه خالد سكر، وهو مشجع متحمس لكرة القدم الأميركية، ويشير إلى أن أولئك الذين لا يحبون هذه الرياضة لا يفهمونها بسبب تعقيدها. ويضيف: "المفهوم السائد هو أنها لعبة يصارع الرجال فيها بعضهم البعض من غير سبب، لكن حين تفهم التخطيط اللازم وأدوار المراكز المختلفة، تصبح مشاهدة هذه الرياضة أكثر تشويقا".
 
ومن الأسباب الأخرى لعدم اكتراث الأميركيين بكرة القدم برأي سكر أن "لديهم فترات انتباه قصيرة لمشاهدة المباريات، كما ترى في الدعايات التلفزيونية الكثيرة وفترات التوقف، مما يجعل الرياضات الأميركية مناسبة أكثر للمعلنين على التلفزيون. أما كرة القدم فتستمر لمدة 45 دقيقة متواصلة، مما قد يكون سببا في عدم تسويقها بكثافة، لأن فرص تحقيق الأرباح من الدعايات قليلة مقارنة بكرة القدم الأميركية أو الهوكي أو كرة السلة".
 
فالرياضات الأميركية تديرها شركات عملاقة وتحتل أوقات الذروة في المشاهدة على القنوات التلفزيونية الأميركية، وقد يقول قائل إن الشركات لا تسوّق كرة القدم كما تسوق الرياضات الأخرى، غير أن العلاقة بين التسويق والجمهور هي علاقة متبادلة، فلو كان هناك اهتمام كبير بكرة القدم لتسابقت الشركات على الاستثمار فيها.
 
ومن الأسباب الأخرى التي يذكرها بعض الأميركيين لعدم تحمسهم لكرة القدم هو قلة عدد الأهداف في المباريات مقارنة بكرة القدم الأميركية والهوكي والبيسبول وكرة السلة. كما يذكر بعضهم أن قلة العنف الجسدي وعدم استخدام الأيدي في كرة القدم يجعلها أقل شخصية، وكما نقل ذات مرة عن مايك ديتكا، وهو لاعب سابق في بطولة كرة القدم الأميركية NFL مازحا: "لو أراد الله للإنسان أن يلعب كرة القدم، لما خلق لنا أذرعا".
 
غير أن حمى كرة القدم الأميركية التي يصاب بها العرب حين يأتون إلى أميركا لا تقضي تماما على حبهم لكرة القدم، يقول سوار الذهب: "ما زلت أعتقد أن كرة القدم هي الرياضة العالمية للعب وما زلت أتابعها، لكن ليس بالحماس الذي أتابع به كرة القدم الأميركية". ويضيف أن "جمال كرة القدم يكمن في بساطتها، حيث يستطيع أي شخص أن يلعبها، ولا تحتاج إلى معدات خاصة، أو خطط خاصة لكي تلعب مباراة ناجحة".

 
رياضة النساء والأطفال
 
ومع تدني شعبيتها العامة، إلا أن كرة القدم رياضة واسعة الانتشار بين الأطفال في الولايات المتحدة، وقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة ESPN/Luker في مارس/آذار الماضي أنها تأتي في المرتبة الثانية في الشعبية في الفئة العمرية (12 إلى 24 عاما)، بعد كرة القدم الأميركية.
 
ويقول سكر إن الأطفال يستطيعون ممارسة هذه الرياضة  في سن مبكرة لأنها سهلة وغير مؤذية، "غير أنهم حين يصلون إلى المرحلة الثانوية يفقدون اهتمامهم بها لصالح رياضات أخرى مثل البيسبول وكرة القدم الأميركية، ومع ذلك، تستطيع أن تجد أشخاصا يعيدون اهتمامهم بها في الجامعة لأنهم يشجعون فرقا أوروبية أو يمارسون كرة القدم في القاعات الداخلية".
 
ويذكـّر سكر بالمصطلح الأميركي الشائع "أمهات كرة القدم" soccer moms الذي يشير إلى الأمهات اللواتي يمضين جزءا كبيرا من أوقاتهن في مرافقة أطفالهن إلى تدريبات ومباريات كرة القدم.
 
وتعد كرة  القدم للنساء واسعة الشهرة أيضاً، حيث فاز الفريق الوطني الأميركي للنساء بكأس العالم مرتين (1991 و1999)، غير أنها لم تتمكن من الإبقاء على هذه الشعبية بشكل دائم. وفي 30 يناير/كانون الثاني 2012 أعلنت بطولة كرة القدم الاحترافية للنساء أنها علقت موسم عام 2012 بسبب مشكلات عدة داخل المؤسسة. وتعد بطولة كرة السلة للنساء WNBA أشهر بطولة نسائية في أميركا من حيث التغطية الإعلامية والمشاهدة التلفزيونية.
 
لماذا لا يهتم باقي العالم بكرة القدم الأميركية؟
 
إذا كانت كرة القدم الأميركية تلك الرياضة المعقدة والشيقة والمثيرة فكريا، فلماذا لا تلقى اهتماما كبيرا في أنحاء أخرى من العالم؟
 
يقول دستن شيرنياوسكي، وهو كندي، والمدير العام لبطولة الإمارات لكرة القدم الأميركية إن هذه الرياضة تمارس بكثرة في كندا وألمانيا واليابان وتركيا وإنكلترا والعشرات من البلدان الأخرى، "ليس صحيحا أن كرة القدم الأميركية غير مشهورة، لكن بشكل عام فإن شعبية أي رياضة تعتمد بشكل مباشر على الموارد (أي استقطاب اللاعبين وتطويرهم وتسويقهم). والعقود التلفزيونية تلعب دورا كبيرا جدا في جمع الأموال لدعم الرياضة".
 
من جانبه، يشدد سوار الذهب على أن كرة القدم الأميركية رياضة عنيفة تؤدي إلى الكثير من الإصابات وتحتاج إلى تدريب خاص. ويضيف: "الرياضيون الأميركيون الذي يتدربون على رياضة مثل الهوكي أو كرة القدم الأميركية لديهم الوسائل والتوجيهات اللازمة لذلك من الناحية الجسدية، أما في البلدان التي جئنا منها فهذا غير موجود". كما يؤكد على أن تدريب فريق لكرة القدم عملية مكلفة جدا ماليا.
 
أما حسام باني وهو مشجع آخر لكرة القدم الأميركية فيقول إن قواعد اللعبة معقدة جدا بالنسبة لغير الأميركيين، كما أن المباراة تتوقف بشكل متكرر، ويضيف: "لكي تلعب كرة القدم الأميركية عليك أن تشتري معدات خاصة وينبغي أن تكون لديك القوة الجسدية اللازمة. فهي ليست رياضة مصممة للإنسان العادي".
 
ويشير باني أيضا إلى أن كرة القدم في بلدان العالم تتعلق بالاعتزاز والفخر الوطني "حيث يمثل الفريق بلدك في العالم"، كما يذكر أنها تلعب على عدة مستويات، (مستوى البلد والقارة والمستوى العالمي)، "لذا يمكنك أن تتابع الرياضة طوال السنة وليس فقط في الخريف كما هو الحال في كرة القدم الأميركية".
 
نبذة عن كرة القدم الأميركية
 
تـُلعب كرة القدم الأميركية بين فريقين عدد لاعبي كل منهما 11 لاعبا، والغرض منها تسجيل النقاط عن طريق التقدم بالكرة إلى نهاية منطقة الخصم، ويكون ذلك إما بحملها باليد والجري بها أو رميها إلى عضو آخر في الفريق. ويتم تسجيل النقاط حين يصل اللاعب إلى خط هدف الفريق الخصم أو تلقف رمية من لاعب آخر داخل خط الهدف، وفي هاتين الحالتين touchdown  يتم تسجيل ست نقاط، أو ركل الكرة لتتجاوز العمودين الموجودين أعلى نهاية منطقة الخصم field goal  (ثلاثة نقاط)، أو صد الخصم الحامل للكرة عن التقدم بمواجهته جسديا tackle في منطقة خط نهايته (نقطتين). وتـُقسم مباراة كرة القدم الأميركية إلى أربعة أرباع (أشواط) مدة كل شوط 15 دقيقة، وهناك استراحة half-time بعد الشوط الثاني، مدتها 10 إلى 20 دقيقة. لكن إذا بدأت لعبة قبل نهاية الشوط، يسمح لها بأن تستمر حتى نهايتها حتى بعد انتهاء مدة الشوط. ويتوقف العداد أحيانا بعد اللعبة، لذا فإن المباراة قد تستمر أكثر من ثلاث ساعات مع الوقت الضائع.

لاعبو سورية يحتفلون بالتتويج
لاعبو سورية يحتفلون بالتتويج

حظيت سورية التي تعيش منذ نحو عامين نزاعا انعكس موتا ودمارا وخرابا، بفرصة صغيرة للابتسام الخميس، مع إحراز منتخبها الوطني بطولة غرب آسيا لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه.

وفاز المنتخب السوري على نظيره العراقي بنتيجة 1-صفر في نهائي المسابقة المقامة في الكويت، بهدف سجله أحمد الصالح في الدقيقة 73.
 
وقطع التلفزيون الرسمي السوري برامجه ليعلن فوز المنتخب بهذه البطولة التي تقام مرة كل سنتين منذ العام 2000، كما عرض التلفزيون تتويج اللاعبين السوريين باللقب، وبث تهنئة من وزارة الإعلام وحزب البعث العربي الاشتراكي، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية

وفي شريط منفصل، كتبت القناة الرسمية "حتى كرة القدم لم تسلم من القنوات الدموية التي تبث أخبارا كاذبة عن انقطاع التيار الكهربائي واشتباكات في دمشق لتعكير فرحة الشعب بهذا الانتصار"، في إشارة إلى بعض القنوات الفضائية العربية.

وأفادت وكالة "سانا" الرسمية بأن "مواطنين في حلب يحتفلون بفوز سورية ببطولة غرب آسيا لكرة القدم في ساحة سعد الله الجابري".

ودفع النزاع السوري المستمر منذ 21 شهرا، أكثر من 50 لاعب كرة قدم سوري للانتقال إلى البلدان المجاورة، فيما يسعى آخرون للقيام بالأمر نفسه. وسمحت النوادي للاعبيها البارزين بالمغادرة للإفادة من البدلات المالية لانتقالهم. كذلك، انتقل مدربون إلى لبنان والأردن والعراق وسلطنة عمان.

وأدت أعمال العنف أيضا إلى إفراغ المدرجات من المشجعين، في بلاد تعرف بإقبالها على متابعة هذه اللعبة.

وفي موسم 2010-2011، ألغيت مرحلة الإياب من الدوري المحلي، واستعيض عنها بدورة مصغرة بين الفرق الأربعة الأولى في الترتيب، قبل إعلان اثنين منهما الانسحاب. وللمفارقة، أجريت المباراة النهائية بين فريقي الجيش والشرطة، وأحرز الثاني اللقب.

ورفض ناديا مدينتي حمص وإدلب ذات الغالبية المعارضة للنظام، المشاركة في الدوري. وأقيمت غالبية المباريات في العاصمة دمشق أمام مدرجات لم يحضر فيها سوى مئات وأحيانا عشرات المشجعين.