بعد مسيرة طويلة من المفاوضات والعراقيل، تم أخيرا إصدار "إعلان حقوق المرأة" من طرف هيئة الأمم المتحدة للمرأة. وقد وصف العديد من الناشطين الحقوقيين هذا الإعلان بـ"التاريخي"، نظرا للمكاسب العديدة التي جاء بها للمرأة ومحاولة حمايته النساء من كل أشكال العنف.
ويشدد الإعلان على الوقاية من العنف الممارس ضد المرأة والفتيات الصغيرات عبر التوعية والتعليم والتدريب، كما دعا إلى القضاء على عدم المساواة بين الجنسين في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأيضا معاقبة مرتكبي أعمال العنف بشكل صارم.
وبعد مرور أيام قليلة على صدور القرار، اعترضت عشر دول عليه من أبرزها المملكة العربية السعودية ومصر بسبب ما اعتبرته "تنافيا مع القوانين الوطنية أو القيم الدينية أو الثقافية"، بل وذهب كل من علماء السعودية والإخوان المسلمين إلى القول إن الإعلان "يشكل تهديدا لقيم المجتمعات العربية ويعد دعوة صريحة للفساد والدعارة".
ولادة قيصرية لإعلان استثنائي
كان يوم الرابع من شهر مارس/آذار الجاري تاريخيا للمدافعين عن حقوق المرأة. ففي مقر هيئة الأمم المتحدة، اجتمع مبعوثو 133 دولة وأكثر من 300 ممثلا لجمعيات المجتمع المدني عبر العالم من أجل الوصول إلى توافق حول الصيغة النهائية التي سيكون عليها الإعلان التاريخي لحقوق المرأة.
وفي ذلك اليوم وقفت ميشيل باشيليت وهي رئيسة سابقة لتشيلي ومسؤولة شؤون المرأة في الأمم المتحدة لتقول في الجلسة الافتتاحية إنه "بعد مرور عشر سنوات يجب ببساطة ألا نسمح للخلاف أو غياب القرار بتعطيل التقدم لصالح نساء العالم، العالم يراقبنا.. هذا العنف يجب أن يتوقف".
وبهذه الكلمة الحماسية القريبة من الرجاء، دعت جميع المجتمعين إلى ترك خلافاتهم الثقافية والمجتمعية والاهتمام فقط بما تعيشه المرأة عبر العالم من عنف يمارس ضدها كل يوم، فقط "لأنها المكون الأضعف في المجتمع".
وجاءت الخلافات بعد العراقيل التي وضعتها بعض الدول، منها مصر التي اقترحت تعديلا قال مراقبون إنه كان سينسف مشروع الإعلان ككل ويقضي على كل أهدافه. فقد اقترح المصريون السماح للدول بتفادي تنفيذ الإعلان إذا تعارض مع القوانين الوطنية أو القيم الدينية أو الثقافية، ورفعوا مرة أخرى شعار "الخصوصية التي يجب أن تتمتع بها المجتمعات اعتبارا لمرجعياتها الدينية أو تقاليدها أو غيرها".
لكن هذا المقترح تم تجاوزه بسرعة، وتوصل المجتمعون إلى الاتفاق على الصيغة النهائية للإعلان، وحينها قالت ميشيل باشيليت إن "الناس في مختلف أنحاء العالم توقعوا منا القيام بعمل ولم نخذلهم، نعم لقد فعلناها".
ووصفت مديرة الدعم والسياسة في الائتلاف الدولي لصحة المرأة شانون كوفالسكي، الإعلان بأنه "انتصار للنساء والفتيات، لكن كان يمكن أن يذهب إلى مدى أبعد للاعتراف بالعنف ضد المثليات والمتحولات جنسيا".
وأضافت أنه لأول مرة اتفقت الحكومات على اتخاذ خطوات ملموسة لوقف العنف، ولأول مرة اتفقت على التأكد من إمكان حصول النساء اللائي يتعرضن للاغتصاب، حتى من أزواجهن، لخدمات الرعاية الصحية مثل العمليات الطارئة لمنع الحمل والإجهاض الآمن".
بيان ناري للإخوان المسلمين في مصر
لم تتقبل جماعة الإخوان المسلمين، التي تحكم مصر حاليا عن طريق الرئيس محمد مرسي، رفض مقترحها بتعديل نص الإعلان، إذ نشرت بيانا ناريا على موقعها بشبكة الإنترنت يهاجم الإعلان بشدة بعد صدوره بأيام قليلة.
وأضاف الإخوان في بيانهم أن الإعلان سيعطي الزوجات "حقوقا كاملة في إقامة دعاوى قانونية ضد أزواجهن باتهامهم بالاغتصاب أو التحرش الجنسي، وهو ما يلزم السلطات المختصة بإنزال عقوبات بالأزواج، مماثلة لتلك التي ينص عليها القانون في حالة اغتصاب امرأة غريبة أو التحرش بها"، وهو ما اعتبره الإخوان أمرا منافيا لمبادئ الدين التي تدعو إلى وجوب طاعة المرأة لزوجها طاعة عمياء.
وحذرت الجماعة من أن الإعلان "يعطي الفتيات الحرية الجنسية، ويضفي الصبغة القانونية على الإجهاض ويتيح للمراهقات الحصول على وسائل منع الحمل، ويعطي المساواة للنساء في الزواج، ويلزم الرجال والنساء بتقاسم الواجبات مثل رعاية الأطفال والأعمال المنزلية".
وقالت الجماعة إن الإعلان سيسمح "بحقوق متكافئة للمثليين ويوفر الحماية والاحترام للعاهرات"، وسيعطي"حقوقا متكافئة للزوجات الزانيات والأطفال غير الشرعيين الذين يولدون من علاقات الزنا"، والخلاصة أن الجماعة اعتبرت أن الإعلان من الممكن أن "يدمر المجتمع".
علماء السعودية: الإعلان يبيح الزنا ويهدم الشريعة الإسلامية
ممثلو السعودية في الهيئة الأممية شكلوا مع مصر وإيران وليبيا والفاتيكان حلفا "غير مقدس" كما وصفه بعض الدبلوماسيين الذين حضروا جلسات الحوار حول الإعلان، وجاء رد فعل علماء المملكة العربية السعودية سريعا إذ استهجنوا في بيان لهم ما تضمنه الإعلان من "إباحة الزنا، والتشجيعٍ على الانحلال والتفكك الأسري، وإجبار المسلمين على تبديل أحكام الشريعة".
ووصفت رابطة العلماء المسلمين السعوديين الإعلان بأنه "حدث منكر" لأنه يجعل العنف ضد النساء نتيجة حتمية للتمييز بين الجنسين، ومن ثم يأمر بإزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة، وبالمصادقة، دون تحفظ اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز المعروفة بـ"سيداو"، والبروتوكول الملحق بها.
وأضافت الرابطة أن "هذا إن تحقق فإنه سيعرض الدول لانتهاك سيادتها، ويلزمها بتغيير التشريعات أياً كان مصدرها؛ لتحقق المساواة التامَّة بين الجنسين".
ووصفت الرابطة هذا الأمر بـ"ردة عن الإسلام، ومناقضة لمقررات سائر الأديان، وخروج عن الفطرة، ومعارضة للعقل القاضي بالتفريق بين المختلفين"، أي المرأة والرجل.
ومن مخاطر الإعلان كذلك، بحسب البيان، أنه "فتح الباب أمام الأمم المتحدة لتمويل واستقبال التقارير الرسمية، والتعامل المباشر مع مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية الضاغطة على الدولة لتحقيق مقتضى الإعلان".
وأعرب العلماء السعوديون عن أسفهم على موافقة بعض الدول الإسلامية على الإعلان، وانحياز بعض مجموعات حقوق الإنسان العربية لهذا "الضلال"، وطالبها بالتراجع عن موافقتها على الإعلان، والانسحاب من "سيداو"، وغيرها لأنها "مناقضة لمبادئ الدين الإسلامي".
الناس في مختلف أنحاء العالم توقعوا منا القيام بعمل ولم نخذلهم، نعم لقد فعلناها
ميشيل باشيليت
وبعد مرور أيام قليلة على صدور القرار، اعترضت عشر دول عليه من أبرزها المملكة العربية السعودية ومصر بسبب ما اعتبرته "تنافيا مع القوانين الوطنية أو القيم الدينية أو الثقافية"، بل وذهب كل من علماء السعودية والإخوان المسلمين إلى القول إن الإعلان "يشكل تهديدا لقيم المجتمعات العربية ويعد دعوة صريحة للفساد والدعارة".
ولادة قيصرية لإعلان استثنائي
كان يوم الرابع من شهر مارس/آذار الجاري تاريخيا للمدافعين عن حقوق المرأة. ففي مقر هيئة الأمم المتحدة، اجتمع مبعوثو 133 دولة وأكثر من 300 ممثلا لجمعيات المجتمع المدني عبر العالم من أجل الوصول إلى توافق حول الصيغة النهائية التي سيكون عليها الإعلان التاريخي لحقوق المرأة.
وفي ذلك اليوم وقفت ميشيل باشيليت وهي رئيسة سابقة لتشيلي ومسؤولة شؤون المرأة في الأمم المتحدة لتقول في الجلسة الافتتاحية إنه "بعد مرور عشر سنوات يجب ببساطة ألا نسمح للخلاف أو غياب القرار بتعطيل التقدم لصالح نساء العالم، العالم يراقبنا.. هذا العنف يجب أن يتوقف".
وبهذه الكلمة الحماسية القريبة من الرجاء، دعت جميع المجتمعين إلى ترك خلافاتهم الثقافية والمجتمعية والاهتمام فقط بما تعيشه المرأة عبر العالم من عنف يمارس ضدها كل يوم، فقط "لأنها المكون الأضعف في المجتمع".
وجاءت الخلافات بعد العراقيل التي وضعتها بعض الدول، منها مصر التي اقترحت تعديلا قال مراقبون إنه كان سينسف مشروع الإعلان ككل ويقضي على كل أهدافه. فقد اقترح المصريون السماح للدول بتفادي تنفيذ الإعلان إذا تعارض مع القوانين الوطنية أو القيم الدينية أو الثقافية، ورفعوا مرة أخرى شعار "الخصوصية التي يجب أن تتمتع بها المجتمعات اعتبارا لمرجعياتها الدينية أو تقاليدها أو غيرها".
لكن هذا المقترح تم تجاوزه بسرعة، وتوصل المجتمعون إلى الاتفاق على الصيغة النهائية للإعلان، وحينها قالت ميشيل باشيليت إن "الناس في مختلف أنحاء العالم توقعوا منا القيام بعمل ولم نخذلهم، نعم لقد فعلناها".
ووصفت مديرة الدعم والسياسة في الائتلاف الدولي لصحة المرأة شانون كوفالسكي، الإعلان بأنه "انتصار للنساء والفتيات، لكن كان يمكن أن يذهب إلى مدى أبعد للاعتراف بالعنف ضد المثليات والمتحولات جنسيا".
الإعلان يعطي الفتيات الحرية الجنسية، ويضفي الصبغة القانونية على الإجهاض ويتيح للمراهقات الحصول على وسائل منع الحمل
جماعة الإخوان المسلمين
بيان ناري للإخوان المسلمين في مصر
لم تتقبل جماعة الإخوان المسلمين، التي تحكم مصر حاليا عن طريق الرئيس محمد مرسي، رفض مقترحها بتعديل نص الإعلان، إذ نشرت بيانا ناريا على موقعها بشبكة الإنترنت يهاجم الإعلان بشدة بعد صدوره بأيام قليلة.
وأضاف الإخوان في بيانهم أن الإعلان سيعطي الزوجات "حقوقا كاملة في إقامة دعاوى قانونية ضد أزواجهن باتهامهم بالاغتصاب أو التحرش الجنسي، وهو ما يلزم السلطات المختصة بإنزال عقوبات بالأزواج، مماثلة لتلك التي ينص عليها القانون في حالة اغتصاب امرأة غريبة أو التحرش بها"، وهو ما اعتبره الإخوان أمرا منافيا لمبادئ الدين التي تدعو إلى وجوب طاعة المرأة لزوجها طاعة عمياء.
وحذرت الجماعة من أن الإعلان "يعطي الفتيات الحرية الجنسية، ويضفي الصبغة القانونية على الإجهاض ويتيح للمراهقات الحصول على وسائل منع الحمل، ويعطي المساواة للنساء في الزواج، ويلزم الرجال والنساء بتقاسم الواجبات مثل رعاية الأطفال والأعمال المنزلية".
وقالت الجماعة إن الإعلان سيسمح "بحقوق متكافئة للمثليين ويوفر الحماية والاحترام للعاهرات"، وسيعطي"حقوقا متكافئة للزوجات الزانيات والأطفال غير الشرعيين الذين يولدون من علاقات الزنا"، والخلاصة أن الجماعة اعتبرت أن الإعلان من الممكن أن "يدمر المجتمع".
علماء السعودية: الإعلان يبيح الزنا ويهدم الشريعة الإسلامية
ممثلو السعودية في الهيئة الأممية شكلوا مع مصر وإيران وليبيا والفاتيكان حلفا "غير مقدس" كما وصفه بعض الدبلوماسيين الذين حضروا جلسات الحوار حول الإعلان، وجاء رد فعل علماء المملكة العربية السعودية سريعا إذ استهجنوا في بيان لهم ما تضمنه الإعلان من "إباحة الزنا، والتشجيعٍ على الانحلال والتفكك الأسري، وإجبار المسلمين على تبديل أحكام الشريعة".
ووصفت رابطة العلماء المسلمين السعوديين الإعلان بأنه "حدث منكر" لأنه يجعل العنف ضد النساء نتيجة حتمية للتمييز بين الجنسين، ومن ثم يأمر بإزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة، وبالمصادقة، دون تحفظ اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز المعروفة بـ"سيداو"، والبروتوكول الملحق بها.
وأضافت الرابطة أن "هذا إن تحقق فإنه سيعرض الدول لانتهاك سيادتها، ويلزمها بتغيير التشريعات أياً كان مصدرها؛ لتحقق المساواة التامَّة بين الجنسين".
ووصفت الرابطة هذا الأمر بـ"ردة عن الإسلام، ومناقضة لمقررات سائر الأديان، وخروج عن الفطرة، ومعارضة للعقل القاضي بالتفريق بين المختلفين"، أي المرأة والرجل.
ومن مخاطر الإعلان كذلك، بحسب البيان، أنه "فتح الباب أمام الأمم المتحدة لتمويل واستقبال التقارير الرسمية، والتعامل المباشر مع مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية الضاغطة على الدولة لتحقيق مقتضى الإعلان".
وأعرب العلماء السعوديون عن أسفهم على موافقة بعض الدول الإسلامية على الإعلان، وانحياز بعض مجموعات حقوق الإنسان العربية لهذا "الضلال"، وطالبها بالتراجع عن موافقتها على الإعلان، والانسحاب من "سيداو"، وغيرها لأنها "مناقضة لمبادئ الدين الإسلامي".