متظاهرة ترفع يافطة "لا لنظام الكفالة" خلال تحرك في بيروت
متظاهرة ترفع يافطة "لا لنظام الكفالة" خلال تحرك في بيروت



تواجه أكثر من 200 ألف عاملة منزل أجنبية في لبنان ظروفا حياتية ومهنية صعبة، تعرضهن أحيانا للاستغلال والإساءة بسبب نظام الكفالة المطبق عليهن.

وفي هذا السياق، أطلقت سبع منظمات غير حكومية، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، حملة تحت شعار "في شي غلط" تهدف إلى توعية المجتمع حول الآثار السلبية لنظام الكفالة.

وتتواجد العاملات الأجنبيات في لبنان بأعداد كبيرة، ويفرض على عاملة المنزل الأجنبية أن تكون تحت وصاية أصحاب العمل، ويربط  هذا النظام عاملات المنازل الأجنبيات بصاحب عمل واحد. 

وتؤكد غادة جبور، مسؤولة قسم مكافحة الاستغلال والاتجار بالنساء في جمعية "كفى عنف واستغلال" المشاركة في هذا التحرك، أن الهدف من حملة "في شي غلط" هو "توعية المجتمع اللبناني وإيصال رسالة للسلطات" بأن هناك خللا في نظام الكفالة الذي يطبق على العاملات المنزليات وأن هذا الخلل يحد من حقوقهن الأساسية.

وتوضح جبور في حوار مع موقع قناة "الحرة" أن نظام الكفالة هو بمثابة "عرف غير موجود في القوانين المكتوبة في لبنان" وهو يربط العاملة بصاحب عمل معين، ويربط إقامتها في لبنان وإجازة عملها باسم هذا الشخص، وبالتالي يترتب كل وجودها في لبنان على هذا الأساس. 

ولا تستطيع العاملة وفق هذا النظام أن تغير العمل إلا بتنازل خطي من "كفيلها" وهو ما يقيّد كثيرا من حريتها، وبالتالي فإن وضعها ليس كسائر العمال الموجودين في لبنان، ما يضعها في موقع تابع، إذ يجردها من حرية الخيار خصوصا في حالة التعرض للعنف أو استغلال معين، وفق ما توضح جبور.

نظام بديل  

وتدعو الجمعيات المدنية من خلال هذه الحملة إلى استبدال نظام الكفالة بآخر يضمن للعاملات الحق في استلام الأجر الشهري في موعده، والحق في فسخ عقد العمل، والاحتفاظ بجواز السفر والمقتنيات الشخصية، والتغطية الصحية الشاملة، وحقوقها الإنسانية كعاملة، إضافة إلى الحق في ساعات راحة محددة تتضمن نهار عطلة خارج المنزل.
 
وتضيف جبور أن النظام البديل المطروح يفك هذا الرابط بين صاحب العمل والعاملة، ويضعهما في وضع متساو من ناحية حفظ حق صاحب العمل وفي الوقت ذاته حفظ حق العاملة.

قانون العمل اللبناني 

ولا يعتبر العمل المنزلي في لبنان حتى الآن بمثابة "مهنة"، لأن قانون العمل لا يعترف بهذه المهنة، بل يشير في إحدى مواده إلى أن العمل المنزلي لا تنطبق عليه مواد هذا القانون.
وتقول جبور، إن "العاملات الأجنبيات مستثنيات من قانون العمل ومن كل الميزات التي يمنحها مثل الحد الأدنى للأجور، وساعات العمل، وساعات الراحة، والإجازة السنوية، والتغطية الصحية وغير ذلك". 

وتلفت إلى أن نظام الكفالة يطبق على كل العاملات، فإذا طبق من قبل "عائلة تحترم العاملة وتحترم وجودها تكون محظوظة، وإنما إذا اختيرت للعمل عند عائلة لا تحترم الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية يكون من الصعب على هذه العاملة تحصيل حقوقها لأنها في الأساس لا تقوم بهذه المهنة في إطار قانون العمل".

توثيق حالات

تتعرض العاملة في لبنان إلى أنواع عنف كثيرة، وتؤكد جبور أن ثمة تقارير دولية ومحلية قامت بتوثيق ظاهرة العنف ضد العاملات، إلا أنها تلفت إلى غياب إحصاءات دقيقة لأن هذه الحالات تحصل خلف جدران المنازل. كما أن بعض الحالات التي جمعت بعد تحقيقات تشير إلى أن 80 في المئة من أصحاب العمل يسحبون جوازات السفر من العاملة.

إضافة إلى تسجيل شكاوى أخرى مثل الاستغلال، وتحديدا بعدم دفع الأجور، وإغلاق مداخل المنازل على العاملات، وحصرهن بالداخل، والعنف الجسدي والجنسي، وفق ما تؤكد جبور. 


عاملتان أجنبيتان في لبنان خلال تحرك للمناهضة بالتمييز ضدهن

ووفقا لإحصاءات جمعية العاملين الأجانب في لبنان فإن 99 في المئة من العاملات الأجنبيات محرومات من حرية التنقل، و 65 في المئة يعملن لأكثر من 11 ساعة في اليوم، و52 في المئة يتعرضن  لتعبيرات مهينة، و34 في المئة لا يمنحن إجازة، كما أنه لا يسمح لـ31 في المئة منهن بمغادرة المنزل، و14 في المئة  يتعرضن لسوء المعاملة جسديا، فيما يتم الاعتداء جنسيا على 7 في المئة. 

وفي ضوء هذه الأرقام، تؤكد جبور أن تعديل قانون العمل هو مطلب العديد من الجمعيات، فإذا تغيّر نظام الكفالة إلى نظام يحترم حقوق صاحب العمل وحقوق العاملة سيحصل التغيير.

وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يؤدي إلى وقف المشاكل نهائيا، إلا أنه يمنح العاملة شعاع أمل للمطالبة بحقها ورفع دعوى للخروج من منزل صاحب العمل، على حد قول جبور.  

وتضيف أن الحل لا يكمن فقط في تعديل قانون أو نظام، بل يكمن أيضا في "تغيير نظرة  المجتمع إلى العاملة".

وبمناسبة عيد العمال الذي يصادف الأول من مايو/ أيار في لبنان، ستنظم مظاهرة عنوانها "في شي غلط" وهدفها إشراك عاملات أجنبيات في هذا التحرك لمطالبة السلطات اللبنانية المعنية بإلغاء نظام الكفالة.