مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في أوكرانيا-أرشيف
مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في أوكرانيا-أرشيف

ككرة الثلج تدحرجت الأزمة الأوكرانية. تظاهرات فمواجهات مع القوى الأمنية وسقوط قتلى ثم توسع سيطرة المعارضين لحكم الرئيس المقرّب من روسيا فيكتور يانوكوفيتش وصولا إلى عزله وتغير الوجه السياسي للبلد.
 
وكما في كل المفاصل التاريخية في أوكرانيا، لم تقتصر الأزمة على نزاع داخلي فحسب، بل توسعت لتصل إلى ما يبدو أنها أزمة دولية ناشئة بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.

لماذا حدث ذلك؟ وما هي التداعيات؟ هنا بعض أسئلة وأجوبة حول الموضوع.
 
·      ما سبب الأزمة الأوكرانية الأخيرة؟
 
اندلعت التظاهرات في تشرين الثاني/نوفمبر بدءا من كييف، بعدما رفض الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش اتفاقية تؤمن المزيد من التقارب الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي لصالح التقارب مع روسيا.

لكن للأزمة جذورها. فأوكرانيا بلد متعدد الإثنيات والأعراق والأديان واللغات. وهو منقسم بين شرق يتكلم سكانه الروسية ويرون في روسيا بلدهم الأم، ويانوكوفيتش واحد من هؤلاء، وبين غرب يتكلم اللغة الأوكرانية ويدعو إلى الانضمام لأوروبا.

الانقسام إذاً سياسي ثقافي اقتصادي ويجد عمقه في أزمة الهوية التي يعيشها البلد الذي نال استقلاله في عام 1991 بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق.
 
·      لماذا روسيا مهتمة بأوكرانيا إلى هذه الدرجة؟
يعتبر محللون أن أوكرانيا هي التي تصنع صورة روسيا كقوة عظمى أو هي التي تكسر هذه الصورة، ويضيفون أن  روسيا من دون أوكرانيا هي مجرد بلد بينما روسيا مع أوكرانيا هي إمبراطورية.
 
·      ما هي القرم؟ ولماذا يتردد هذا الاسم كثيرا في الأزمة الناشئة؟
حسب مقال منشور في موقع CNN فالقرم شبه جزيرة تقع في جنوب أوكرانيا، وهي جزء من هذا البلد يتمتع بحكم ذاتي. لمئات السنين ظلت روسيا مهتمة بالقرم، ممرها إلى البحر الأسود. ومع أن روسيا رغبت بضم القرم إليها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، إلا أنها بقيت أوكرانية.

تتواجد ثلاث إثنيات في شبه الجزيرة هذه: أوكرانيون في الشمال وروس في الجنوب وتتار في الوسط. وهؤلاء عانوا من حكم الرئيس جوزف ستالين ومن الحقبة الروسية برمتها.
 
وهناك قاعدة للبحرية الروسية في القرم. من هناك يمكن لهذه القوات البحرية أن تصل إلى البحر الأبيض المتوسط. القرم اليوم هي تحت السيطرة الكاملة للقوات الروسية.
 
·      هل وجود القوات الروسية في القرم قانوني؟
 
روسيا تقول إنه يحق لها إبقاء 25 ألف جندي من قواتها على شبه الجزيرة بينما تقول السلطات الجديدة في البلاد إنه لا يوجد مثل هذه الاتفاقية، وتواجد القوات الروسية في القرم عمل عدائي.
 
·      ما هي عواقب تدخل روسيا عسكريا في أوكرانيا؟

يرى العديد من الخبراء أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا يمكن أن يكلف روسيا غاليا دبلوماسيا واقتصاديا.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هددا روسيا بعقوبات اقتصادية قاسية في حال تدخلت في أوكرانيا.

كما هددت واشنطن باستبعاد روسيا من مجموعة الثماني، الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الاقتصاد الروسي الذي يواجه صعوبات فعلية.
 
وتقول محللة في بنك برنبرغ الألماني إن "الاقتصاد الروسي غير فاعل. دورة سوتشي للألعاب الاولمبية كانت باهظة الكلفة وأي مغامرة عسكرية أو  توتر في العلاقات مع الغرب يمكن أن يكلف روسيا أكثر مما تستطيع تحمله على المدى البعيد" وتشير إلى أنه بالنسبة للأزمة الأوكرانية فإن "الخطر الرئيسي سيكون في النهاية على روسيا نفسها".
 
·      هل ستكون الأزمة الأوكرانية سببا في اندلاع حرب باردة ثانية؟

تذكر الأزمة الأوكرانية بالفعل بحقبة الحرب الباردة. وواشنطن أصبحت مدركة بشكل متزايد بأن السياسة الخارجية التي يعتمدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعارض مع مصالحها.
 
ويرى ديمون ويلسون نائب رئيس مجموعة الأبحاث "مجلس الأطلسي" أن "السياسة الخارجية الحالية للروس تقوم على استعادة بعض النفوذ والهيبة الروسية في العالم".

وينتهج بوتين هذه الاستراتيجية عبر اختبار حدود التأثير الأميركي. والإدارة الأميركية لا تخفي أيضا انزعاجها من الطموحات الجيوسياسية التي عادت موسكو للعمل عليها، وهو موضوع حساس أساسا منذ حرب صيف 2008 في جورجيا، الدولة التي أرادت الخروج من فلك سياسة موسكو.

وبوتين وبعد ثلاث سنوات من التهدئة النسبية مع واشنطن خلال فترة تولي ديمتري ميدفيديف السلطة، وضع حدا لهذه السياسة الهادئة بعيد عودته إلى الكرملين. ويبدو أن روسيا تتجه مجددا إلى الصراع مع الحرب على كل ملف. الحرب الباردة الثانية ليست مستبعدة.

·      ما هو مستقبل الأزمة الأوكرانية؟
 
من الصعب تكهن ما ستؤول إليه الأمور. لكن وصول قادة متمسكين في المقام الأول بربط مستقبلهم بأوروبا وليس بروسيا، يعتبر مشكلة جدية للرئيس فلاديمير بوتين الذي يحلم بإبقاء أوكرانيا في فلك روسيا. وللتأثير على سياسة أوكرانيا تملك روسيا وسائل عدة بحكم الروابط القوية جدا بين اقتصادي البلدين.

وكانت روسيا هددت بأنها ستزيد الرسوم الجمركية على المنتجات الواردة من أوكرانيا إن اقتربت كييف من الاتحاد الأوروبي. كذلك أدانت موسكو التدابير المعادية لروسيا التي اتخذتها السلطات الجديدة في كييف، كما أدانت المنحى "الدكتاتوري والأساليب الإرهابية" في أوكرانيا. وأول نتيجة لتغيير الحكم في كييف ستكون على ما يبدو توقيع اتفاق مع الاتحاد الأوروبي والتخلي عن اتفاق التقارب مع موسكو الذي وقعه الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش.

أما الرئيس الأوكراني بالوكالة ألكسندر تورتشينوف فأعلن أن الاندماج الأوروبي يشكل "أولوية" لأوكرانيا ودعا موسكو إلى احترام "الخيار الأوروبي" لأوكرانيا.

والمعطيات الجديدة في أوكرانيا "البلد الشقيق لروسيا" حسب تعبير لفلاديمير بوتين، ينهي حلم الرئيس الروسي بتشكيل اتحاد اقتصادي للدول التي كانت في بوتقة الاتحاد السوفياتي السابق، لمنافسة ليس فقط الاتحاد الأوروبي بل والولايات المتحدة والصين.

وهذا المشروع الذي يعتبر من الأهداف الرئيسية للرئيس بوتين خلال سنوات حكمه الـ14 حسب العديد من المراقبين، قد يجرد من معناه في غياب أوكرانيا التي تعد 46 مليون نسمة وتملك قدرات كبيرة زراعية وصناعية.

المؤشرات تدل على أن الأزمة ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، والحلول تبدو أكثر تعقيدا، خاصة أن العالم برمته الآن موجود في الملعب الأوكراني، ولا أحد يمكنه أن يدعي استحواذه على الكرة.

المصادر: وكالات


		وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء إثر لقائه نظيره الأميركي جون كيري أنهما "توافقا على مساعدة الأوكرانيين في تنفيذ اتفاقات 21 شباط/فبراير" التي تم التوصل إليها في كييف.

وصرح لافروف من باريس وفق مشاهد بثتها قناة "روسيا 24" التلفزيونية العامة "توافقنا على ضرورة مساعدة جميع الأوكرانيين في تنفيذ الاتفاقات التي وقعت في 21 شباط/فبراير".

لافروف يرفض لقاء وزير الخارجية الأوكراني

وأعلنت مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رفض لقاء نظيره الأوكراني اندريه ديشتشيتسا الأربعاء في العاصمة الفرنسية ما دفع الأخير إلى مغادرة فرنسا قبل أن يغير رأيه.

وقالت السفارة الأوكرانية في باريس لوكالة الصحافة الفرنسية إنه رغم الضغوط البريطانية والأميركية "رفض سيرغي لافروف لقاء" اندريه ديشتشيتسا فقرر الأخير مغادرة باريس والعودة إلى أوكرانيا، ولكن حصل لاحقا "تعديل في البرنامج" بحسب السفارة.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت في وقت سابق أن الوزير الأوكراني لم يغادر فرنسا، علما بأنه وصل مساء الثلاثاء إلى باريس في طائرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري آتيا من كييف.

وقال مسؤول أميركي رافضا كشف هويته أن وزير الخارجية الأوكراني "لم يغادر ويعتزم البقاء في باريس لاجراء مشاورات أخرى".
 
كيري دعا لافروف لاجراء مباحثات مباشرة

دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء إلى إجراء محادثات مباشرة حول الأزمة في منطقة القرم مع وزير الخارجية في الحكومة الأوكرانية الانتقالية.

وأطلق كيري تلك الدعوة على هامش اجتماع دولي يعقد حول لبنان في باريس.

وصرح مسؤول بارز في وزارة الخارجية أن "الوزير كيري أجرى مباحثات قصيرة على هامش الاجتماع مع وزير الخارجية لافروف بعد نقاش هامشي أوسع أجرياه مع وزراء خارجية آخرين".

وأضاف أن كيري "دعا إلى إجراء محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا. وسيلتقي الوزيران مرة أخرى خلال نحو الساعة لمواصلة مناقشاتهما".

كيري يلتقي لافروف في باريس

عقد وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف الأربعاء لقاء تناول الأزمة الأوكرانية إثر اجتماع حول لبنان في حضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
 

وفي ختام غداء عمل لمجموعة الدعم الدولية للبنان، التقى كيري ولافروف على شرفة القصر الرئاسي في حضور نظيريهما الفرنسي لوران فابيوس والألماني فرانك فالتر شتاينماير بحسب مراسل فرانس برس. وأوضح مصدر دبلوماسي أن اللقاء تناول الأزمة الأوكرانية.


كيري..لن نسمح بحمام دم في أوكرانيا

وأكد وزير الخارجية الروسي الأربعاء أن موسكو "لن تسمح بحمام دم" في أوكرانيا، في وقت أعلن مصدر دبلوماسي أن 15 دولة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستشارك في بعثة مراقبين عسكريين في أوكرانيا.

وقال لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيره الإسباني خوسي مانويل غارسيا مارغايو إن بلاده لن تسمح بأي اعتداء على حياة وسلامة سكان أوكرانيا، ولا على الروس الذين يعيشون على أراضيها.

وجدد  الوزير الروسي التأكيد على أن موسكو "لا تملك أي سلطة" على "قوات الدفاع الذاتي" المنتشرة في شبه جزيرة القرم حيث تنتشر قوات روسية.

وقال لافروف ردا على سؤال عما إذا كانت روسيا ستسحب "القوات الموالية للروس" من القرم "نريد توضيح ما هي القوات الموالية للروس. إن كانت قوات الدفاع الذاتي التي شكلها سكان القرم، فنحن لا نملك أي سلطة عليها. وهي لا تتلقى أي أمر من جانبنا".

وأردف قائلا إن العسكريين الروس في أسطول البحر الأسود موجودون في مكان خدمتهم.

في المقابل، أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أن القوات الروسية سيطرت جزئيا على قاعدتين لإطلاق الصواريخ في شبه جزيرة القرم، وأوضح أن مركز قيادة ومراقبة القاعدة غرب القرم لا يزالان تحت السيطرة الأوكرانية.

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد اتهم روسيا الثلاثاء بأنها تريد "ذريعة للتمكن من اجتياح أوكرانيا"، وحذرها من خطر تعرضها لعزلة إذا استمرت في سياستها.

مراقبون عسكريون إلى أوكرانيا

في سياق متصل، أعلن مصدر دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء أن 15 دولة عضوا في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستشارك في بعثة مراقبين عسكريين في أوكرانيا.

وقال المصدر إن البعثة تشمل مراقبين من الولايات المتحدة ودول أوروبية وأخرى من آسيا الوسطى، من دون أن يوضح موعد إرسال أعضاء البعثة وعددهم.

وطلبت أوكرانيا إرسال مثل هذه البعثة من الخامس إلى الـ12 من آذار/مارس، وفق ما كشفت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقدّم الطلب في إطار وثيقة فيينا التي تم تبنيها في 1990.

وأوضحت متحدثة باسم المنظمة ومقرها فيينا لوكالة الصحافة الفرنسية أن المراقبين عسكريون لكنهم غير مسلحين، مشيرة إلى أنهم لن يتوجهوا بصفة جنود.

ويمكن لكل دولة تريد المشاركة في هذا النوع من المهمات، أن ترسل حتى مراقبين عسكريين اثنين ما يسمح بالقول إن نحو 30 مراقبا سيتوجهون إلى أوكرانيا.

وأوضحت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن هذا النوع من المهمات "أمر معتاد"، وقالت المتحدثة إنه خلال  السنوات الـ15 الأخيرة كان هناك ما يقارب 90 بعثة من هذا النوع.

اجتماع طارئ للاتحاد الأوروبي

ويعقد الاتحاد الأوروبي قمة طارئة الخميس حول التطورات في أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي مايا كوسياتسيش إن رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبي دعا إلى عقدها لبحث كيفية وقف تصعيد الأزمة الراهنة.

وأضافت لـ"راديو سوا" "أعلنوا أنهم سيبحثون تدابير محددة، بعبارة أخرى بإمكاني القول إنهم سينظرون في اتخاذ خطوات ملموسة للغاية أو حتى فرض عقوبات إذا بقي الوضع على حاله من التصعيد".  


المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية وراديو سوا