وكما في كل المفاصل التاريخية في أوكرانيا، لم تقتصر الأزمة على نزاع داخلي فحسب، بل توسعت لتصل إلى ما يبدو أنها أزمة دولية ناشئة بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
· ما سبب الأزمة الأوكرانية الأخيرة؟
لكن للأزمة جذورها. فأوكرانيا بلد متعدد الإثنيات والأعراق والأديان واللغات. وهو منقسم بين شرق يتكلم سكانه الروسية ويرون في روسيا بلدهم الأم، ويانوكوفيتش واحد من هؤلاء، وبين غرب يتكلم اللغة الأوكرانية ويدعو إلى الانضمام لأوروبا.
الانقسام إذاً سياسي ثقافي اقتصادي ويجد عمقه في أزمة الهوية التي يعيشها البلد الذي نال استقلاله في عام 1991 بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق.
· لماذا روسيا مهتمة بأوكرانيا إلى هذه الدرجة؟
· ما هي القرم؟ ولماذا يتردد هذا الاسم كثيرا في الأزمة الناشئة؟
حسب مقال منشور في موقع CNN فالقرم شبه جزيرة تقع في جنوب أوكرانيا، وهي جزء من هذا البلد يتمتع بحكم ذاتي. لمئات السنين ظلت روسيا مهتمة بالقرم، ممرها إلى البحر الأسود. ومع أن روسيا رغبت بضم القرم إليها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، إلا أنها بقيت أوكرانية.
· هل وجود القوات الروسية في القرم قانوني؟
· ما هي عواقب تدخل روسيا عسكريا في أوكرانيا؟
يرى العديد من الخبراء أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا يمكن أن يكلف روسيا غاليا دبلوماسيا واقتصاديا.
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هددا روسيا بعقوبات اقتصادية قاسية في حال تدخلت في أوكرانيا.
كما هددت واشنطن باستبعاد روسيا من مجموعة الثماني، الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الاقتصاد الروسي الذي يواجه صعوبات فعلية.
· هل ستكون الأزمة الأوكرانية سببا في اندلاع حرب باردة ثانية؟
تذكر الأزمة الأوكرانية بالفعل بحقبة الحرب الباردة. وواشنطن أصبحت مدركة بشكل متزايد بأن السياسة الخارجية التي يعتمدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعارض مع مصالحها.
وينتهج بوتين هذه الاستراتيجية عبر اختبار حدود التأثير الأميركي. والإدارة الأميركية لا تخفي أيضا انزعاجها من الطموحات الجيوسياسية التي عادت موسكو للعمل عليها، وهو موضوع حساس أساسا منذ حرب صيف 2008 في جورجيا، الدولة التي أرادت الخروج من فلك سياسة موسكو.
وبوتين وبعد ثلاث سنوات من التهدئة النسبية مع واشنطن خلال فترة تولي ديمتري ميدفيديف السلطة، وضع حدا لهذه السياسة الهادئة بعيد عودته إلى الكرملين. ويبدو أن روسيا تتجه مجددا إلى الصراع مع الحرب على كل ملف. الحرب الباردة الثانية ليست مستبعدة.
وكانت روسيا هددت بأنها ستزيد الرسوم الجمركية على المنتجات الواردة من أوكرانيا إن اقتربت كييف من الاتحاد الأوروبي. كذلك أدانت موسكو التدابير المعادية لروسيا التي اتخذتها السلطات الجديدة في كييف، كما أدانت المنحى "الدكتاتوري والأساليب الإرهابية" في أوكرانيا. وأول نتيجة لتغيير الحكم في كييف ستكون على ما يبدو توقيع اتفاق مع الاتحاد الأوروبي والتخلي عن اتفاق التقارب مع موسكو الذي وقعه الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش.
أما الرئيس الأوكراني بالوكالة ألكسندر تورتشينوف فأعلن أن الاندماج الأوروبي يشكل "أولوية" لأوكرانيا ودعا موسكو إلى احترام "الخيار الأوروبي" لأوكرانيا.
والمعطيات الجديدة في أوكرانيا "البلد الشقيق لروسيا" حسب تعبير لفلاديمير بوتين، ينهي حلم الرئيس الروسي بتشكيل اتحاد اقتصادي للدول التي كانت في بوتقة الاتحاد السوفياتي السابق، لمنافسة ليس فقط الاتحاد الأوروبي بل والولايات المتحدة والصين.
وهذا المشروع الذي يعتبر من الأهداف الرئيسية للرئيس بوتين خلال سنوات حكمه الـ14 حسب العديد من المراقبين، قد يجرد من معناه في غياب أوكرانيا التي تعد 46 مليون نسمة وتملك قدرات كبيرة زراعية وصناعية.
المؤشرات تدل على أن الأزمة ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، والحلول تبدو أكثر تعقيدا، خاصة أن العالم برمته الآن موجود في الملعب الأوكراني، ولا أحد يمكنه أن يدعي استحواذه على الكرة.
المصادر: وكالات