من الإعلان الترويجي لفيلم "المقابلة"
من الإعلان الترويجي لفيلم "المقابلة"

بدأت مواقع إنترنت ودور سينما عرض فيلم "The Interview” الذي أثار غضب كوريا الشمالية، وكان سببا في هجوم واسع لقراصنة كوريين على شركة "سوني بيكتشرز".

وقد أثار الفيلم جدلا حول حرية التعبير، فقد تراجعت "سوني" عن عرضه بعد استهدافها. ثم غيرت الشركة رأيها وأتاحته للجمهور. 

شاهد الإعلان الترويجي للفيلم:

​​

المقابلة.. مؤامرة كاريكاتورية

موضوع فيلم "المقابلة" جدي، فهو يدور حول مؤامرة لاغتيال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، لكن الفيلم يعالج الموضوع بمنطق الكوميديا، ويسخر من الجميع.. من الزعيم المفترض الذي حمل إرث أبيه ومسؤولية أكبر من قدراته، ومن بطليه الصحافيين اللذين يلهثان وراء ملذاتهما ووراء المواضيع الجنسية المثيرة.

الفيلم من أنواع الكوميديا السياسية التقليدية، تناول خفيف للمؤامرة، بلا جدية حتى في أهم الفواصل الزمنية القاطعة.

قصة خفيفة تستجدي إضحاك المشاهد، مع بعض المواعظ السياسية والنفسية.

ديف (جيمس فرانكو)، صحافي أميركي لا يعنيه سوى تحقيق الشهرة من خلال متابعة أخبار المشاهير المثيرة، يقدم هو ومنتجه أرون (سيث روغن) برنامجا حواريا "توك شو" عنوانه Dave Skylark.

يظهر مغني الراب الأميركي إيمنيم في البرنامج ليتحدث عن مسيرته الفنية.. جملة صغيرة وسط المقابلة يشير فيها إلى ميوله الجنسية المثلية، يلتقطها ديف، يركز عليها، يضخمها، ثم يحتفل بالسبق الصحافي.

يتلقى ديف وأرون اتصالا هاتفيا من بيونغ يانغ يخبرهما أن Dave Skylark من البرامج المفضلة لكيم جونغ أون، ويطلب منهما إجراء مقابلة صحافية مع الرئيس.

"المقابلة التاريخية" فرصة للصعود درجة أخرى على سلم المجد، يعتقد الزميلان، لكن عميلة الاستخبارات المركزية (ليزي كابلان) كان لها رأي آخر.

تزورهما، يختلسان النظر في تفاصيل جسد العميلة "الجذابة". يفاجآن بطلب إنجاز مهمة تخليص العالم من الزعيم الذي يعاني منه الجميع.. في النهاية يوافقان على التنفيذ.

ضعف إنساني واضح

توطدت صداقة الصحافي الأميركي ديف والزعيم الكوري، يلعبان معا كرة السلة، وكلاهما يحب مشروب المارغريتا، وسماع المغنية كايتي بيري. يتأثر ديف ببساطة كيم، ويظن أن التقارير الإعلامية عنه مبالغ فيها.

في أحد خطوط الفيلم الجادة، يقول ديف لكيم "والدي قال لي ذات مرة إنه محبط لأني لم أفعل الكثير في حياتي" يرد كيم "وأنا أبي حمّلني الراية بعد وفاته بينما لم أتجاوز 31 عاما".

سطور قليلة تكشف "الضعف النفسي" للزعيم الأوحد والإله، في نظر شعبه.

يذكـّر أرون زميله ديف بالمهمة التي جاءا من أجلها، لكن الأخير يطلب إعادة النظر... وتدخل الأحداث منعطفا مختلفا..

موسيقى مرعبة. يدخل ديف أحد المتاجر. يكتشف الصديق الجديد للزعيم الكوري أن الفاكهة "الوفيرة" في المتجر غير حقيقية.

يصرخ ممتعضا "كل شيء مزيف وزعيم مزيف".. فالملايين يموتون جوعا، والملايين في معسكرات الاعتقال..

"الكلمة لا السلاح"

موظفة القصر، التي تنشق عن الزعيم الكوري، تبلغ صديقها الجديد أرون أن السبيل لإسقاط كيم هو الكلمة لا السلاح.

يرتب الثلاثة لمقابلة تلفزيونية يجريها ديف. يرتب الزعيم محتوى المقابلة التي ستقدمه كمـُلهم وفنان، لكن في لحظة فارقة يواجهه ديف بأسئلة مغايرة، "لماذا يجوع شعبك؟"

الزعيم "الرب الإله" يبكي أمام الملايين، ووراء الكاميرا صراع على قطع البث. تنقسم عناصر حمايته بين مؤيد ومعارض له.

الملايين على الشاشات مصدومون.. إذ كيف يبكي زعيمهم؟ زعيمهم لم يعد زعيما، زعيمهم ليس ربهم الأعلى.

يقتل كيم قبل إسدال الستار في مشهد تقليدي لانفجار مروحيته العسكرية.

تتصاعد روح الفكاهة من جديد، وهي التي لم تغب حتى في أكثر المشاهد جدية. الآن، ديف وأورن أمام حشد جماهيري في بلديهما.

يقول ديف "لقد أشعلنا ثورة".

وعلى التلفاز، تبدو منشقة القصر الكورية الشمالية تقود التظاهرات.

من خلال كوميديا سياسية خفيفة تريد إضحاك المشاهد يسدل الستار على الديكتاتورية، ويوضع حجر الأساس للثورة على الطغيان...

كوميديا تسخر من الظلم ومن التأخر عن ركب الإنسانية والحضارة، لكنه من نوعية الأفلام التي لا ينصح بمشاهدتها للأطفال، فهوي يحتوي على العديد من الألفاظ والتلميحات الجنسية، ومشاهد العري، والعنف، وتعاطي المخدرات.

حرية التعبير

سلط الفيلم من جانب آخر، ودون قصد، الضوء على قضيتين أخيرتين: حرية التعبير في الولايات المتحدة من جهة، وظهور غوغل كمنافس قوي لشركات تحميل الأفلام المدفوعة الأجر من جهة أخرى.

فبعد الهجوم الإلكتروني على شركة "سوني بيكتشرز"، وتحميل كوريا الشمالية المسؤولية، أعلنت الشركة منع عرض الفيلم في أكثر من 2500 دور سينما.

ورأى ممثلون ومخرجون في هذه الخطوة مساسا خطيرا بحرية التعبير وانتصارا للإرهاب.

وبسبب هذه الانتقادات، تراجعت الشركة وقررت عرض الفيلم، في خطوة أشاد بها الرئيس باراك أوباما ورواد سينمائيون ومواطنون عاديون.

حضر العرض يوم الأربعاء بطل الفيلم روغن ومساعد المخرج إيفان غولدبرغ في إحدى دور السينما في لوس أنجلس، وشكرا المشاهدين ودور السينما التي تعرضه.

وقال روغن لحشد من المشاهدين "اعتقدنا أن هذا لن يحدث مطلقا" في إشارة لعرض الفيلم.

الفيلم دفعة قوية لغوغل

الفيلم متاح عبر الإنترنت في الولايات المتحدة عبر موقعي غوغل بلاي ويوتيوب موفي التابعين لغوغل، ولعملاء موقع إكس بوكس فيديو الذي يتبع شركة مايكروسوفت، وأيضا على موقع سوني.

في تقرير لها حول الجانب التسويقي للفيلم، كتبت وكالة رويترز أن قرار غوغل عرض الفيلم ربما يساعد موقعها يوتيوب في الظهور كمنافس قوي لمواقع التحميل المدفوع الأجر مثل نتفليكس وأمازون.

ورأى جيمس مكيوفي محلل شؤون المنصات الالكترونية بشركة "فوريستر ريسيرش" أن الخطوة "فرصة عظيمة" لموقع يوتيوب كي يظهر للعالم أنه ينشر محتويات مهنية ومحتويات مدفوعة الأجر، على عكس اعتقاد غالبية الناس من أن الموقع الشهير هو موقع للمحتويات المجانية فقط.

كما أن رسالة غوغل، بحسب مكيوفي، إلى شركات الانتاج الفني الأخرى هي "نحن أقوياء الآن وبمقدورنا فعل هذا. لسنا خائفين (من الهجمات الإلكترونية) ولدينا جمهور كبير".

عزز يوتيوب نفسه كمستودع للمقاطع الذاتية المصورة، وخطى أيضا خطوات نحو المحتويات الأكثر احترافية، فقد أطلق الشهر الماضي خدمة "يوتيوب ميوزيك كي" التي توفر للمشتركين حرية الوصول المدفوع الأجر للمحتويات الموسيقية الأصلية الكاملة من دون إعلانات.

يزور يوتيوب شهريا أكثر من مليار مستخدم، لكنه لا يزال مع ذلك، خلف مواقع مثل أمازون ونتفليكس وآبل، بالنسبة لخدمات المحتويات المدفوعة الأجر.