دارين ويلسون
دارين ويلسون

ارتبط اسم الضابط السابق دارين ويسلون، 29 عاما، بأحداث مدينة فيرغسون، التي أعقبت مقتل الشاب الأسود مايكل براون، وتجددت الأيام الماضية بعد مرور عام على تلك الأحداث.

وأوردت صحيفة ذا نيويوركر تقريرا مطولا للصحافي جيك هيلبرين عن حياة دارين، استند إلى عدة أيام قضاها الصحافي خلال شهر آذار/ مارس الماضي بمقر إقامته غير المعروف.

ويقول الصحافي إن دارين، الذي ينحدر من ولاية تكساس، يعيش حياة هادئة وحذرة مع زوجته بارب،37 عاما، وابنتهما المولودة حديثا. ونادرا ما يخرج الزوجان إلى الحديقة الأمامية للمنزل إلا في حالات الضرورة القصوى.

تبرئة دارين

في أعقاب مقتل براون، قدمت وسائل إعلام أميركية الأدلة على أن الضحية كان مستسلما قبل لحظات من إطلاق النار عليه. وأكدت تقارير أخرى أن دارين كان بمقدوره عدم قتل مايكل.

غير أن وزارة العدل الأميركية أصدرت تقريرا أكدت فيه أن دارين استخدم القوة "بشكل مشروع"، وأنه "لم ينتهك حقوق القتيل المدنية".

وقد دافع العديد من زملاء دارين عن تصرفه كشرطي في منطقة "شديدة الخطورة"، بل إن البعض دعا إلى ضرورة "معاملته كبطل".

حياة غير مستقرة

وشرح دارين الأزمات التي مر منها عقب مقتل براون واستقالته من العمل في جهاز الشرطة. يقول إنه تلقى تهديدات بإيذاء زوجته، وهي أيضا ضابطة سابقة، أثناء حملها، ما اضطره إلى عدم تسجيل اسمها في المستشفى، خلال وضعها الطفلة.

وأصبحت حياته المهنية غير مستقرة، فهو اليوم عاطل عن العمل، وجميع الأماكن التي يتقدم للعمل بها لا تستطيع قبوله، لأنه يشكل الآن عبئا كبيرا و"مسؤولية".

طفولة مضطربة

تؤكد صحيفة ذا نيويوركر أن دارين عاش طفولة صعبة، بسبب والدته، التي خلفت وراءها تركة ثقيلة من السرقات وارتكاب المخالفات، حتى توفيت بشكل مفاجئ عام 2002.

وأضافت الصحيفة أن "وفاة والدته ترك أثرا كبيرا على حياته، فقد أهمل دروسه وقضى أوقاتا بصحبة رفقاء السوء، لكنه تخرج وحصل على وظيفة في مجال البناء بمقاطعة سانت لويس التي انتقل إليها مع عائلته في سن المراهقة".

وبسبب الأزمة الاقتصادية عام 2008، فقد وظيفته ووجد صعوبة في الحصول على وظيفة أخرى، لكن سرعان ما تم قبوله بأكاديمية "إيسترين ميزوري" للشرطة، وبالتالي حصل على فرصة عمل "ثمينة" في وقت الكساد.

يقول معارف دارين في شهاداتهم إنه تمكن من تجاوز أزمة وفاة والدته، ووجد هدفا للحياة حينما تخرج من أكاديمية الشرطة.

وعندما حان الوقت للحصول على الوظيفة كشرطي، اختار المناطق القريبة من شمال المقاطعة، حيث يقطن غالبية الأميركيين السود. "وترتفع معدلات الجرائم في تلك المناطق، مقارنة بالمنطقة التي ترعرع فيها"، حسب الصحيفة.

وظن دارين أن هذا الاختيار فرصة لتعزيز مكانته الوظيفية كضابط في الشرطة، على الرغم من قلة أجور أفراد الشرطة شمال المقاطعة.

وفي 2009، خدم دارين في مدينة جينينغ، التي تقع جنوب فيرغسون، والتي يشكل السود 90 في المئة من سكانها، ويعيش ربعهم تحت خط الفقر. وقد شعر آنذاك بالخطر وصعوبة التأقلم مع متطلبات الوظيفة.

"صدمة ثقافية"

كانت جينينغ بمثابة "صدمة ثقافية" لدارين، ما اضطره إلى الاستعانة بزميل آخر ترعرع في تلك المدينة، ويتحدث لغة سكانها بطلاقة، حتى تكاد تعتقد أنه واحدا منهم، يقول دارين.

جاء مايك ماكارثي، 39 عاما، ضابط التمرينات في الوقت المناسب لمساعدة دارين على الاحتكاك والتفاعل مع سكان المدينة الصغيرة.

يقول دارين إن تنمية مهارات التواصل أمور لا يتم التركيز عليها في أكاديمية الشرطة.

أخبره ماكاراثي أن الطريقة المثلى للتغلب على مشكلة عدم ثقة السكان المحليين من الشرطة هي بناء أواصر الثقة والتقرب منهم وملامسة مشاكلهم.

تداعيات الصدمة الثقافية

لم تؤثر الصدمة الثقافية التي تعرض لها ويلسون على مهام وظيفته. يقول إن "أي تواجد للشرطة في أماكن شديدة الفقر أمر لابد أن يلفت الانتباه ويزعج السكان".

أغلقت السلطات مركز الشرطة في جينينغ، وأصبح تحت امرة مقاطعة سانت لويس، وتم الاستغناء عن خدمات عدد من الضباط من بينهم دارين، الذي انتقل إلى فيرغسون الأقل فقرا، لكن غالبية سكانها أيضا من الأميركيين السود.

أصر دارين على العمل في منطقة مشابهة لجينينغ، لأنه يحب القيام بالأعمال التي تتطلب بذل مجهود جسدي.

"استغلال السلطة"

وقد اتهمت وزارة العدل في تقريرها حول فيرغسون، السلطات المحلية بمعاقبة الضباط إذا لم يسجلوا عددا كاف من المخالفات. ويقر دارين بذلك. ويتذكر ضابطا وجه 16 مخالفة لشخص واحد، وهو الأمر الذي يحمل الفقراء أعباء مالية فوق طاقتهم.

ويظهر دارين في أحد مقاطع الفيديو خلال قيامه بالقبض على أحد المواطنين بتهمة عدم طاعة الأوامر، لأنه رفض استلام طلب استدعاء قضائي على خلفية أمر يتعلق بتعديه على ممتلكات عامة.

ورفض المواطن استلام أمر المحكمة، ما دفع دارين إلى إلقاء القبض عليه، بينما كان يسجل المواطن الواقعة بالفيديو.

ويقول تقرير وزارة العدل إن الأميركيين السود يشكلون نحو 94 في المئة من المقبوض عليهم بتهمة عدم الامتثال للقانون في فيرغسون، وذلك في الفترة بين 2011 و2013.

ويشير التقرير أيضا إلى أن الشبهات تدور حول قيام دارين بتوقيف أشخاص من دون وجه حق.

"العنصرية" ومعدلات الجريمة

ويرفض دارين الادعاء بأن تردي الأوضاع الاقتصادية في فيرغسون كان سببا مباشرا لارتفاع معدلات الجريمة. ويقول إن على الشخص التحلي بروح المبادرة والابتكار لإيجاد فرصة عمل وينتشل نفسه من الفقر. تماما كما فعل هو.

ويرى أن عدم تربية النشء على القيم، أدى إلى انتشار تجارة المخدرات وحمل السلاح بين المراهقين.

يقول دارين ويلسون إن أجيالا من السود تعرضوا للعنصرية بشكل واضح خلال عقود، لكن لا ينبغي على الشباب اتخاذ ذلك ذريعة لاتهام الشرطة اليوم بممارسة العنصرية: "لا أستطيع كضابط شرطة أن أحل مشكلات الماضي".