ضحايا هجوم الغوطة الشرقية في 2013
ضحايا هجوم الغوطة الشرقية في 2013

يوافق الـ21 من آب/ أغسطس الذكرى السنوية الرابعة للهجوم الذي شنته القوات النظامية السورية على الغوطة الشرقية القريبة من دمشق واستخدمت فيه غاز السارين الذي يعد من أخطر الغازات في العالم، ما أسفر عن مقتل 1400 شخص بينهم 400 طفل.

مشاهد المجزرة أثارت تعاطف العالم مع الشعب السوري وتنديده بوحشية نظام الرئيس بشار الأسد، فيما تعالت أصوات تطالب المجتمع الدولي بالتحرك.

"الخط الأحمر" لأوباما

ووقع الهجوم بعد عام على تحذير الرئيس باراك أوباما الأسد من مغبة استخدام أسلحة كيميائية. وأعلن أوباما في 20 آب/أغسطس 2012 أن استخدام تلك الأسلحة في الصراع "سيشكل خطا أحمر تكون له عواقب هائلة". وقال في نيسان/ أبريل 2013 إن استخدام تلك الأسلحة "سيغير قواعد اللعبة".

وأراد أوباما بعد الهجوم الحصول على موافقة الكونغرس قبل أن يقحم البلاد في حرب جديدة في الشرق الأوسط، وإن كان لتدخل عسكري محدود النطاق.

وبعد أيام، دافع وزير الخارجية آنذاك جون كيري أمام مجلس الشيوخ عن قرار الإدارة الأميركية توجيه ضربة عسكرية ضد نظام الأسد، وحذر من أن عدم القيام بذلك سيعني الوقوف موقف "المتفرج على مجزرة". وقال "لا بلادنا ولا ضميرنا يسمحان لنا بأن ندفع ثمن السكوت"، مشددا على أن الضربة العسكرية ستتم من دون إرسال "قوات إلى الأرض".

إلا أن أوباما تراجع بعد ذلك عن فكرة شن هجوم محدود يستهدف القوات السورية. ثم توصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق على خطة متكاملة لنزع السلاح الكيميائي السوري. ووافقت دمشق على المبادرة الروسية التي نصت على وضع ترسانتها الكيميائية تحت إشراف دولي تمهيدا لتفكيكها.

لماذا لم تنفذ الضربة؟

وصرح أوباما لموقع ذي أتلانتك بأنه غيّر رأيه إزاء شن هجوم على سورية لأنه لم يكن مرخصا بموجب القانون الدولي ولم يحصل على موافقة الكونغرس.

وكشفت استطلاعات الرأي العام آنذاك أن غالبية الأميركيين لا يؤيدون تدخل بلادهم في سورية، فضلا رفض ألمانيا ثم بريطانيا المشاركة في أي عملية عسكرية في سورية.

وأضاف أوباما للموقع أنه في حين كانت ضربة عسكرية ستلحق بعض الضرر بالأسد، لم يكن ممكنا التخلص من الأسلحة الكيميائية عبر غارات. وقال إن الضربة لو تمت لكان الأسد سيدعي بأنه نجح في تحدي الولايات المتحدة ثم يتهمها بالتصرف بشكل غير قانوني في غياب تفويض من الأمم المتحدة، ما كان سيزيد من قوته بدل إضعافه.

هل فشلت سياسة أوباما؟

ويرى منتقدو سياسة أوباما إزاء سورية أن "الخط الأحمر" الذي وضعه الرئيس السابق ولم يلتزم به يرمز إلى فشل الولايات المتحدة في التأثير في الأزمة السورية. ويقول مسؤولون سابقون وفق وسائل إعلام أميركية إن إدارة أوباما لم تكن ترغب في إعادة سيناريو حرب العراق التي اتضح أن السبب الرئيسي لإعلانها كان مبنيا على معلومات خاطئة.

وأقر كيري في كانون الأول/ديسمبر الماضي بفشل الولايات المتحدة في الالتزام بالخط الأحمر الذي وضعته، مشيرا إلى أن ذلك كلفها الكثير في المنطقة. لكنه شدد من جهة أخرى على أن بلاده في نهاية المطاف حصلت على نتيجة أفضل بعدم ضرب نظام الأسد.  

ويقول المدافعون عن الرئيس السابق إنه لم يلحق ضررا بمصداقية الولايات المتحدة، مشيرين إلى موافقة الأسد على التخلص من أسلحته الكيميائية.

وقاوم أوباما دعوات للتدخل في سورية قبل هجوم الغوطة الشرقية اعتقادا منه وبناء على تحليل الاستخبارات الأميركية، أن نظام الأسد سيسقط من دون أن تكون له يد في ذلك.

ضحايا هجوم الغوطة الشرقية في 2013

​​وقال مستشاره السابق للشرق الأوسط دينيس روس لموقع أتلانتك إن الرئيس الأميركي كان يظن أن الأسد سيرحل كما رحل حسني مبارك في مصر في بداية 2011. لكن كلما "زاد تشبث الرئيس السوري بالسلطة كلما زادت مقاومة أوباما للتدخل". وسمحت الإدارة الأميركية في وقت لاحق لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بتدريب بعض فصائل المعارضة ودعمها ماديا.

وكان وزير الدفاع السابق روبرت غيتس يسأل بشكل روتيني خلال الاجتماعات "أما علينا إنهاء حربين (العراق وأفغانستان) قبل أن ننظر إلى أخرى".

أوباما غير نادم

وأكد أوباما قبل أسبوع تقريبا على انتهاء ولايته الثانية في مقابلة مع شبكة CBS، أنه لا يشعر بالندم حيال الخط الأحمر. وقال "لست نادما على الإطلاق على قولي إنه إذا رأيت الأسد يستخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه، فإن هذا يمكن أن يغير من تقييمي إزاء ما كنا مستعدين أو غير مستعدين لفعله في سورية". وأضاف، "كنت سأرتكب خطأ فادحا لو قلت إن الأسلحة الكيميائية لن تغير في الواقع حساباتي".

خان شيخون.. الأسد تجاوز الخط الأحمر مجددا

في صباح الرابع من نيسان/أبريل 2017، قتل 87 شخصا بينهم 31 طفلا في قصف جوي استهدف مدينة خان شيخون في إدلب شمال غربي سورية. وقال ناشطون والمعارضة إن غازات سامة استخدمت فيه وإن معظم الضحايا قضوا اختناقا.

وأكد تقرير أعده فريق لتقصي الحقائق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية استخدام غاز السارين المحظور في الهجوم.

والسارين غاز لا لون له أو رائحة، ويعد من غازات الأعصاب الشديدة السمية ويشبه في بعض تركيباته مبيدات الحشرات، حسب المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

ويؤدي التعرض له إلى غشاوة في البصر وصعوبة في التنفس واختلاج العضلات والتعرق والتقيؤ والإسهال والغيبوبة وتوقف الرئة، وبالتالي الموت.

اقرأ أيضا: غاز السارين.. سلاح فتاك في سورية

سوريون يدفنون ضحايا هجوم خان شيخون

​​​

من أين أتت الأسلحة الكيميائية؟

بعد هجوم خان شيخون، ترددت تساؤلات حول مصدر العناصر السامة المستخدمة، خصوصا بعد الاتفاق الذي توسطت فيه روسيا عام 2013 وكان مفترضا أن يؤدي إلى تجريد النظام السوري من الأسلحة الكيميائية.

وأكد مسؤولون في إدارة أوباما وخبراء في وقت سابق أنهم يعتقدون أن الأسد لم يتخلص من ترسانته الكاملة وأنه يحتفظ بمخزون صغير على الأقل. ورغم ذلك ينظر إلى عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية على أنها مهمة ناجحة.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن هناك احتمالين حول مصدر الأسلحة التي استخدمت في خان شيخون، إما أن الأسد أخفى غاز السارين عن المفتشين الدوليين أو أن المتخصصين في الأسلحة التابعين للنظام السوري صنعوا إمدادات جديدة.

ترامب يفعّل الخط الأحمر

وبعد ثلاثة أيام على هجوم خان شيخون، أطلق الجيش الأميركي 59 صاروخا من طراز توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية في ريف حمص.

وقال الرئيس دونالد ترامب إن هجوم نظام الأسد "تجاوز كل الخطوط وليس فقط الخطوط الحمراء"، وأكد أن الضربة انتصار للعدالة، متهما الرئيس السوري بانتزاع أرواح رجال ونساء وأطفال عزّل في خان شيخون.

سياسة ترامب في سورية

وأكدت إدارة ترامب أن الولايات المتحدة على استعداد لتوجيه ضربات جديدة ضد نظام دمشق ردا على أي هجمات كيميائية.

وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نكي هيلي خلال جلسة لمجلس الأمن في السابع من نيسان/أبريل 2017 "الولايات المتحدة اتخذت خطوات مدروسة" بخصوص قصف قاعدة الشعيرات. وأضافت "نحن مستعدون للقيام بالمزيد، لكن نأمل ألا يكون ذلك ضروريا."

مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هيلي تعرض صورة لضحايا خان شيخون

​​​

اقرأ أيضا: ما رأي الاميركيين في الضربات العسكرية في سورية؟

الضربة الأميركية في سورية.. كيف استقبلتها دول عربية؟

دحر الإرهاب

لكن رد ترامب السريع على مجزرة خان شيخون والتهديد بالمزيد، لا يعنيان تغييرا في أولويات واشنطن. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للإعلام العربي ناثان تك لـ"موقع الحرة" أن هزيمة داعش لا تزال تشكل الهدف الأميركي الرئيسي في سورية.

وأضاف أنه بعد القضاء على التنظيم "ما نأمل أن نتجنبه هو تفاقم الحرب الأهلية، لأنه حقا هناك صراعان جاريان في سورية: الحرب ضد داعش والحرب الأهلية التي أتاحت الظروف لظهور داعش".

وأشار إلى عمل الولايات المتحدة عن كثب مع الأمم المتحدة وروسيا والأطراف الأخرى بهدف التوصل إلى رؤية من شأنها "تحقيق الاستقرار في سورية في عالم ما بعد داعش، وخلق مناطق الاستقرار وخطوط تخفيف النزاع قادرة على الصمود، ومن ثم وضع الشروط اللازمة للعملية السياسية التي ستجري في جنيف".

وأكد أن الولايات المتحدة ما زالت تؤيد عملية جنيف كوسيلة لإشراك الأطراف في مستقبل الحكم في سورية. وقال "هناك الكثير من العمل الذي ينتظرنا، حيث لا توجد بعد الظروف المواتية لتحقيق ذلك، ولكننا سنعمل مع الآخرين -الجيران في المنطقة وكذلك الشركاء في سورية- لمعرفة ما إذا كنا نستطيع خلق الظروف التي من شأنها أن تؤدي إلى محادثات في جنيف وأماكن أخرى لوضع حل أطول أجلا لسورية".

استقرار سورية

وأكد تك التزام واشنطن بدحر داعش ومنظمات إرهابية أخرى في سورية، ثم باستقرارها بعد تحقيق ذلك.

وقال في هذا الصدد "الغاية النهائية التي نريد أن نحققها هي سورية موحدة من دون انقسام، وأيضا سورية التي تمنح فرصة للشعب أن يضع دستورا جديدا وتجري انتخابات حرة ونزيهة، وكذلك اختيار قيادة جديدة".

لا دور للأسد في مستقبل سورية

وأوضح الدبلوماسي الأميركي أن موقف بلاده إزاء دور الأسد لم يتغير. وقال إن "نظام الأسد ليس له دور في الحكم المستقبلي لسورية"، مضيفا "نحن منفتحون للجدول الزمني وتسلسل الأحداث التي تؤدي إلى رحيل الأسد لأن على الأطراف السورية أن تضع مثل هذه التفاصيل".

"على إيران مغادرة سورية"

وقال تك إن "الغاية الثانية هي أن يتم وقف نفوذ إيران العسكري والوجود المباشر للقوات العسكرية الإيرانية داخل سورية"، مضيفا أن عليها "أن تغادر وتعود إلى ديارها، سواء كانت من قوات الحرس الثوري الإيراني أو من الميليشيات مدفوعة الأجر ومن المقاتلين الأجانب، الذين جاءت بهم إيران" إلى سورية.

 

أطفال تحت الأوكسجين في مستشفى في معرة النعمان بعد القصف على بلدة خان شيخون
طفلان يتلقيان الإسعافات بعد القصف على خان شيخون

نبيل أبي صعب - الحرة

بحث مجلس الأمن ملف الأسلحة الكيماوية في سورية الأربعاء في جلسة مغلقة قال دبلوماسيون إنها تناولت عمل لجنة التحقيق الدولية المعنية بتحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في حادثة خان شيخون.

ولم تشهد الجلسة تقدما في شأن التقرير المنتظر أن تقدمه لجنة التحقيق حول حادثة خان شيخون.

وقال نائب السفير البريطاني في الأمم المتحدة جوناثان آلن إن الحكومة السورية لا تتقيد بالتزاماتها الدولية الخاصة بعدم استخدام السلاح الكيماوي، داعيا الدول ذات النفوذ على دمشق إلى ضمان أن تفعل ذلك.

في المقابل، قال السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن ثمة فجوات في التحقيقات السابقة يجب إصلاحها. وجدد تأكيد موقف موسكو بأن التحقيقات يجب أن تشمل زيارات ميدانية للجنة التحقيق إلى موقع الهجوم في خان شيخون وقاعدة الشعيرات الجوية التي كانت الولايات المتحدة قد استهدفتها بضربة صاروخية.

وقتل في الهجوم على بلدة خان شيخون 87 شخصا بينهم 31 طفلا بعد غارة جوية. وأكد تقرير أعده فريق لتقصي الحقائق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية استخدام غاز السارين المحظور في الهجوم، في الرابع من نيسان/أبريل الماضي.

وقد أطلق الجيش الأميركي بعد ثلاثة أيام 59 صاروخا من نوع توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية في سورية، ردا على الهجوم الذي استهدف بلدة خان شيخون.