قمة مجلس التعاون الخليجي في البحرين 2016
قمة مجلس التعاون الخليجي في البحرين 2016

لا بوادر تؤشر إلى قرب انتهاء أزمة العلاقات الخليجية، والعد العكسي لاستحقاق القمة الـ38 لمجلس التعاون بدأ. قمة قد تعقد من دون قطر، أو بوجودها مع انسحاب آخرين، وقد تؤجل، يقول مراقبون.


مجلس "في غرفة الإنعاش"

أدخلت الأزمة الحالية مجلس التعاون الخليجي إلى "غرفة الإنعاش"، يقول الأكاديمي الكويتي شفيق الغبرا، الذي يرى أن تفاعلات القطيعة الدبلوماسية بين قطر والدول المقاطعة لها كانت "قاسية ومؤثرة وتدفع بالمجلس إلى شلل كامل".

وفي حديثه لـ"موقع الحرة" يشير الغبرا إلى أن "التفكك النسبي في هذه المرحلة سيكون سيد الموقف" في مجلس التعاون.

في الـ 29 من الشهر الماضي، غرد وزير الخارجية البحريني قائلا إن "الخطوة الصحيحة للحفاظ على مجلس التعاون هي تجميد عضوية قطر في المجلس حتى تحكم عقلها وتتجاوب مع مطالب دولنا و إلا فنحن بخير بخروجها من المجلس".

احتمال خروج قطر في نظر محمد بن المختار الشنقيطي، مدير مركز الدراسات والبحوث بجامعة قطر، احتمال وارد، لكن هذه الإمارة الخليجية لن تكون الوحيدة التي تخرج من المجلس عندما يصاب بـ"حالة انشطار" يضيف المتحدث ذاته.

اقرأ أيضا.. محلل كويتي: تغيير النظام القطري احتمال وارد

وأوضح الشنقيطي لـ"موقع الحرة" أن الاحتمال "الأسوأ" الذي يواجهه مجلس التعاون هو أن "ينشطر بشكل كامل ودائم، بحيث تذهب ثلاث دول هي السعودية والإمارات والبحرين في جانب، وثلاث أخرى هي قطر والكويت وعمان في جانب آخر".

أما الاحتمال "الأقل سوءا "أن يكون هناك "مستوى من المجاملات والرجوع إلى العلاقات الدبلوماسية مع بقاء ما في النفوس في النفوس" يضيف الشنقيطي.

ونبه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في الـ 22 من الشهر الماضي إلى ضرورة أن يبقى مجلس التعاون الخليجي موحدا.

اقرأ أيضا.. سياسي بحريني: أزمة الخليج قد تفكك مجلس التعاون

ودعا الوزير الأميركي كل أطراف الأزمة إلى مواصلة العمل من أجل الحوار لإيجاد وسيلة توصل الأطراف إلى اتفاق، موضحا أن الولايات المتحدة ستواصل دعم أمير الكويت في وساطته للتوصل إلى حل دبلوماسي.

ويرى الصحافي السعودي عقل الباهلي أن المجلس "لم يدخل في حالة شلل"، لكنه "يواجه أخطر مرحلة مر بها في الفترة الحالية نتيجة الانقسام الحاد بين قطر والدول المعارضة لسياسات قطر" يقول الباهلي لـ"موقع الحرة".

اقرأ أيضا.. أمير قطر: أهداف الدول المقاطعة واضحة

مستقبل قمة ديسمبر

عقد مجلس التعاون آخر قمة سنوية له يومي السادس والسابع كانون الأول/ ديسمبر سنة 2016 في العاصمة البحرينية المنامة. وكانت قطر حاضرة في الدورة الـ 37 للمجلس بدعوة من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، لكن هذه السنة يقول الملك ذاته "يتعذر على البحرين حضور أي قمة أو اجتماع ​خليجي​ تحضره قطر".

اقرأ أيضا.. البحرين تدعو إلى تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون

ومن "الواضح أن كل المشهد الخليجي العام لا يعبر عن تقدم في مسألة المصالحة، وبالتالي باعتقادي أنه بدون المصالحة لا يمكن عقد القمة" حسب الباهلي.

ويتوقع الإعلامي السعودي صدور قرار من الأمانة العامة للمجلس بتأجيل انعقاد الدورة الـ 38 قبل أيام من انعقادها.

ولا يستبعد الباهلي أن يشهد المجلس "مفاجآت، بمعنى أن الدول إذا تأكدت أنه لن يكون هناك توافق خليجي، ربما تتجه كل مجموعة إلى تأسيس كيان مواز وترك مجلس التعاون حتى تتهيأ الظروف له أو يجمد مجلس التعاون".

ويرجع الغبرا احتمال أن يكون المجلس ضحية للأزمة الحالية إلى أنه "لم يعمل بجدية كبيرة لبناء مؤسسات حقيقية قادرة باستقلالية على حل النزاعات وحل الخلافات".

ويعتقد الشنقيطي أن مجلس التعاون هو "علاقة بين أنظمة، فإذا ساءت العلاقة بين الأنظمة يمكن أن ينهار المجلس، خاصة إذا كانت السعودية الدولة الكبرى في الخليج جزءا في الصراع".

المصدر: موقع الحرة

محلل: ما يجري داخل السعودية تحضير لتعضيد التحالف الإقليمي
محلل: ما يجري داخل السعودية تحضير لتعضيد التحالف الإقليمي

الأحداث في الرياض، لكن صداها تجاوز حدود المنطقة العربية. محمد بن سلمان يقود حملة أطاحت بأمراء من العائلة المالكة في السعودية، ومسؤولين كبار لم يتوقع المواطن العادي أن يراهم قيد الاحتجاز.

ومن الرياض أيضا، رئيس وزراء لبنان سعد الحريري يفاجئ العالم باستقالته من منصبه.

إذن هي الرياض، العاصمة التي تصنع الأحداث، في مملكة مقبلة على مرحلة جديدة يقودها محمد بن سلمان ولي العهد الذي سيخلف أبيه آخر أبناء عبد العزيز المؤسس، وسط ترقب لما سيحدث.​

​​قائمة المعتقلين ستكون "طويلة"، وهي خطوة "كانت متوقعة"، فمنذ أول إطلالة لمحمد بن سلمان لعرض رؤيته 2030 ، "سئل عن الفساد، هل هناك من سيستثنى؟" فرد قائلا: "قال لا استثناء لا لأمير ولا لوزير"، يعلق محمد آل زلفى المحلل السياسي السعودي وعضو مجلس الشورى السابق في سياق حديث لـ"قناة الحرة".

المحلل السياسي والخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن اللبناني حسن منيمنة وصف الوضع بأنه "مقلق إلى حد ما، خاصة مع عدم الاطمئنان إلى أن الخطوات التالية ستكون مدروسة".

ويدلل منيمنة في حديث لـ"موقع الحرة" على هذا القلق بأن "مسألتين مهمتين فتحتا في المنطقة، هما اليمن وقطر، ولم نر نهاية لهما لحد الآن"، في إشارة منه إلى قيادة الرياض تحالفا عسكريا في اليمن ضد الحوثيين، وقطعها ودول خليجية أخرى العلاقات مع قطر.

بوادر أزمة قد تفضي إلى حرب

"نحن أمام فتح ملفات أخرى جميعها مهمة بشكل أو بآخر، لكن لا يبدو بأننا نستطيع الاطمئنان للخطوات التالية التي تنهي هذه المسائل"، يضيف منيمنة.

يذهب المحلل والخبير السياسي العراقي أحمد الشريفي في توقعاته إلى الأسوأ، قائلا إنها "تشير إلى بوادر أزمة قد تفضي إلى حرب وبالتحديد في لبنان"، مضيفا أن "مسألة تقويض حزب الله في لبنان باتت ضرورة لتحقيق ما يطلق عليه بالتسوية الاقليمية التي تتبناها دول المنطقة وهو ما يطلق عليه تحالف الشرق الأوسط وفي مقدمته السعودية".

اقرأ أيضا.. استقالة الحريري 'خطوة لمواجهة الوصاية الإيرانية'

وبشأن الأحداث الأخيرة في المملكة، يقول الشريفي: "حتى ما يجري في السعودية من اعتقالات وفتح ملفات للفساد، هو جزء لا يتجزأ من استحقاقات مرحلة يحصر فيها القرار السياسي في المملكة بشخصية واحدة".

واعتقلت السلطات السعودية السبت شخصيات ومسؤولين وأمراء سعوديين في إطار تحقيق تجريه لجنة عليا لمكافحة الفساد تشكلت برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي تصريح سابق للأمير وولي العهد محمد بن سلمان بشأن الأزمة مع قطر قال إنها "قضية صغيرة جدا جدا جدا". لكن منيمنة يقول: "إذا كانت قضية قطر قضية صغيرة جدا جدا، لماذا لم تحل إلى اليوم؟ لماذا استفحلت وتكاد تقضي على مجلس التعاون؟ لا نستطيع أن نعتبرها أزمة صغيرة جدا".

واستدرك قوله: "نعم هناك قضية الهيمنة الإيرانية في المنطقة، طبعا قضية كبيرة أكبر من قضية قطر، لكن لم يتقدم أي طرف سواء إقليمي أو دولي بخطة مدروسة لحلها".

ويضيف "نحن في لبنان مثلا، لا شك كانت إيران تتستر بالدولة اللبنانية من خلال حزب الله لاحتلال مستتر للبنان، وكان لابد من قلب هذه المعادلة.. لكن هل نقلب المعادلة فقط بكشف الأوراق؟ أم أنه هناك خطة لقلب المعادلة؟ وأين هذه الخطة؟".

الشريفي يرى "أن ما يجري داخل السعودية هو تحضير لتعضيد التحالف الإقليمي، ونتوقع على هذا الأساس حربا في لبنان لاستهداف حزب الله".

ويعتقد أن الحرب القادمة ستكون على صعيدين، طائفية سنية شيعية بين السعودية وإيران، وقومية تتمثل في القضية الكردية في العراق وسورية وتركيا.

أما منيمنة فيرى أن المنطقة تعيش حاليا حروبا مستمرة قد تأخذ في المستقبل شكل نزاعين، "سعودي إيراني، وأميركي إيراني".

أذرع إيران في المنطقة

المشكلة كما يراها الشريفي تكمن "في أن أذرع إيران بصراعها مع السعودية، وتمتد في العراق والسعودية والبحرين واليمن وإن حصل أي تحرك، فإن هذه الأذرع إن لم تتحرك لعمل عسكري مباشر فستتحول لبؤر أزمة مما ينعكس سلبا على المنطقة".

وأضاف أن "الأزمة في المنطقة لن تبقى في حدود سجال بين بلدين، بل ستمتد لدول المنطقة، العراق وسورية واليمن والبحرين وربما حتى في السعودية".

اعتبر منيمنة أن محاذير المرحلة القادمة في منطقة الشرق الأوسط "كثيرة وعلى جميع المستويات"، مع وجود أمثلة واضحة لتلك المحاذير، مثل الأزمة اليمينة التي كان يفترض بها "أن تكون معركة سريعة وتنهي الحضور الإيراني في اليمن، بدلا من ذلك أصبحت حرب استنزاف تستهلك ليس فقط الموارد السعودية والإماراتية، بل أولا وقبل أي شيء آخر الشعب اليمني".

وأزمة قطر التي انتهت إلى أن "نفرط عقد مجلس التعاون التجربة الوحيدة الناجحة للاندماج في المنطقة، ونفتح أبواب قطر أمام إيران.. في هذين الملفين تحقق الفشل الذريع بدل النجاح"، يقول منيمنة.

نتائج معاكسة

يتخوف منيمنة من نتائج عكسية قد تأتي بها "المناورة الشجاعة أو المتهورة" في لبنان عبر "تسليم حزب الله لبنان بدلا من الضغط عليه لإنهاء الوجود المسلح لإيران في لبنان".

أما الإصلاح في السعودية فتخوف منيمنة يكمن في احتمال أن يؤدي إلى "تقوية المتشددين من حيث لا ندري".

الشريفي أكد على ضرورة التفريق بين محاذير المرحلة القادمة في كل دولة على حدى، لاختلاف تفاصيل المشهد الداخلي، بين العراق وتحديه القادم مع إعادة الإعمار، والأزمة اليمنية، وفراغ السلطة في لبنان.

"في السعودية محاذير تكمن في مسألة الاضطراب داخل العائلة الحاكمة، وفتح ملفات الفساد قد تستدعي قرارات حازمة وجريئة قد تصل لمستوى التصفيات السياسية.. فضلا عن التصدع الموجود أساسا بين المؤسسة الدينية والمؤسسة السياسية برمتها"، يقول الشريفي.

ورغم كل تلك الأحداث، اعتبر الشريفي أن السعودية "ستكون اللاعب الأوفر حظا والأكثر تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط في ظل وجود دعم دولي".

لكن منيمنة يؤكد على ضرورة أن يرافق الدعم الدولي للسعودية خاصة في مواجهة النفوذ الإيراني "خطة مدروسة وواضحة".

المصدر: خاص بـ"موقع الحرة"