قبل نحو 18 عاما بدأ الروس حملة عسكرية في الشيشان أطلقت شرارة صراع مسلح في البلد القوقازي يتردد صداها الآن في سورية، حسب مراقبين.
كان فلاديمير بوتين رئيسا لوزراء روسيا آنذاك، وكانت موسكو تخوض صراعا في الشيشان دعما لميليشيا القديروفيين، نسبة إلى المفتي الشيشاني والرئيس اللاحق للبلاد أحمد قديروف، ضد الإتشيكيريين، نسبة إلى ما يعرف جمهورية إتشيكيريا الشيشانية المستقلة، وكذلك ضد تنظيم إمارة القوقاز الإسلامية المتشدد.
انتهى ذلك الصراع بتفوق القديروفيين وتولي أحمد قديروف رئاسة البلاد إلا أن المواجهات المسلحة بين الأطراف المتصارعة لم تتوقف كليا.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2016 أصبح لدى أطراف هذا الصراع ساحة أخرى: سورية.
مع انتهاء المواجهات المفتوحة في الحرب الشيشانية التي استمرت لـ10 سنوات بين عامي 1999 و2009، اضطر عدد كبير من مقاتلي "إمارة القوقاز" إلى مغادرة الشيشان إلى تركيا، حسب مجلة "فورين أفيرز".
وعندما اندلع الصراع السوري بشكل مفتوح بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية غادر هؤلاء تركيا وشكلوا ما عرف باسم "جيش المجاهدين والأنصار" والذي اندمج لاحقا في تنظيم داعش المتشدد.
وتولى أحد هؤلاء المقاتلين الذي عرف باسم أبو عمر الشيشاني منصب وزير الحرب في تنظيم داعش قبل أن يلقى مصرعه العام الماضي.
وفي ربيع 2015 شكل مقاتلون شيشانيون، بعضهم انتمى سابقا للإتشيكيريين، جماعة منفصلة تقاتل في سورية اسمها "أجناد القوقاز".
والتحق الفصيل الثالث، أو الشيشانيون الموالون لروسيا، بالصراع في كانون الأول/ديسمبر الماضي عبر نشر نحو 500 من أفراد "شرطة عسكرية" شيشانيين في سورية، حسب موقع "كوكيجن نوت" الإخباري.
وفي كانون الثاني/يناير، أقر الرئيس الشيشاني رمضان قديروف بإرسال جنود شيشانيين إلى سورية ضمن كتيبة الشرطة العسكرية التي نشرتها روسيا لتأمين مدينة حلب، وهو ما كان قد نفاه في وقت سابق.
يقول تقرير لمجلة "فورين بوليسي" المختصة بالسياسة الدولية إن نشر كتائب قوقازية يمثل مرحلة جديدة من التدخل الروسي في سورية.
لكنها تشير كذلك إلى أن "استخدام موسكو للمناطق المسلمة المتاخمة لها كي تتفاعل مع الشرق الأوسط ليس أمرا جديدا".
ويرى التقرير أن الروس يسعون لتقديم مقابل "مسلم سني" للشيشانيين المقاتلين في صفوف المعارضة وكذلك لخطب ود المواطنين السوريين.
لكن الشيشانيين المقاتلين ضد الحكومة السورية يرون الوضع بشكل آخر.
وبرغم سيطرة القديروفيين على الشيشان، قد يتغير هذا الوضع حال عودة مقاتلي الفصيلين الآخرين إلى بلادهم محملين بخبرات المعارك، حسب "فورين أفيرز".
ويعد رئيس الشيشان الحالي رمضان قديروف، وهو نجل أحمد قديروف، من حلفاء بوتين المقربين بشدة.
ونقلت "فورين أفيرز" عن تيمور ماهاروي، أحد مؤسسي "أجناد القوقاز"، قوله إن المقاتلين الشيشانيين سيجدون "حربا أخرى بعد انتهاء الحرب السورية" وإنهم "سيطاردون القديروفيين حول العالم".