عناصر من جهاز الأمن الشعبي في السودان
عناصر من جهاز الأمن الشعبي في السودان | Source: Courtesy Image

طرحت التغيرات الجديدة التي شهدها السودان مؤخرا بعد إطاحة نظام الرئيس عمر البشير، تساؤلات حول مصير قوات الأمن السرية التابعة للنظام والمعروفة بكتائب الظل، وسط مخاوف من أن تقوم بعمليات ثأرية وأن تنشر الاضطرابات.

وحسب مراقبين فإن كتائب الظل هي مجموعات نافذة ترتبط أكثر بالأنظمة العقائدية، تم غرسها في الأجهزة الأمنية السودانية منذ السبعينيات، ضمن سياسة التمكين التي تنتهجها جماعة الإخوان المسلمين، لحماية مصالحها وضمان  استمراريتها في الحكم.

يقول عبد الواحد إبراهيم المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية إن لكتائب الظل أفرعا عديدة  لكن أهمها "كتائب الأمن الشعبي" التي تنتمي لجهاز الأمن والمخابرات الوطني.

ويضيف إبراهيم لموقع الحرة "لا يضمون إليها إلا  الخلص من منسوبي الحركة الإسلامية.. عدم التخلص من هذه الكتائب يعني أن نظام البشير لم يسقط بعد".

 النشأة

نشأت فكرة كتائب الظل في السودان بعد دخول نظام الجبهة الإسلامية القومية في السلطة إثر المصالحة الوطنية مع الرئيس الأسبق جعفر النميري في عام 1977.

وبحسب مراقبين لأنشطة الجماعات الإسلامية في السودان، فقد بدأ الأمن الشعبي كجهاز سري من الحركة الطلابية في سنة 1983، ثم انتقل بعد ذلك إلى مختلف قطاعات الشعب السوداني، تدريجيا.

المهام

في البداية اقتصرت مهام كتائب الظل على جمع المعلومات وتصنيفها. وقد استخدمتها الجبهة الإسلامية لاحقا في عمليات التجنيد والتعذيب واختراق الأحزاب السياسية، حسب مصادر عدة بينها شهادات منشقين عنها..  

​​​​مجلس الشبكة السودانية لحقوق الإنسان ذكر أنه "يعد في ملف يكشف انتهاكات حقوق الإنسان في السودان تمهيدا لملاحقة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة انصافا للضحايا".

وقد أقر عضو الشبكة عدلان عبد العزيز لموقع الحرة بأنه كان أحد ضحايا عمليات التعذيب هذه، وشاهدا على بعضها.

القيادات والتمويل

تعاقب على إدارة هذه المجموعات عدد من قيادات الجبهة الإسلامية وعلى رأسهم نائب الرئيس السوداني السابق على عثمان محمد طه الذي أقر علنا خلال الاضطرابات الأخيرة، بوجودها وأهميتها لحماية النظام..

​​وممن قادوا هذه المجموعات أيضا مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش، والقائم بالأعمال في واشنطن المقال محمد عطا، ومساعدا الرئيس السوداني السابقين نافع على نافع، وعوض الجاز، وتضم بين صفوفها أيضا، حسب تقارير، عناصر نسوية.

وفيما يتعلق بتمويلها، قال الخبير في الشؤون الإسلامية عبد الواحد إبراهيم إن كتائب الظل تخصص لها امتيازات وإمكانيات ضخمة لضمان أدائها بشكل فعال، وأضاف: "استغل الإسلاميون أموال الدولة السودانية لتمويل هذه الأجهزة السرية، وأحيانا بطرق غير مشروعة مثل صفقات السلاح وغسيل الأموال وغيرها".

مصيرها:

وفقا لمطالب المحتجين فقد قرر المجلس العسكري الانتقالي الذي حل محل البشير، إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات. لكن الخبير الأمني في الشؤون الأمنية محمد حسين يرى أن هذا القرار "غير كاف، فهذه المجموعات متغلفلة في كل المرافق العامة والخاصة".

ويضيف لموقع الحرة "هذا أمر خطير  مهدد للثورة، يمكن أن تعرقل العملية الديموقراطية أو تقوم بأعمال ثأرية. لا بد من تفكيكها بالكامل ومحاسبة أفرادها".

واتفق عبد الواحد إبراهيم مع ذلك الموقف وقال إن "أي تراخ في تفكيك هذه المجموعات ومعاقبة مرتكبي الجرائم من أفرادها، قد يحفز بعض أصحاب المرارات الشخصية( ممن تعرض أقاربهم إلى انتهاكات) على القيام بعمليات ثأرية".

​​ويدعو ناشطون أيضا إلى عزل هذه المجموعات سياسيا  واجتماعيا.

وبعد سقوط البشير، لا يستبعد مراقبون هروب بعض قيادات الإسلاميين إلى خارج السودان، خشية التعرض للمحاسبة، أو من أجل ترتيب أوضاعهم مجددا.

ويرى عبد الواحد أن "هذا الأمر وراد، أتوقع أن تتوجه مجموعات منهم إلى إيران، لذلك لا بد من ملاحقتهم أينما كانوا عبر المؤسسات المشتركة وتفعيل الاتفاقيات الدولية".

وهناك مجموعات أمنية أخرى أنشأها الإخوان المسلمون في السودان، للتصدي للحروب القبلية والمناطقية وغيرها، على غرار حرس الحدود وقوات الدعم السريع، لكن ليس على أساس عقائدي.

وبنظر مراقبين فإن هذه المجموعات، يمكن دمجها في القوات النظامية، باستثناء مرتكبي الجرائم منهم.