على اليمين بن علي يلدرم/ وعلى اليسار أكرم إمام أوغلو - مناظرة إسطنبول 16 حزيران/يونيو 2019
على اليمين بن علي يلدرم/ وعلى اليسار أكرم إمام أوغلو - مناظرة إسطنبول 16 حزيران/يونيو 2019

كريم مجدي

رغم سخونة المنافسة بين الرجلين على منصب رئاسة بلدية إسطنبول، إلا أن بداية المناظرة بينهما كانت على العكس.

أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، وبن على يلدرم مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم تبادلا الهدايا بمناسبة عيد الأب، قبل أن يحتدم النقاش بينهما.

وتستعد إسطنبول لإجراء انتخابات رئاسة المدينة مرة ثانية بين المرشحين، بعد أن أسفرت الانتخابات الأولى في 31 آذار/مارس، عن نسبة متقاربة للغاية بين المرشحين، بلغت 48.77% لإمام أوغلو، و48.61% لرئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم.

وأمرت اللجنة العليا التركية للانتخابات في 7 أيار/مايو، بإلغاء نتائج انتخابات رئاسة مدينة إسطنبول، التي أجريت في 31 آذار/مارس وإعادة إجرائها في 23 حزيران/يونيو، بسبب انتهاكات شابت العملية الانتخابية.

​​المناظرة بدأت هادئة وتقليدية، إذ سئل الضيفان عن برامجهما بخصوص تخفيض أسعار فواتير المياه والكهرباء للمواطنين وتكلفة المواصلات العامة وطرق توسيع المناطق الخضراء والغابات في إسطنبول وخطط تطوير شبكات المواصلات.

وقد جذبت المناظرة متابعة كل من الأتراك والعرب، خاصة أولئك الذين يقيمون في تركيا، والذين علقوا عليها بكثافة عبر الشبكات الاجتماعية.

كما شمل الحوار الحديث عن اللاجئين، وقال إمام أوغلو إن إدارة ملف اللاجئين لم تتم بشكل مناسب، متعهدا بإيجاد حل جذري لمشكلتهم في إسطنبول، وعدم إشعار المواطن التركي أن هناك من يهدده في رزقه.

أما يلدرم فقال إن استقبال السوريين في إسطنبول جاء تحت بند الحماية المؤقتة، وأنهم سيعودون إلى بلادهم عقب انتهاء الحرب.

يوجه هذا المغرد التركي رسالة إلى يلدرم يقول فيها "لن نصدقك أنك ستعيد السوريين مرة أخرى إلى وطنهم بعد تسع سنوات، إن أملنا الوحيد هو أكرم إمام أوغلو فيما يخص قضية السوريين."

​​

​​

​​

​​وبدأت نبرة المناظرة في التصاعد، عندما فتح المذيع المجال أمام الضيفين لتوجيه الأسئلة لبعضهما البعض.

وكان السؤال الأول موجها من قبل إمام أوغلو حول إعلان الأناضول فوز بن علي يلدرم في الانتخابات مبكرا وهوية من أصدر أوامره بذلك، لينكر يلدرم مسؤوليته عما حدث مشيرا إلى أن الوكالة هي من تتحمل المسؤولية.

​​​​السؤال الثاني كان موجها من يلدرم إلى إمام أوغلو، حيث سأله عن سبب نسخ معلومات ومعطيات من بلدية إسطنبول عقب إعلان فوزه، ما يعد منافيا للقانون التركي، وفيما لو كان هذا الأمر صادرا منه أم كان تصرفا عفويا من أعضاء الحزب.

وأجاب إمام أوغلو أنه من حق رئيس البلدية (على اعتبار فوزه)، فتح أي تحقيق، وأنها عملية استنساخ لحفظ هذه البيانات وحمايتها خشية تغييرها، إلا أنهم لم يستطيعوا نسخ هذه البيانات بسبب قرار المحكمة.

وكان أوغلو قد أشار في بداية نيسان/أبريل الماضي، إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم حاول محو سجلات المدينة من الحواسب الآلية، قبل تسلمه إدارة المدينة وحضور مدققين مستقلين لفحص السجلات، مجددا تعهده أنه سيأمر بإجراء عملية تدقيق مستقلة لسجلات المدينة للكشف عن الفساد.

وكان أردوغان وحزبه قد سيطرا على المدينة منذ العام 2002، وتتهمهم المعارضة بعقد صفقات مشبوهة وارتكاب مخالفات اقتصادية ومالية خلال فترة حكمهم، بحسب تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

​​بعد انتهاء الجزء الأول من المناظرة، عادت دفة الحوار إلى مدير المناظرة، ليسأل المرشحين عن برنامجيهما لوقف الإسراف في نفقات إدارة البلدية، فيما اتهم أوغلو العدالة والتنمية بالإسراف في الإنفاق، معتمدا على البيانات الصادرة عن لجنة المحاسبة.

يقول هذا المغرد التركي، "انتهت المناظرة بالنسبة لي، عندما قال أحد المرشحين (بن علي يلدرم) إنه لم يقرأ تقرير لجنة المحاسبة، إن التقرير هو أوضح وثيقة لإظهار مصارف الضرائب".

​​أما هذا المغرد فيقول "إن مناظرة إسطنبول لن تغير من السباق كثيرا مثلما أراد حزب العدالة والتنمية، لقد فاز إمام أوغلو رغم عدم تقديمه الأداء المتوقع، لأنه كان واضحا، أن تركيا تشهد لأول مرة منذ عقدين نقاشا حضريا في معظمه."

​​بعدها سأل مدير المناظرة عن خطط المرشحين للقضاء على البطالة، واعتمدت خطة يلدرم على افتتاح مشاريع تستوعب عددا كبيرا من الشباب الباحث عن وظائف، بينما تعهد إمام أوغلو بتقديم الدعم المادي للأسر وإيجاد فرص عمل للعاطلين.

انتقل الحوار بعدها إلى مسألة الأكراد، إذ تعهد إمام أوغلو بترسيخ أواصر الديمقراطية على جميع المستويات للانتصار على مظاهر العنصرية، فيما قال يلدرم إن حزبه قدم المشاريع لجميع المواطنين على حد سواء.

وينظر قطاع من الأكراد إلى حزب الشعب الجمهوري في الفترة الحالية بشكل تضامني، خاصة المؤيدين لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل الواجهة السياسية للأكراد، والذي يخوض معارك سياسية وقضائية ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم، خاصة بعد اعتقال زعيم حزب الشعوب صلاح الدين دمرتاش.

ولم يدخل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في منافسة مع حزب الشعب الجمهوري في بعض المدن سواء في إسطنبول أو حتى في بعض المناطق الشرقية الكردية خلال الانتخابات المحلية، من أجل دعم تحالف المعارضة أمام حزب العدالة والتنمية.

في الوقت نفسه، لا يمكن إغفال قطاع آخر من الأكراد يصوتون أيضا للعدالة والتنمية، لاهتمام الحزب بتعزيز المكون الكردي بداخله، حتى أن بن علي يلدرم ينتمي إلى عائلة كردية.