حراك الجزائر يسقط ورقة الطائفية
حراك الجزائر يسقط ورقة الطائفية

أشعل قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر، بعد إصداره أوامر بمنع رفع رايات غير الراية الجزائرية ثلاثية الألوان.

قايد صالح وخلال خطابه الأخير قال "هناك محاولات لاختراق المسيرات من خلال رفع رايات غير الراية الوطنية" ثم تابع مهددا "تم إصدار أوامر صارمة لقوات الأمن للتصدي لكل من يحاول المساس بمشاعر الجزائريين".

جانب من مظاهرات الجزائر

​​ناشطون على المنصات الاجتماعية تلقفوا تصريح قايد صالح، وتناقلوه على نطاق واسع، مؤكدين أن صالح كان يقصد علم الهوية الأمازيغية ذات اللون الأصفر والأخضر والأزرق، والذي يرمز لنضال المكون الأمازيغي بالجزائر طوال سنين.

وبينما أكد هؤلاء سعي قيادة الأركان لاستغلال الفوارق العرقية لتفريق المتظاهرين، تصوّر آخرون أن السلطة تسعى لحماية الحراك من الدخلاء من أصحاب الراية الانفصالية التي يتزعمها السياسي المغترب فرحات مهني، والذي يطالب باستقلال منطقة القبائل الأمازيغية عن الجزائر، وليس علم الهوية الذي رافق المتظاهرين منذ بدء المظاهرات في 22 شباط/ فبراير الماضي.

​​الأستاذ بكلية الإعلام والعلوم السياسية بجامعة الجزائر، بلقاسمي عثمان، رأى أنه "كان على قائد الأركان أن يتحلى بمسؤولية أكبر، لأن كلامه يمكن أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه".

وفي مقابلة مع "الحرة" لفت بلقاسمي إلى روح التعاضد والتآخي التي سادت المسيرات منذ انطلاقها، مبديا استغرابه "لمحل هذا التصريح من الإعراب" على حد تعبيره.

"خاوة- خاوة"

رد الجزائريين على تصريح قايد صالح لم يتأخر، إذ تداول ناشطون على فيسبوك صورا للراية الوطنية جنبا إلى جنب مع الراية الأمازيغية مصحوبتان بتعبيرات التآخي مثل "خاوة خاوة" (نحن جميعا إخوة)، و"شاهدت الراية ولم تشاهد لافتات المطالبة برحيل الجميع؟".

كما نادت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بالرد على قايد صالح غدا الجمعة بحمل الرايتين معا بمناسبة الأسبوع الثامن عشر للحراك الشعبي الذي يطالب بتغيير النظام "فيما يحاول قايد صالح الحفاظ على ما تبقى منه" على حد قول الناشط حمزة شعباني من العاصمة.

ويرى هذا الثلاثيني أن القايد صالح يخاطب الجزائريين بمنطق "الرئيس الفعلي للجزائر، متناسيا أن هناك رئيسا معينا ولو بصفة مؤقتة وهو من يجب أن يخاطب الشعب".

​​وعلى غرار الشباب الجزائريين من المدونين على المنصات الاجتماعية، طالب حمزة في حديث لـ "الحرة" قائد الأركان بالاستجابة لتطلعات الجزائريين وعدم "دغدغة مشاعرهم" بخطابات ليس لها علاقة من قريب ولا من بعيد بما يطالبون به.

ذات الرأي ذهبت إليه الناشطة الأمازيغية حياة عبة التي أبدت تخوفا من مآلات خطاب قايد صالح الذي وصفته بـ "غير المسؤول"

وفي اتصال مع موقع "الحرة"، نوّهت عبّة بروح التآخي التي سادت حتى الآن الحراك الشعبي بالجزائر محملة قايد صالح مسؤولية ما سيحدث لاحقا في حال ما سجلت انزلاقات أو صراعات بين الجزائريين.

ناشطة: كيف يجرؤ قايد صالح على إرجاعنا لنقطة الصفر؟

​​​والأمازيغ هم السكان الأصليون لمنطقة شمال إفريقيا الممتدة من تونس شرقا إلى المغرب الأقصى غربا مرورا بالجزائر وصحرائها الشاسعة وليبيا وأجزاء من مالي الشمالية.

وبالرغم من ذلك "وصفهم قائد صالح في خطابه بالأقلية" وهو ما استاء منه الجزائريون، بحسب حياة عبّة.

يذكر أن الرئيس بوتفليقة الذي تنحى تحت الضغط الشعبي، توعد مرارا بعدم الاستجابة لمطالب ترسيم اللغة الأمازيغية إلا عبر استفتاء شعبي، قبل أن يتراجع ويرسمها دستوريا إلى جانب اعتبار الثاني عشر من كانون الثاني/يناير (غرة السنة الأمازيغية) عيدا وطنيا وعطلة مدفوعة الأجر بالنسبة لمستخدمي الوظيف العمومية.

"فكيف يجرؤ قايد صالح على إرجاعنا لنقطة الصفر؟" تتساءل حياة عبّة.