حث حلف شمال الاطلسي روسيا، الثلاثاء، على تدمير نظام صواريخ تعتبره واشنطن مصدر تهديد لحلفائها في أوروبا، وذلك قبل الموعد النهائي المعطى لها في أغسطس.
وطالب الحلف موسكو بإنقاذ معاهدة تحافظ على بقاء الرؤوس النووية البرية خارج أوروبا، وهدد الناتو روسيا برد من الحلف في حال لم تستجب للطلب.
وسيناقش وزراء دفاع الناتو، الأربعاء، خطواتهم المقبلة إذا واصلت موسكو الاحتفاظ بنظام الصواريخ الذي تقول الولايات المتحدة إنه سيسمح بهجمات نووية قصيرة الأجل على أوروبا وخرق معاهدة "القوى النووية متوسطة المدى" لعام 1987.
حيث تحظر المعاهدة الصواريخ الأرضية التي يتراوح مداها بين 500 كيلومتر و5500 كيلومتر (300-3400 ميل).
وتضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو على روسيا لتدمير نظامها الصاروخي ذي القدرة النووية 9M729 / SSC-8، الأمر الذي ترفضه موسكو حتى الآن.
وقال الأمين العام ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي: "ندعو روسيا إلى السير في الطريق المسؤول، لكننا لم نر أي إشارة إلى أن روسيا تعتزم القيام بذلك"، وأضاف "سنحتاج إلى الرد"، رافضا الخوض في مزيد من التفاصيل.
دبلوماسيون قالوا إن وزراء الدفاع سيفكرون في تنفيذ المزيد من الطلعات الجوية للطائرات الحربية الأميركية القادرة على حمل رؤوس نووية، ومزيد من التدريبات العسكرية وتغيير موقع الصواريخ الأميركية.
لكن موسكو تنفي وجود أي انتهاكات للمعاهدات الدولية، وتتهم واشنطن بالسعي إلى سباق التسلح.
ومن دون اتفاق مسبق، قالت الولايات المتحدة إنها ستنسحب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى في الثاني من أغسطس، ما يزيل القيود المفروضة على تطوير صواريخ متوسطة المدى ذات قدرات نووية.
وتعمق الخلاف في العلاقات بين روسيا من جهة والدول الأوروبية وأميركا من جهة أخرى بعد استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم وتورطها في سوريا.
روسيا تلمح لأزمة
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغى ريابكوف، حذر من أن نشر الولايات المتحدة لأنظمة الصواريخ الأرضية بالقرب من الحدود الروسية، يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مماثلة لأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وتنتقد روسيا خطط الولايات المتحدة المتعلقة بنشر أنظمة الصواريخ في أوروبا الشرقية، كما أنها لم تكن راضية عن انسحاب واشنطن من معاهدة الحد من الأسلحة النووية.
وقال ريابكوف في تصريحات إعلامية: "إذا وصلت الأمور إلى حد الانتشار الفعلي على أرض الواقع لهذه الأنواع من الأنظمة، فإن الوضع لن يصبح أكثر تعقيدا، بل سيتصاعد إلى أقصى حد".
وأضاف المسؤول الروسي أن ما يحدث يمكن أن يؤدي إلى "موقف نشهد فيه أزمة صواريخ، ليست قريبة فقط من أزمة الثمانينيات، بل من أزمة الكاريبي".
وبشأن انتشار الصواريخ الأميركية في أوروبا قالت السفيرة الأميركية لدى الناتو كاي بيلي هتشيسون للصحفيين إن واشنطن تفكر في الوقت الحالي بالأسلحة التقليدية فقط، وليس النووية.
وأكدت أن "كل الخيارات مطروحة، ولكننا ننظر إلى الأنظمة التقليدية، وهذا أمر مهم على حلفائنا الأوروبيين معرفته".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أدلى بتصريحات في فبراير الماضي، محذرا من أن موسكو ستقابل أي خطوة أميركية جديدة لنشر صواريخ نووية بالقرب من روسيا ببرد مماثل بصواريخها بالقرب من الولايات المتحدة.
ويشعر الحلفاء الأوروبيون بالقلق أيضا من نشر الصواريخ النووية الأميركية في أوروبا، كما حدث في ثمانينيات من القرن الماضي.
وألغت معاهدة الحد من انتشار الصواريخ متوسطة المدى، التي تفاوض عليها الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان والزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، وصادق عليها مجلس الشيوخ الأميركي، ترسانات الصواريخ متوسطة المدى لأكبر قوتين نوويتين في العالم وقلصت من قدرتها على شن ضربة نووية في مهلة قصيرة.
أزمة الصواريخ الكوبية
أزمة الصواريخ الكوبية اندلعت عام 1962 عندما رد الاتحاد السوفياتي على نشر الصواريخ الأميركية في تركيا بإرسال صواريخ باليستية إلى كوبا، هذا الأمر صعد حد المواجهة بين البلدين وصلت إلى شفا الحرب النووية.
ونجح الطرفان في احتواء الأزمة في 28 أكتوبر 1962، عندما اتفق حينها الرئيس الأميركي جون كينيدي والأمين العام للأمم المتحدة يو ثانت مع الاتحاد السوفياتي على إزالة قواعد الصواريخ من كوبا.
بالمقابل تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص بشكل سري من الصواريخ البالستية جوبيتر (PGM-19 Jupiter) وثور .(PGM-17 Thor)
بعد أسبوعين من الاتفاق، أي في نوفمبر 1962 أزالت موسكو جميع أنظمة الصواريخ ومعدات الدعم، وفي ديسمبر/كانون أول غادرت القاذفة السوفيتية اليوشن-28 إلى روسيا.
وانتهى الحظر على كوبا يوم 20 نوفمبر/تشرين ثاني 1962، وبعد 11 شهرا من الاتفاق أي في سبتمبر عام 1963، أبطل مفعول جميع الأسلحة الأميركية في تركيا.