دعت فعاليات مدنية بالجزائر المواطنين للخروج بقوة الجمعة المقبل من أجل "جعل الخامس من يوليو 2019 تجسيدا لتحرير الإنسان بعد تحرير الأرض" على حد تعبير شخصيات وطنية.
الدعوة جاءت في فيديو دعوي لحشد الجماهير برسم الجمعة الـ20 من الحراك الذي بدأه الجزائريون في 22 فبراير، وأثمر رحيل الرئيس بوتفليقة وسجن أغلب رموز الفساد في البلاد.
ورغم استقالة الرئيس وسجن شقيقه ومسؤولين مدنيين وعسكريين ضالعين في قضايا فساد، إلا أن المتظاهرين أبوا أن يوقفوا الحراك إلى غاية رحيل جميع رموز نظام بوتفليقة.
قيادة الجيش، ومنذ نحو شهر، بدأت تطلب من الشعب مسايرة الدستور، وعقلنة المطالب، لكن المتظاهرين الجزائريين يبدون مصممين على رحيل الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ووزيره الأول نورد الدين بدوي، بل منهم من طلب من قائد أركان الجيش نفسه، الفريق أحمد قايد صالح الرحيل وترك منصبه لأحد الشباب في قيادة الأركان.
المظاهرات العارمة، التي تعرفها شوارع أغلب محافظات الجزائر كل جمعة، أسقطت العديد من رموز الفساد "لكن الشباب بالجزائر يرفض العودة إلى البيوت حتى استكمال الاستقلال الذي بدأه الأجداد" على حد تعبير ياسين بن عبدلي أحد قادة الحراك بالعاصمة الجزائر.
واتفقت الشخصيات التي دعت لـ "مليونية الاستقلال" على أن هناك نية لإجهاض الحراك الشعبي من خلال ما وصفته بـ "الثورة المضادة" وأن الحل الوحيد لمواجهة ذلك يكمن في "التجنّد الدائم للحفاظ على سلمية الحراك".
ويعتبر متظاهرون جزائريون أن الحراك لم يحقق بعد أهدافه الأساسية وهي تغيير النظام بأكمله، والمرور لجمهورية ثانية.
"ذلك لن يتحقق ببقاء بن صالح وبدوي وحتى قايد صالح الذي سكت على جرائم بوتفليقة وزبانيته طيلة 20 سنة" يقول ياسين بن عبدلي في اتصال مع "الحرة".
بين جمعة وأخرى، تحاول السلطة مغازلة الشارع بإسقاط رأس من رؤوس النظام، كان آخرهم معاذ بوشارب رئيس البرلمان الذي اعتلى كرسي المجلس الشعبي الوطني بعدما أغلق أبواب البرلمان بأقفال حديدية في وجه رئيسه المنتخب سعيد بوحجة، فهل يتمكن الجزائريون إن استمروا على هذه الوتيرة من تغيير نظام الحكم بصفة جذرية؟
الأستاذ في كلية العلوم السياسية والإعلام بالعاصمة الجزائرية، بلقاسمي عثمان، يرى أن الحراك له حظوظ كبيرة ليبلغ النتائج المرجوة منه.
لكن الرجل اشترط أن يتم تأطير الشباب من طرف مواطنين يحملون رؤية سياسية واضحة، ثم اختيار ممثلين عن الحراك يتفاوضون مع السلطة بخصوص العملية الانتقالية وينقلون شروط الشعب.
يذكر أن الفريق أحمد قايد صالح ومن ورائه المؤسسة العسكرية، يصر على تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال لتجنيب الجزائر سيناريوهات "لا تخدم الشعب والوطن" على حد قوله.
في حين يرى شباب الحراك أن إيجاد خليفة لبوتفليقة "ليس بقدر أهمية رحيل الجميع وإعادة بناء دولة ذات أسس صحيحة" كما يبرزه ياسين بن عبدلي.
ويتابع بن عبدلي "هدفنا إسقاط النظام، وهدفهم الإبقاء عليه، الفيصل بيننا الشارع والمظاهرات السلمية".
ثم يختم قائلا "لا يمكن إعطاؤنا جرعات من الحرية أو الإجهاز عن كبش فداء كل أسبوع، نحن من سيجهز على هذا النظام".