قرب مقر ولاية ماساشوستس، وهو أقدم مقر حكومي في الولايات المتحدة، يرقد 12 ألف جثمان في مقبرة صغيرة، فيها أضرحة قادة حركة الاستقلال الأميركي عن بريطانيا، و"شهداء مجزرة بوسطن" الخمسة الذين قتلهم جنود بريطانيين عام 1770 وأصبح موتهم من الأحداث المهمة التي أدت إلى اندلاع الثورة الأميركية ضد بريطانيا ثم نيل الاستقلال.
في ذلك الوقت رأت بريطانيا ضرورة مشاركة المستعمرات تحت سيادتها في تحمل نفقات جيوشها في أميركا الشمالية ففرضت الضرائب، من بينها ضريبة على الشاي، على السكان، وأنشأت مكتبا للجمارك لجمع الضرائب في بوسطن.
هذه الضرائب قوبلت باحتجاجات عارمة في المستعمرات.
مع استمرار الاحتجاجات ألغيت الضرائب باستثناء الضريبة المفروضة على الشاي. فاشتعلت الاحتجاجات مرة أخرى ضد ضريبة الشاي خاصة في مدينة بوسطن. تصدى الجنود البريطانيون للمتظاهرين وقتلوا منهم خمسة أشخاص في ما سمى باسم "مجزرة بوسطن".
كانت القوات البريطانية متمركزة في مقاطعة خليج ماساتشوستس منذ عام 1768 لإنفاذ التشريعات المتعلقة بالضرائب بين السكان.
وفي خضم العلاقات المتوترة بين المدنيين والجنود البريطانيين، تعاركت مجموعة من المدنيين لفظيا مع حارس بريطاني وأطلقوا عليه وزملائه الحجارة وكرات الثلج، فرد الجنود بإطلاق النار على الحشد، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الفور وإصابة اثنين بجروح، ثم توفيا لاحقا.
مذبحة بوسطن كانت شرارة المد الثوري.
بدأ الأميركيون يهربون الشاي لتجنب دفع الضريبة فأصيبت الشركة البريطانية التي توفر الشاي للمستعمرات بأضرار مادية وطلبت مساعدة البرلمان البريطاني. أصبحت أسعار الشاي الذي تنتجه الشركة البريطانية أقل من الشاي المهرب، لكن سكان المستعمرات استمروا في المقاطعة ورفض التجار بيعه.
بعد ثلاث سنوات من مجزرة بوسطن وفي ليلة شتوية عام 1773، تخفى مجموعة من "أبناء الحرية"، وهم ناشطون استقلاليون في أزياء الأميركيين الأصليين واعتلوا سفينة بريطانية محملة بالشاي، وألقوا حمولتها في البحر. سميت هذه العملية باسم "حفلة الشاي" Tea Party
أشعلت "حفلة الشاي" شرارة احتجاجات ومواجهات لم تنطفئ إلا بعد سنوات ثلاث، عام 1776، باستقلال الولايات المتحدة الأميركية.
مشهد يتكرر في الرابع من يوليو كل عام في بوسطن: أطفال يغنون "ارموا الشاي في البحر" Dump the tea in the sea في الاحتفالات الصاخبة بعيد الاستقلال التي يشارك فيها الآلاف.