يعود تاريخ الوجود المسيحي في إيران، وريثة بلاد فارس إلى السنوات الأولى لبعثة المسيح، إذ يعد توما، أحد التلاميذ الإثني عشر للمسيح، ورسوله لبلاد ما بين النهرين وفارس، أول من بشر بالمسيحية هناك.
على الرغم من ذلك، ظلت الديانة المسيحية تمثل أقلية في فسيفساء المعتقدات في إيران، إذ كانت الزرادشتية (المجوسية) الديانة الرسميّة للدولة.
وبعد وصول الإسلام لإيران، أصبح الدين الأول في البلاد، وغلب عليه المذهب السني في العصور الأولى لانتشاره، ثم الشيعي حديثا، وفي ضوء ذلك انحصر عدد المسيحيين من الإيرانيين وأصبحوا أقلية بالكاد يعرف العالم وجودها.
المسيحيون في إيران.. مكون هام على الهامش
تشير إحصائيات إلى أنه يوجد في إيران نحو 350 ألف مسيحي، فيما أفاد مركز الإحصاء الإيراني أن عددهم لا يمكن أن يتجاوز 120 ألفا، وآخر إحصاء كشف عن وجود 117 ألف وسبعمئة مسيحي من بين 82 مليون نسمة.
لكن منظمة "أوبن دورز يو أس إيه"، أكدت في تقرير لها أن عددهم يضاهي 800 ألف، وأنهم يعيشون أوضاعا مزرية نتيجة الاضطهاد الذي يعيشونه.
كان من البديهي أن ينكمش دور المسيحيين في المجتمع الإيراني بعد سقوط الشاه محمد رضا بهلوي سنة 1979، وصعود نظام ثيوقراطي بقيادة آية الله الخميني، إذ هاجر كثيرون هربا من سياسة "أسلمة" الحياة في إيران على حساب المكونات الأخرى للمجتمع.
حظر الشعائر المسيحية باللغة الفارسية!
تقول منظمة "أوبن دورز يو أس إيه" إن المسيحيين في إيران يعانون من التمييز والاضطهاد، فهم لا يملكون حق التعبير عن معتقداتهم الدينية أمام الآخرين.
نظام الدولة يمنع عنهم ممارسة شعائرهم باللغة الفارسية، خوفا من انتشار المسيحية بين أوساط الإيرانيين، خصوصا وأن قوانين إيران تمنع التحول للديانة المسيحية أو الدعوة لها.
تتعامل السلطات الإيرانية مع المسيحيين والأقليات على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، فلا يحق للإيراني المسيحي ما يحق للإيراني المسلم، وتحظر عليهم في بعض الأحيان التواصل مع غيرهم من أبناء طوائفهم خاصة الأرمن والأشوريين.
اعتقالات ومضايقات
ذكرت شبكة فوكس نيوز الأمريكية، أن نظام طهران أطلق حملة قمع لإسكات المعارضين، وعلى رأسهم المسيحيون، ففي 9 أغسطس عام 2018، قضت محكمة إيرانية على اثنين من المسيحيين المتحولين وعشرة إيرانيين آخرين بالسجن لمدة عام واحد لكل منهم، بسبب "معارضتهم لتشريعات النظام الإيراني لصالح الديانة المسيحية".
كما تقوم السلطات الإيرانية بانتظام باعتقال المصلين، ومداهمة كنائس المنازل، ومصادرة الكتب (الأناجيل) والأقراص المدمجة المسيحية والأدب الديني، بينما تقوم وسائل الإعلام التي يسيطر عليها النظام بنشر الدعاية المعادية للمسيحية.
وذكر تقرير لجنة "الحرية الدينية الدولية" أن إيران شهدت عام 2018 "العديد من الإجراءات المتعلقة بالتضييق على الحريات الدينية واستمر مؤشر الحريات الدينية في التراجع لكل الجماعات الدينية المعترف بها وغير المعترف بها؛ حيث استهدفت الحكومة البهائيين والمسيحيين المتحولين على وجه الخصوص".
بجانب ذلك ألقي القبض على أربعة مسيحيين إنجيليين في مايو 2017، وحكم على كل منهم بالسجن لمدة 10 سنوات بسبب أنشطتهم في كنيسة كاثوليكية.
وترى طهران في التبشير للمسيحية بين أوساطها محاولة من الدول الغربية لتقويض نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.