احتشد جزائريون منذ الساعات الأولى لصباح الجمعة أمام البريد المركزي بالعاصمة، وانطلقوا في مسيرات مرددين هتفات مناوئة للسلطة ممثلة في الرئاسة المؤقتة والجيش.
المظاهرات الشعبية التي تشهدها الجزائر منذ 22 فبراير الماضي تطالب برحيل النظام بجميع رموزه التي رافقت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومن بينها الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ووزيره الأول نور الدين بدوي.
وانضمت غالبية محافظات الجزائر لمسعى التغيير الذي رسمه شباب الحراك الشعبي، إذ تنظم مسيرات في جميع المحافظات تقريبا كل أسبوع منذ أكثر من خمسة أشهر.
وبعد أن حاولت السلطة تهدئة الحراك، عن طريق إقالة مسؤولين وحبس من ثبت ضلوعهم في قضايا فساد، لم يتوقف الجزائريون عن الخروج للمطالبة بتغيير جذري، معتبرين أن "ما تقوم به السلطة تغيير سطحي وانحناء وقتي للعاصفة" على حد تعبير أحد المعلقين على فيسبوك.
‘ماكاش انتخابات يا عصابات’
وهتف المتظاهرون اليوم ضد قيادة العسكر ممثلة في قايد صالح نائب وزير الدفاع (الرئيس هو وزير الدفاع في الجزائر) وقائد أركان الجيش.
وعبّر الجزائريون كذلك عن رفضهم للانتخابات قائلين: "مكاش انتخابات يا عصابات" وكذا الحوار الذي نظمته أحزاب المعارضة، كما تصفها الصحافة المحلية، إذ يراها الشعب رديفا للسلطة بحكم عملها المتقطع مع نظام بوتفليقة طيلة عشرين سنة.
يظهر ذلك من خلال تدوينات أغلبية الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي ترافق كل مسيرة.
وردد الشباب اليوم هتافات مناوئة للحوار مثل "لا حوار! لا حوار مع العصابة!" ردا على "منتدى الحوار الوطني" الذي نظمته المعارضة "استجابة" لنداء الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح.
‘دولة مدنية’
على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدث التعبئة غالبا، وهناك طالب الجزائريون بتنحي العسكر عن القرار السياسي، وهو ما حمله وسم "دولة مدنية ماشي عسكرية".
الشباب الذين خرجوا اليوم بالعاصمة الجزائر، حيث أكبر تجمع سكاني، رددوا جميعهم "دولة مدنية ماشي عسكرية" و "الجزائر جمهورية ماشي ثكنة".
فبعدما أسقط الحراك رؤوس الفساد بالجزائر، انتقلت المطالبة خلال الأسابيع الماضية إلى مؤسسة الجيش التي وعدت، على لسان قائدها الفريق أحمد قايد صالح، بمرافقة الحراك وحماية المتظاهرين حتى تتم الاستجابة لجميع مطالبه.
لكن الجزائريين يرون في "تماطل" السلطة ممثلة في القيادة العسكرية دليلا على محاولة بقايا النظام في الحفاظ على نواته، وهو ما يردده ناشطون جزائريون خصوصا على فيسبوك وتويتر.
ظهرت في هتافات اليوم أيضا المطالبة بتطبيق المادتين السابعة والثامنة من الدستور، وهما المادتان اللتان تؤكدان على أن جميع السلطات بيد الشعب وهو من يقرر مصيره بنفسه، وقراره فوق كل إرادة.
'أطلقوا سراح معتقلي الرأي'
كما أكد المشاركون في مظاهرات هذا الجمعة على دعوتهم لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم لخضر بورقعة، وهو مقاوم معروف بالجزائر شارك في حرب التحرير ضد فرنسا، تم سجنه بسبب انتقاده لدور الجيش وما اعتبرها تدخلات المؤسسة العسكرية في تسيير شؤون البلاد منذ الاستقلال.
يذكر أن قوات الأمن والشرطة أغلقت جميع مداخل العاصمة، مخافة أن يلتحق مواطنون من الولايات المتاخمة لها ويصعب التحكم في المظاهرات.
في هذا الصدد، شدد ناشطون على المنصات الاجتماعية على ضرورة فسح المجال للحريّات وعدم الركون لمنطق القوة الذي أدى بالبلاد إلى حمام دم خلال العشرية السوداء.