ناشطات إيرانيات ضد الحجاب الإجباري
ناشطات إيرانيات ضد الحجاب الإجباري

بينما كانت تجلس الإيرانية صبا كردافشاري مع والدتها، اقتحمت قوات الأمن المنزل للقبض على الفتاة ذات الـ 22 ربيعا، لتظل في الحبس الانفرادي لمدة 11 يوما.

سبب اعتقال صبا لم يكن معروفا حتى تم نقلها إلى مركز احتجاز "وزرا" بطهران، حيث تعرضت لضغوط مستمرة كالتهديد باعتقال والدتها، من أجل الظهور أمام الكاميرا وإدانة حملة "الأربعاء الأبيض".

وحملة "الأربعاء الأبيض" هي منصة إلكترونية شهيرة تشارك فيها النساء من داخل إيران مقاطع فيديو لأنفسهن خلال سيرهن في الأماكن العامة من دون ارتداء غطاء للرأس، ويعبرن عن معارضتهن لارتداء الحجاب الإلزامي، ويناقشن آمالهن من أجل حقوق المرأة.

كردافشاري لم تكن الوحيدة التي تعرضت لغضوط من جانب السلطات الإيرانية، فخلال الأشهر الأخيرة اعتقلت ناشطات إيرانيات ضد سياسة الحجاب الإلزامي، بحسب تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية "أمنستي".

المعتقلة الإيرانية صبا كردافشاري

​​وقال تقرير المنظمة إن السلطات الإيرانية تستخدم الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والتهديدات ضد أفراد الأسرة، من أجل انتزاع "اعترافات" قسرية مصورة على الفيديو من المدافعات عن حقوق المرأة المحتجزات بسبب حملاتهن ضد قوانين الحجاب الإلزامي التمييزية في البلاد.

وقد رصدت المنظمة ما لا يقل عن ست حالات، وقعت منذ أبريل 2019. وفي إحدى هذه الحالات، تعرضت مدافعة عن حقوق المرأة للاختفاء القسري في الفترة من 2 إلى 13 يوليو.

وشرعت السلطات الإيرانية منذ فترة في عرض فيديوهات الاعترافات القسرية لهؤلاء الناشطات عبر وسائل الإعلام الرسمية مثل شبكة التليفزيون الإيراني الرسمية IRIB.

ويأمر مسؤولو الاستخبارات والأمن، الذين ينظمون إنتاج هذه الفيديوهات، المدافعات عن حقوق المرأة بالتراجع عن معارضتهن لارتداء الحجاب الإلزامي، وأن يقوموا بإدانة حملة "الأربعاء الأبيض"، والتعبير عن "الأسف" لأن يتم "تحريضهن" من قبل "عملاء المعارضة المناهضة للثورة"، خارج البلاد.

ياسمين أرياني، ومنيرة عربشاهي كانتا ضمن المعتقلات اللائي تم إرسالهن إلى مكان مجهول بطهران، حيث وضعت كاميرات تابعة لجهاز الدولة الرسمي، كي يتم تسجيل اعترافاتهما من دون موافقتهما.

وفي مارس 2019، استدعت السلطات الإيرانية زارين بادبا، والدة الناشطة الإيرانية الشهيرة المناوئة للحجاب الإلزامي، مسيح علي نجاد والتي تقيم حاليا بالولايات المتحدة، للتحقيق. وقد سألت الوالدة عن نشاطات ابنتها بينما كان يتم تصويرها.

الناشطة مسيح علي نجاد

​​وفي عام 2016 أطلقت صفحة My Stealthy Freedom التي تديرها الصحافية الإيرانية مسيح نجاد، حملة للتوعية بعقوبة الجلد.

ونشرت الصفحة صورا لإيرانيين وإيرانيات تعرضوا للجلد، سواء بسبب عدم ارتداء الحجاب بالنسبة للفتيات أو لتهم أخرى مثل الاختلاط أو لشرب المشروبات الكحولية.

النضال ضد الجبر

​​

 

واحتل النضال ضد الحجاب الإجباري عناوين الصحف لأول مرة في ديسمبر 2017 عندما وقفت سيدة حاسرة الرأس في شارع الثورة في طهران، ولوحت بحجابها الذي رفعته على عصا.

وعلى الرغم من محاولات إسكات المحتجين، ازدادت حدة النقاش العام واتسع نطاقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عندما نشر مقطع مصور الشهر الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي رجل أمن يمسك بفتاة مراهقة غير محجبة ويدفعها بعنف إلى مؤخرة سيارة تابعة للشرطة، مما أثار انتقادات واسعة النطاق.
 
وقد دعا هؤلاء المتشددون إلى فرض عقوبات صارمة، تصل إلى الجلد، بحجة أن السماح للمرأة بإظهار شعرها يؤدي إلى تقوض الأخلاق والتفكك الأسري. وحثت السلطة القضائية الإيرانيين مؤخرا على الإبلاغ عن النساء اللائي لا يرتدين الحجاب من خلال إرسال الصور ومقاطع الفيديو إلى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المعنية.
 
وقالت مينو أصلاني، رئيسة فرع النساء في جماعة الباسيج شبه العسكرية، في تجمع حاشد الأسبوع الماضي: "زيادة عدد النساء اللائي يرتدين ملابس فاضحة، تؤدي إلى تدهور السلم الاجتماعي سلامنا الاجتماعي، وارتفاع معدل الجريمة."

ناشطة إيرانية تقف وسط الشارع حاملة لافتة مكتوب عليها "لا للحجاب الإجباري"

و​​تشير دراسة استقصائية أجراها مركز أبحاث تابع للبرلمان الإيراني عام 2018 إلى أن معظم النساء يرتدين الحجاب غير الرسمي وأن 13 في المئة فقط منهن يفضلن الشادور.

يذكر أن المركز الإيراني للدراسات الاستراتيجية التابع لمكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، قد كشف في تقرير له عن أن 49.8 في المئة من الرجال والنساء في إيران يعتبرون الحجاب أمرا شخصيا لا يجب على السلطات التدخل فيه.

قصة الحجاب الإجباري

​​

 

وقد فرض الحجاب الإجباري في عام 1979، إلا أن العملية تمت على مرحلتين. الأولى كانت في نفس عام الثورة، عندما فرض على النساء ارتداء الحجاب عند خروجهن إلى الشوارع، وارتدائه في المؤسسات الحكومية.

القرار قوبل بالرفض، ففي الثامن أذار/مارس 1979، خرجت آلاف النساء إلى شوارع طهران احتجاجا على القرار وانضم إليهم رجال من جميع الأعمار والمجالات سواء من فئة الطلبة أو الأطباء أو المحامين، وأضرب كثيرون في طهران عن العمل احتجاجا على القرار.

​​أما المرحلة الثانية فكانت في عام 1983، عندما أقر قانون تجريم عدم ارتداء الحجاب، ووصلت العقوبة إلى الحبس مدة شهرين و74 جلدة، وقد احتجت الإيرانيات حينها بالنزول إلى الشوارع مرتدين ملابس سوداء.

تحاول الإيرانيات مقاومة فرض الحجاب من خلال وضع غطاء لا يغطي الرأس كاملا والذي أسمته وسائل الإعلام الإيرانية الموالية للحكومة باسم "بد حجاب" أو الحجاب السيء، فيما تقوم أخريات بتظاهرات مناهضة للحجاب الإجباري تنتهي غالبا باعتقالهن.