صدمة كبيرة خلفتها جريمتان بشعتان شهدهما المغرب مؤخرا، تتعلق الأولى باغتصاب طفل وقتله، والثانية باعتداء جنسي وحشي على شابة أفضى إلى وفاتها، ما دفع كثيرا من المغاربة إلى المطالبة بإعدام الجناة. 

ففي الوقت الذي يطالب العديد من النشطاء الحقوقيين بإلغاء الإعدام في المغرب، خصوصا أنه لم ينفذ منذ أكثر من عقدين، ويؤكدون أن هذه العقوبة لا يمكن أن تحد من الجريمة، هناك أصوات أخرى تطالب بالإبقاء عليه وتنفيذه لردع ما يسمونها جرائم متنامية، خاصة جنايات القتل والاغتصاب.

أديب: المغتصبون يستحقون الإعدام

قبل يومين، أعيد تمثيل واقعة اغتصاب شخص بمدينة مكناس لطفل لا يتعدى عمره 10 سنوات وقتله. 

وقائع تمثيل الجريمة خلفت غضبا عارما بين مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي الذين طالبوا بتنفيذ عقوبة الإعدام في جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، مستنكرين العقوبات الحبسية الخاصة بهذه الجرائم، معتبرينها "مخففة". 

رئيسة جمعية "ما تقيش ولادي"، نجية أديب، واحدة من المدافعين عن تطبيق الإعدام في هذه الجرائم، إذ ترى أنها العقوبة الوحيدة الكفيلة بردع مرتكبيها والحد منها. 

​​"ماذا تعني عقوبة سنة أو سنتين لمغتصب طفل؟"، تتساءل أديب باستنكار مضيفة: "السجن لم يعد رادعا، السجن بشكله الحالي صار أشبه بفندق خمس نجوم لهؤلاء المجرمين، يدخلونه ويخرجون ليرتكبوا جرائم أفظع". 

وتتابع أديب تصريحها لـ"أصوات مغاربية" مبرزة "تسجيل حالات عودة كثيرة في هذه الجرائم"، كما تؤكد أن "الإعدام وحده سيردع هؤلاء المجرمين، وسيدفعهم للتفكير ألف مرة قبل الإقدام على الاعتداء على طفل".

"مغتصبو الأطفال يستحقون الإعدام، ليس مرة واحدة بل أكثر من مرة إن أمكن ذلك"، تقول أديب التي ترد على رافضي تلك العقوبة من منطلق الدفاع عن الحق في الحياة.

وتردف الناشطة الحقوقية قائلة: "حقوق الإنسان تطبق على الإنسان، ومرتكب تلك الجرائم ليس بإنسان، هو ذئب بشري يغتصب براءة الأطفال ويدمر المجتمع". 

الرياضي: الإعدام ليس حلا

لم يكد الرأي العام المغربي يستفيق من صدمة الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الطفل رضى، حتى صُدم بوقائع جريمة أخرى لا تقل بشاعة حرص مرتكبوها على توثيقها بالصوت والصورة. 

فقد وثق فيديو انتشر بداية الأسبوع الجاري واقعة اغتصاب وحشي لامرأة باستعمال قنينات زجاجية، وهو الفيديو الذي صدر بشأنه بلاغ لمديرية الأمن يوضح أنه يتعلق بواقعة سبق للمديرية معالجتها في يونيو الماضي، بعد العثور على الشابة في أحد أزقة مدينة الرباط قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة متأثرة بالإصابات البليغة التي تعرضت. 

هذه الواقعة بدورها حشدت أصواتا كثيرة مؤيدة لتنفيذ عقوبة الإعدام في حق مرتكب هذه الجريمة وجميع مرتكبي جرائم الاغتصاب، في مقابل أصوات أخرى تتشبث برفض العقوبة، وإن كانت تدافع عن عدم الإفلات من العقاب وتشديد تطبيقه شرط عدم المس بالحق في الحياة. 

​​"من الطبيعي أن يشعر الناس بالغضب والاستنكار تجاه تلك الجرائم وأن يرى البعض ضرورة إعدام مرتكبيها"، تقول الناشطة الحقوقية، خديجة الرياضية، مضيفة: "لذلك فإن الدول التي ألغت الإعدام لم تقم بذلك استجابة لطلب شعبي بل كان قرار الأقلية التي كانت لديها إرادة سياسية قوية".

​​في الوقت نفسه، تتساءل الرياضي باستغراب عما استند إليه المدافعون عن الإعدام ليخلصوا إلى أنه سيحد من الجريمة، موضحة أن "الدراسات والمقارنة بين البلدان التي تطبق الإعدام وتلك التي لا تطبقه أثبتت عكس ذلك". 

"المجتمع المغربي لم يكن هكذا، لم نكن نرى هذا الكم من العنف وهذا النوع من الجرائم"، تقول الرياضي التي ترى أن "سياسات الدولة" في مجال بينها التعليم "هي التي أوصلت الناس إلى هذا المستوى".

وتدعو الناشطة الحقوقية إلى "دراسة ومعالجة الأسباب التي أدت إلى العنف والجريمة للقضاء عليهما من الجذور بدل الانسياق نحو الحلول البسيطة".

تبعا لذلك، تشدد المتحدثة، في تصريحها لـ"أصوات مغاربية"، على أن "الإعدام ليس هو الحل"، منبهة إلى أن "مناهضة الإعدام لا تعني على الإطلاق الاصطفاف إلى جانب المجرم"، ذلك أن "من يرفضون الإعدام يطالبون، أيضا، بإنزال العقوبة على المجرمين وعدم التسامح مع الجريمة"، وفق قولها.​

 

المصدر: أصوات مغاربية