تسببت الانعكاسات السياسية الناجمة عن حادث إطلاق نار في لبنان، في إصابة الحكومة بالشلل في لحظة حرجة، والمخاطرة بتعقيد الجهود المبذولة لتنفيذ الإصلاحات اللازمة والهادفة إلى إبعاد الدولة المثقلة بالديون عن الأزمة المالية، بحسب تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز.
وقتل مرافقان لوزير في حادث إطلاق نار عندما مر موكبه بقرية في جبل الشوف قبل شهر، وهو حادث اعتبره الوزير محاولة اغتيال من قبل خصومه الذين نفوا بشدة الاتهام.
ومع ضلوع أحزاب رئيسية في حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية في الأمر، لم يتمكن رئيس الوزراء سعد الحريري من عقد مجلس الوزراء ووصلت جهود الوساطة المبذولة للخروج من الأزمة إلى طريق مسدود بشأن المحكمة التي ينبغي أن تنظر في القضية.
والوزير المعني هو صالح الغريب، حليف السياسي الدرزي طلال أرسلان المقرب من دمشق والذي يتمتع بدعم حزب الله الشيعي.
ويحمل أرسلان الحزب التقدمي الاشتراكي وهو حزب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مسؤولية "سفك الدماء".
ويقول الحزب التقدمي الاشتراكي إن الحادث كان عبارة عن تبادل لإطلاق النار بدأه مرافقو غريب، حيث أصيب اثنان من أنصار جنبلاط.
ويرى حزب جنبلاط الذي ينتقد بشدة الرئيس السوري بشار الأسد، ذلك كجزء من حملة أوسع لإضعاف نفوذه على الدروز في لبنان.
"الشلل أوقف مناقشات ميزانية عام 2020"
وقال مسؤول كبير لوكالة "رويترز، إن الشلل أوقف مناقشات ميزانية عام 2020 وهو جزء حيوي من الجهود المبذولة لسد الفجوات الهائلة في المالية العامة وإقناع المستثمرين بأن الدولة جادة بشأن الإصلاحات التي طال انتظارها.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه "بصراحة، لا يمكننا البقاء هكذا لفترة أطول بكثير".
وأشار المسؤول إلى أن من المقرر أن تصدر وكالتان للتصنيف الائتماني تقريرين عن لبنان في الأسابيع المقبلة، وفي حين أن البداية السريعة لمناقشات مجلس الوزراء حول الميزانية قد تنعكس بشكل إيجابي، فإن استمرار التوتر قد يكون له تأثير معاكس.
ووافق البرلمان على ميزانية 2019 في وقت سابق من هذا الشهر بهدف خفض العجز.
ووصف صندوق النقد الدولي هذه الخطوة بأنها "لحظة مهمة للبنان".
وبعد سنوات من التدهور تزايد حافز الإصلاح بسبب ركود اقتصادي وتوقف فعلي في تدفق الدولارات على البنوك اللبنانية من الخارج.
ويعتمد لبنان على تحويلات اللبنانيين في الخارج في تمويل العجز في حساب المعاملات الجارية وميزانية الدولة.
وكان جبل الشوف في 30 يونيو مسرحا لأحد أكثر الحوادث دموية منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وقال بيان القمة الروحية المسيحية الإسلامية التي عقدت الثلاثاء، إن الحادث أدى "إلى تعطيل عمل الحكومة الذي هو حاجة ماسة للاستقرار السياسي والأمني وللنهوض الاقتصادي".
وما زاد من تعقيد المشهد أن الحادث وقع أيضا خلال جولة رئيس التيار الوطني الحر وهو صهر الرئيس ميشال عون في المنطقة.
ويعد أرسلان محسوبا على الرئيس عون ووزير الخارجية جبران باسيل.
وتصاعدت التوترات في ذلك اليوم حيث جرت احتجاجات من أنصار جنبلاط ضد زيارة باسيل للشوف.
وانحاز المعسكر العوني ضد جنبلاط، الخصم اللدود لعون خلال الحرب الأهلية، وتبنى وزير الدفاع إلياس بو صعب وجهة نظر غريب بأن الحادث كان "كمينا".
وفي مؤتمر صحفي الاثنين تمسك أرسلان بطلبه بإحالة القضية للمجلس العدلي، وقال إن هذا يجب أن يكون البند الأول على جدول أعمال أي اجتماع لمجلس الوزراء.
ورفض جنبلاط إحالة القضية إلى تلك المحكمة.
وقال رامي الريس، المتحدث باسم الحزب التقدمي الاشتراكي الذي ينتمي إليه جنبلاط، "لا توجد معايير محددة واضحة المعالم بشأن أي من القضايا ترفع إلى هذه المحكمة، وكانت هناك عدة قضايا أخرى أكثر خطورة لم تذهب إلى هذه المحكمة".
وقال إن جنبلاط "اتخذ خطوات لحل الأزمة بما في ذلك تسليم العديد من المشتبه بهم إلى القضاء، بينما لم يتم تسليم أي منهم من الجانب الآخر".