أميركيون يتضامنون مع عائلات ضحايا هجوم تكساس
أميركيون يتضامنون مع عائلات ضحايا هجوم تكساس

خلال أقل من 24 ساعة، حصدت عمليتا إطلاق نار في الولايات المتحدة 29 قتيلا، إذ لقي 20 شخصا مصرعهم صباح السبت في مدينة إل باسو بولاية تكساس في حين قتل تسعة آخرون فجر الأحد في مدينة دايتون بولاية أوهايو.

وتقع مدينة إل باسو على الحدود مع المكسيك، ويشكل الناطقون بالإسبانية نحو 85 في المئة من سكانها. أما مطلق النار فيها فهو شاب أبيض في الحادية والعشرين من العمر قاد سيارته لمدة تسع ساعات من إحدى ضواحي مدينة دالاس ليرتكب مجزرة في ساعة ذروة داخل مركز تجاري في إل باسو، في هجوم تشتبه الشرطة بوجود دوافع عنصرية وراءه.

وبعد 13 ساعة على مجزرة إل باسو زرع مسلح الرعب في أحد أحياء مدينة دايتون في ولاية أوهايو عندما أطلق النار على المارة فقتل تسعة أشخاص في أقل من دقيقة، قبل أن ترديه الشرطة التي أعلنت أنه شاب أبيض أيضا في الرابعة والعشرين.

وبعد الحادثين، ارتفعت العديد من الأصوات في الولايات المتحدة مطالبة السلطات بالتعاطي بجدية مع التهديد الذي بات يمثله "الإرهاب الأبيض".

"خطاب الكراهية"

وتداول ناشطون ووسائل إعلام أميركية حديثا منسوبا للجاني يندد فيه بـ"الاجتياح اللاتيني لتكساس"، ويتطرق إلى المجزرة التي ارتكبها عنصري أبيض يؤمن بتفوق العرق الأبيض استهدفت مسجدين في كرايست تشيرش في نيوزيلندا في 15 مارس الماضي ما أدى الى مقتل 51 شخصا.

و"القومية البيضاء" مصطلح ذاتي للجماعات التي تعتنق رؤية للتاريخ والثقافة والحضارة والسياسة تقع "الشعوب البيضاء" في صلبها.

وتفوق البيض أو سيادة البيِض هو فكر عنصري مبنى على الاعتقاد بأن الأفراد أصحاب العِرق والأصل الأبيض هم أسياد على كل البشر من الأعراق الأخرى. وأدّى هذا المفهوم إلى الكثير من الاعتداءات والعنف وأنتج خطاب كراهية ضد مجموعات من البشر من ذوي البشرات غير البيضاء.

"اليمين المتطرف"

وكان مركز "ساذرن بوفرتي لو" المتخصص في رصد الجماعات المتطرفة قد أحصى مقتل 81 شخصا في الولايات المتحدة على أيدي "أفراد متأثرين باليمين المتطرف" منذ 2014، مشيرا إلى أن العام 2018 كان "الأكثر دموية" إذ سجل لوحده مقتل حوالي 40 شخصا، ويصبح العدد الإجمالي حاليا أكثر من 110 قتلى.

وفي مايو الماضي، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "أف بي آي" الأربعاء أنه يحقق حاليا في 850 قضية إرهابية محلية يستهدف معظمها نشطاء من اليمين المتطرف أو مناهضين للحكومة.

وقال مايكل ماكغاريتي مساعد مدير قسم مكافحة الإرهاب في الشرطة الفيدرالية إن نصف التحقيقات تشمل أفرادا يعارضون الحكومة الفيدرالية أو السلطات.

وأضاف خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب أن 40% من التحقيقات الأخرى تصب في خانة قضايا العنصرية و"قسم كبير" منها يتعلق بمتطرفين يؤمنون بنظرية تفوّق العرق الأبيض.

وعزا المسؤول الأمني سبب ازدياد مخاطر التطرف الداخلي إلى عاملي السهولة والسرعة اللذين توفّرهما الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وهو أمر مماثل لما يحصل في حالة التطرّف الإسلامي.

وأوضح ماكغاريتي أنّه بفضل الإنترنت بات بإمكان الناشطين العثور على محتوى يدعم أيديولوجيتهم دون الحاجة إلى السفر أو مقابلة أشخاص آخرين، ما يتيح لهم "التطرّف والاستعداد للعنف بسرعة".

ويعتبر روبرت ماكنزي المسؤول في المركز البحثي "نيو أميركا" أن السلطات تأخرت في التحرك لمواجهته. وكتب في مطلع السنة الحالية "حتى في عهد الديموقراطي باراك أوباما تجاهلت أجهزة الاستخبارات مرارا تهديدات مصدرها اليمين المتطرف لأسباب سياسية".

"مرض عقلي"

وبعد عمليتي إطلاق نار حصدتا 29 قتيلا، أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد أنّ "لا مكان للكراهية" في الولايات المتّحدة، معتبرا أنّ مرتكبي هذه الهجمات يعانون من "مرض عقلي".

وأضاف قبيل صعوده مع زوجته ميلانيا على متن الطائرة الرئاسية للعودة إلى واشنطن "يجب لهذا الأمر أن يتوقف. إنّه مستمرّ منذ سنوات.. وسنوات في بلدنا"، في إشارة إلى عمليات إطلاق النار التي تدمي الولايات المتحدة باستمرار.

وأتى تصريح ترامب بعدما ارتفعت أصوات كثيرة في الولايات المتحدة تطالب السلطات بالتعاطي بجدية مع التهديد الذي بات يمثّله "الإرهاب الأبيض"، في حين اتّهم الديمقراطيون الرئيس الجمهوري بتغذية هذا العنف بتصريحاته المتفلتة.

وأشار ترامب إلى أنّه تحدّث بعد عمليتي إطلاق النار بإسهاب مع كل من وزير العدل بيل بار ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي الذي كان من بين الذين حذروا من التهديد المتزايد لمعتنقي نظرية تفوق العرق الأبيض.

وقبل أن يلقي ترامب خطابا رئاسيا الإثنين، غرد على تويتر، مقترحا على الجمهوريين والديمقراطيين التوافق حول تشديد القيود على الأسلحة وربطه بمشروعه حول الإصلاحات المتعلقة بالهجرة.