شهد الإثنين، آخر تصعيد لمظاهرات هونغ كونغ التي بدأت قبل شهرين، حيث تحولت مسيرات في المدينة إلى مواجهة مع الشرطة، ومع فشل الشرطة من تخفيف حدة المظاهرات ردت بكين بتحذيرات ما يثير المخاوف تجاه احتمالية تدخل قوات جيش التحرير الشعبي إن فقدت الشرطة السيطرة على الأوضاع.
وانتشر مقطع فيديو استمر ثلاث دقائق أظهر قوات الجيش التحريري خلال تقدمها ضد المتظاهرين في منطقة مدنية في 31 يوليو، وهذا ساهم في دعم مخاوف انخراط الجيش بشكل أكبر.
لكن يرى مراقبون أن تدخل قوات الجيش التحريري سيدمر سمعة بكين، لكن من الأرجح، والأكثر إثارة للمخاوف، قدوم الشرطة المسلحة الشعبية، لأنه ورغم سمعة الجيش التحريري بسحق التظاهرات في ميدان تيانانمين عام 1989، إلا أن الشرطة المسلحة معروفة بتعاملها مع الاضطرابات المحلية.
وتقوم الشرطة المسلحة بمعظم "الأعمال القذرة" للقضاء على المعارضة الداخلية، حيث تستلم الحفاظ على الأمن الداخلي بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب، وتشهد أبرز نشاطها في إقليمي شينجيانغ والتبت، اللتين تعتبران من أكثر المناطق المعارضة في الدولة وأكثرها تعرضا للاضطهاد، وخلال الحروب تقع على عاتق الشرطة المسلحة توفير الدعم للجيش التحريري، وفقا لما ذكره تحليل عبر موقع "Foreign Policy".
وفي شينجيانغ ارتبطت الشرطة المسلحة بعمق في التعامل مع المظاهرات وشن المداهمات والقبض على ما تسميهم بالعناصر.
وكانت هذه الوحدة من تعامل مع مظاهرات أورومجي عام 2009، حيث قال شهود من الإيغور، أن القوات أطلقت الرصاص الحي، ويبدو أن الصين تحكم قبضتها على إقليم شينجيانغ، بالأخص مع سجن أكثر من مليون من الإيغور في مراكز احتجاز.
وتثبت الشرطة المسلحة وجودا قويا في التبت، حيث حاربت موجة احتجاجات في مارس 2008، المعروفة أيضا باسم "أعمال شغب 14-3" في الإعلام الصيني.
وعدا عن هذين الإقليمين، كانت الشرطة المسلحة فعالة عبر الصين في طمس المظاهرات الواسعة حول مواضيع تخص سياسات العمل والمخاوف البيئية، وهذا كان واضحا بالأخص في بداية الألفية، عندما انخرطت الشرطة المسلحة الشعبية في وقائع جسيمة، من بينها تدمير مظاهرة في مصنع للطاقة في شانوي بغوانغدونغ، حيث نقلت التقارير مقتل 20 شخصا، ومحاصرة قرية ووكان . أيضا في المدينة ذاتها قمعت مظاهرة أخرى عام 2011 احتج فيها المشاركون من استغلال السلطة، وإن أرادت الصين غزو تايوان وفرض سيطرتها عليها، فمن المحتمل جدا أن تتمكن الشرطة المسلحة من القضاء على المعارضة المدنية.
ومع انتشار حوالي مليون ونصف من أفراد الشرطة المسلحة حول البلاد، لاشك أنها تعتبر قوة هائلة تمكن السلطات الصينية من الحفاظ على حكمها ونفوذها، بل هي ضرورية للدرجة التي تفرض إدارتها من قبل اللجنة العسكرية المركزية منذ إعادة تشكيل إداري في 2018، وقبلها تبعت الوحدة لإدارة مشتركة بين هيئة الجيش ومجلس الدولة (مجلس الوزراء الصيني).
وهذه الخطوة ترفع الرقابة المدنية عن الشرطة المسلحة، لتصبح عسكرية بالكامل، ويقال أن هذه الخطوة أتت بحجة منع السلطات المحلية من استخدام الشرطة المسلحة لصالح أغراضها الخاصة التي قد تتضمن استخدامها ضد الحكومة المركزية، وفي الوقت ذاته تركز قوة التحكم بهذه الوحدة بين يدي الرئيس الصيني تشي جينبينغ، الذي يترأس أيضا اللجنة العسكرية المركزية.
وفي السابق كانت الشرطة المسلحة الشعبية مسؤولة عن مجالات متنوعة، مثل الغابات ومكافحة الحرائق واستخدام المياه لإنتاج الطاقة إضافة إلى حراسة الحدود، ولكن كجزء من إعادة تشكيلها عام 2018 حولت هذه الوحدات إلى وزارات أخرى، حيث نمت قوة الشرطة المسلحة ودورها العسكري ليهدف أساسا دعم الجيش التحريري الشعبي.
وتعرضت الشرطة المسلحة إلى تغيرات عديدة، حيث كانت جزءا من الجيش التحريري، لكنها تفرعت عنه عام 1982 لتصبح قوة مستقلة بذاتها، وتملك تجهيزاتها العسكرية الخاصة، من الأسلحة والمدفعيات والمروحيات ووحدات القتال الخاصة بالإضافة إلى المدرعات والطائرات المسيرة الخاصة بها.
وتشهد هونغ كونغ وجودا قويا للجيش التحريري مع تقارب مقره إلى جانب مقر الحكومة في هونغ كونغ والمباني التشريعية، ومن النادر رؤية وحدات الجيش في وضح النهار، حيث يتم الحفاظ على سرية الحركة لعدم دفع السكان المحليين إلى الشعور بالتهديد، إلا أنه تقع على عاتق الجيش شن العمليات العسكرية ضد الأهداف الخارجية، وليس مواجهة المظاهرات المحلية.