مصطفى هاشم- واشنطن
"يعيشون في سجن كبير، وفرضت الأحكام العرفية، وتقييد على الذهاب لصلاة الجمعة في المساجد القريبة فقط، حتى ماكينات الصراف الآلي (ATM) لا تعمل"، هكذا يصف رئيس تحرير صحيفة ميللي جازيت الهندية ظفر الإسلام خان في حديثه مع "موقع الحرة" الوضع في كشمير الهندية.
ومع استمرار العزل التام عن كشمير الهندية منذ 4 أغسطس الجاري بعد إلغاء الحكم الذاتي، الذي استمر لسبعة عقود، تتصاعد التوترات بين الجارتين النوويتين بعد مقتل خمسة جنود باكستانيين ومثلهم من الهنود في اشتباكات على الحدود، مع حالة غليان، وانتظار ما ستسفر عنه جلسة لمجلس الأمن الدولي الجمعة، تثار التساؤلات حول سيناريوهات الأزمة المحتدمة.
عزل كامل عن العالم
يقول ظفر الإسلام: "الناس هناك أصبحوا معزولين تماما عن العالم، هم في حالة غريبة لا يعرفون كيف يتصرفون، وذلك بعد أن كانوا يعيشون في وضع أفضل من مناطق هندية أخرى، وكان بعض الهنود من بعض المناطق الأخرى يذهبون هناك للعمل في السياحة أو المزارع لكنهم أُخرجوا قبل إعلان القرار".
وخشية حدوث احتجاجات واضطرابات بسبب الخطوة الهندية، يخضع القسم الهندي من كشمير لإغلاق منذ أكثر من أسبوع مع إرسال عشرات الآلاف من الجنود كتعزيزات الى سريناغار، المدينة الرئيسية، وبلدات وقرى أخرى، مع فرض حظر تجول في المنطقة وقطع خطوط الهاتف والانترنت.
وكشمير مقسّمة إلى شطرين: هندي وباكستاني منذ استقلال البلدين في عام 1947.
وتسيّر القوات الهندية دوريات في الطرق الرئيسية للإقليم، وقد استخدمت قوات الأمن الجمعة، الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة شارك فيها نحو ثمانية آلاف شخص للاحتجاج على خطوة الحكومة.
واحتجزت الهند أساتذة جامعيين ورجال أعمال ونشطاء وصحفيين من بين أكثر من 500 شخص في المنطقة، ونقلت بعضهم إلى أماكن مختلفة من الهند، بحسب تقارير صحافية.
Irfan Amin, 26, a journalist working with Greater Kashmir was picked up by a paramilitary vehicle. There is no information on why he was abducted by the state forces. #Kashmir https://t.co/lE6JZJ60EJ
— Shehla Rashid شہلا رشید (@Shehla_Rashid) August 15, 2019
وكانت ولاية جامو وكشمير تتمتع حتى قبل الإعلان الهندي، بوضع خاص يضمنه الدستور الهندي. ويتيح للولاية التشريع في كافة القضايا باستثناء شؤون الدفاع والخارجية والاتصالات.
وأنهى المرسوم الإمتيازات التي كان يتمتع بها أبناء المنطقة لا سيما فيما يتعلّق بشراء العقارات والتوظيف.
ويقول ظفر الإسلام خان لـ"موقع الحرة": "في الهند كان يوجد 29 ولاية والآن 28 ولاية بعد تقسيم ولاية كشمير إلى منطقتين اتحاديتين تتبعان المركز الرئيسي مباشرة هما منطقة كشمير وجامو ومنطقة لداخ"، مشيرا إلى أنها أول ولاية هندية تحول إلى منطقة اتحادية، مضيفا أن "عدد المناطق الاتحادية في الهند حوالي عشر مناطق فقط وهي مناطق صغيرة وبها مشاكل".
وقالت السلطات الهندية إنها رفعت القيود عن منطقة جامو، حيث غالبية السكان من الهندوس، إلا أنها تواصل فرضها في وادي كشمير الذي يعتبر مهدا لمقاومة الحكم الهندي منذ عقود.
ويقول ظفر الإسلام خان: "إن الخطوة لم تكن مفاجئة، حيث كان معسكر رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومي الهندوسي، الذي أعيد انتخابه في مايو لولاية ثانية، يتعهد منذ زمن بإلغاء الوضع الخاص لكشمير، لأنهم لا يريدون أن تكون هناك أي ولاية يكون بها أغلبية مسلمة، وكشمير كانت الولاية الهندية الوحيدة التي يشكل فيها المسلمون أغلبية".
أما السبب المباشر للخطوة فيرى ظفر أن بلاده خشيت من تصريحين للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل هذا القرار صرح فيهما بأنه مستعد للوساطة بين الهند وباكستان لحل القضية الكشميرية، "الهند خافت أن تضع الولايات المتحدة ثقلها خلف باكستان ولذلك بادرت بإنهاء الأمر، والآن هي تقول إن القضية انتهت وليس هناك شيء اسمه كشمير ولكن منطقة اتحادية تابعة مباشر للمركز لها حاكم غالبا سيكون من الحزب القومي الهندوسي".
ويقول السفير الباكستاني السابق جاويد حفيظ لـ"موقع الحرة"" إن خطة الحزب الحاكم المتطرف في الهند هو تهميش المسلمين في كشمير وتحويلهم إلى أقلية، حيث يشكل المسلمون في كشمير المحتلة 65% من عدد السكان هناك".
وأشاد رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي الخميس بالخطوة "الرائدة" بإلغاء الحكم الذاتي في القسم الذي تسيطر عليه الهند من إقليم كشمير، فيما حذر نظيره الباكستاني عمران خان من "التطهير العرقي".
واستبدل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان صورته على تويتر بدائرة سوداء.
وكتب خان على تويتر متسائلا: "هل سيشهد العالم صامتا مجزرة أخرى تشبه مجزرة سريبرنيتسا وتطهير عرقي للمسلمين في القسم الذي تحتله الهند من كشمير؟"، في إشارة إلى المذبحة التي تعرض لها مسلمون في يوغسلافيا السابقة في 1995.
کیا دنیا خاموشی سے مقبوضہ کشمیر میں مسلمانوں کی نسل کشی اور سربرینیکا جیسے ایک اور قتل عام کا نظارہ کرے گی؟میں اقوام عالم کو متنبہہ کرتا ہوں کہ اگر اسکی اجازت دی گئی تو مسلم دنیا سے شدید ردعمل اور سنگین نتائج برآمد ہوں گے، انتہاء پسندی کو ہوا ملے گی اور تشدد کا نیا دور ابھرے گا۔
— Imran Khan (@ImranKhanPTI) August 15, 2019
وصرح مسؤولون في الجزء الذي تحكمه باكستان من كشمير الخميس أن ثلاثة جنود قتلوا في قصف هندي عبر الخط الفاصل الذي يعتبر حدودا بين المنطقتين، لكن خمسة جنود هنود قتلوا عندما ردت القوات الباكستانية.
وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال آصف غفور على تويتر "يتواصل التبادل المتقطع لإطلاق النار".
وفي حادث منفصل قتل شخصان آخران في باتال في الجزء الباكستاني من كشمير.
ما هي خيارات باكستان؟
أعلنت باكستان عن طرد السفير الهندي وتعليق التجارة مع الهند ضمن إجراءات أخرى.
وتحدث السفير الباكستاني السابق جاويد حفيظ لـ"موقع الحرة" عن خيارات أخرى لبلاده في الرد على الخطوة الهندية منها اللجوء للأمم المتحدة.
حيث أطلقت باكستان حملة دبلوماسية تهدف إلى الغاء الخطوة الهندية، وطلبت رسميا من مجلس الأمن الدولي الثلاثاء عقد جلسة طارئة لمناقشة الخطوات الهندية "غير القانونية".
ويعقد مجلس الأمن الدولي صباح الجمعة اجتماعا مغلقا لبحث الوضع في كشمير، على ما أفاد دبلوماسيون الخميس.
يشير حفيظ إلى أن من الخيارات الأخرى هي "الاتصال بجميع العواصم وإخبارهم بما يجري في كشمير من قمع بغرض بسط الهيمنة الهندية على هذه الولاية التي كانت تحكم بحكم ذاتي، والاتصال أيضا بجميع وسائل الإعلام في العالم، فضلا عن أن الشعب الكشميري سينظم مظاهرات في جميع أنحاء العالم".
وجرت تظاهرة الخميس في لندن شارك فيها بضعة آلاف رافعين أعلام باكستان أمام السفارة الهندية احتجاجا على إلغاء الحكم الذاتي في الشطر الهندي من كشمير.
رئيس تحرير صحيفة ميللي يرى أن باكستان ستحاول إحياء الحركة الانفصالية المسلحة في كشمير التي كانت قد تراجعت بسبب الضغوط الهندية
ومن شأن قرار نيودلهي أن يفاقم التمرّد الدامي القائم في كشمير والذي خلف أكثر من 70 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين، منذ 1989.
يقول ظفر الإسلام إنه كان هناك حوالي 40 ألف مسلح أوائل تسعينيات القرن الماضي، لكن بفعل الضغوط الدولية تراجعت باكستان عن دعم الانفصاليين وانخفض العمل العسكري حتى وصل عدد المسلحين إلى 250 عنصرا فقط حسب التقديرات الرسمية الهندية.
لكن ظفر الإسلام خان يرى أن من شأن القرار الهندي أن ينعش الحركة المسلحة من جديد خاصة وأن الشعب الكشميري رفض رفضا قاطعا إلغاء الحكم الذاتي.
هل تتجه الأمور إلى حرب؟
يعتقد ظفر الإسلام خان أن باكستان ستتجه، في نهاية الأمر، إلى شن حرب لفرض قضية كشمير على المجتمع الدولي، إذا فشل مجلس الأمن في إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وإذا فشلت مساعيها الدبلوماسية واتصالاتها.
ويضيف أن "باكستان اتجهت إلى الصين والولايات المتحدة ودول أخرى، وربما هذه الدول لن تضغط على الهند بالصورة المطلوبة لأن لديها مصالحها معها، ومع التصعيد الحاصل من القيادة الباكستانية أرى أنهم يخططون لحرب إذا فشلو لأن سكوتهم معناه انتهاء القضية بصورة نهائية".
السفير الباكستاني السابق جاويد حفيظ يقول: "شن الحرب أمر وارد، وامتلاك الدولتين للردع النووي يزيد من الخطر على الجميع الذين لن يكون فقط على الهند وباكستان".
وكان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قد شبّه حكومة مودي بألمانيا النازية، وقال إن الوقت قد حان لتلقين دلهي درسا، واعدا "بالقتال حتى النهاية" ضد "العدوان" الهندي.
وقال خان في خطاب متلفز من مظفر أباد، عاصمة القسم الباكستاني من كشمير: "لدى الجيش الباكستاني معلومات تفيد بأنهم (الهند) يخططون للقيام بشيء في كشمير الباكستانية، وهو جاهز وقادر على الرد بقوة"، مضيفا: "قررنا أنه إذا حصل أي انتهاك من قبل الهند فسنقاتل حتى النهاية".