جيفري إيبستين بعد القبض عليه في تهم جنسية - 28 مارس 2017
جيفري إيبستين بعد القبض عليه في تهم جنسية - 28 مارس 2017

بعد ثمانية أيام على وفاته، لا تزال صورة رجل المال جيفري إيبستين الذي اعتدى جنسيا على العديد من السيدات بينهم مراهقات قاصرات، تطغى على وسائل الإعلام، في ظل تكشف أبعاد جديدة يوميا.

وترسم ألفا صفحة من الوثائق القضائية التي كشفت قبل وفاة إيبستين في سجن مانهاتن الفدرالي، الدعاوى التي رفعت على ورثته والنساء اللواتي ساعدنه في الإيقاع بضحاياه، صورة مقيتة للرجل الذي قال يوما أنه يحتاج "بيولوجيا" لممارسة الجنس ثلاث مرات يوميا.

وتقول النساء اللواتي ادعين عليه -معظمهن من القاصرات اللائي لم يمتلكن المال- إن "سمسارات" تحدثن إليهن عند خروجهن من مدارسهن أو في أماكن عملهن. 

وتقوم "السمسارات" بإقناعهن بالقيام بتدليك غير جنسي لقاء بضع مئات من الدولارات لرجل نيويوركي يتمتع بنفوذ كبير ويمكن أن يساعدهن في إطلاق مستقبلهن المهني.

وبعد دخولهن إلى المقر الهائل لرجل المال بالقرب من حديقة "سنترال بارك" تتم قيادتهن إلى "غرفة التدليك" في الطوابق العليا. وكانت هذه الغرف التي تزينها صور نساء عاريات المكان المخصص للاعتداءات التي تصل في بعض الأحيان إلى اغتصاب جنسي، كما قال عدد من النسوة اللواتي يؤكدن أنهن كن من ضحاياه.

واستخدم إيبستين وسائل مماثلة لجذب واستغلال شابات في منزله الفخم في بالم بيتش بولاية فلوريدا، وكذلك في جزيرته الخاصة التي تبلغ مساحتها ثلاثين هكتارا في الجزر العذراء الأميركية حيث كانت تصل الفتيات بطائرته الخاصة التي تحمل اسم "لوليتا إكسبريس".

لكن لم تكشف أي تفاصيل حول نشاطاته في نيومكسيكو حيث يملك مزرعة تبلغ مساحتها 30 كيلومترا مربعا، أو في باريس حيث يملك شقة على الأقل في مبنى فخم في جادة فوش.

وبانتظار نتائج التحقيقات التي وعد القضاء الأميركي بمواصلتها، هناك أمر واحد واضح: لم يكن إيبستين يخفي هواجسه الجنسية.

آني فارمور (يسار) وكورتني وايلد (يمين) من النساء اللواتي يتهمن إبستين بالاعتداء عليهن يقفن خارج محكمة في نيويورك

​​​​

لم يخجل من ميوله

​​

 

في 2005 جمعت شرطة فلوريدا شهادات ووثائق تثير شبهات بارتكاب إيبستين اعتداءات جنسية على حوالى ثلاثين شابة، بعدما وصل للشرطة بلاغ من والدة إحدى الشابات.

وسمح اتفاق تم التوصل إليه في 2007 بين محامي إيبستين والنائب الفدرالي لفلوريدا آنذاك، بإسقاط الملاحقات الفدرالية عنه والحصول على حكم في الحد الأدنى في ولاية فلوريدا لوقائع مرتبطة بأعمال بغاء.

وقد أمضى إيبستين نحو 13 شهرا في السجن مع إمكانية الخروج يوميا ليتمكن من إدارة أعماله. وبعد ذلك صنف على أنه مرتكب جنح جنسية، ولم ينف ميوله هذه.

وقال صحفي اقتصادي في صحيفة "نيويورك تايمز" استقبله إيبستين في أغسطس 2018 واشترط عدم ذكر اسمه، إن الرجل كان يرى في فرض عقوبات على إقامة علاقات جنسية مع مراهقات "خللا ثقافيا".

وذكر صحفيون التقوا إيبستين، أنه يهوى البيانو والعلوم الفيزيائية إلى درجة أنه أثار إعجاب علماء حصلوا على جوائز نوبل، لكنه كان متكتما بشأن أعماله عند رده على أسئلة الصحفيين.

فتيات يحملن صور ايبستين أمام المحكمة

​​

قصة صعود إيبستين

​​

 

بدأ صعود إيبستين في سبعينيات القرن الماضي عندما كان يعلم الرياضيات في مدرسة ثانوية معروفة في مانهاتن مع أنه لم ينه دراساته الجامعية العليا. وارتبط حينذاك بايس غرينبرغ الذي كان رئيسا لمصرف "بير ستيرنز" الاستثماري عندما كان يعطي دروسا خصوصية لابنه.

وبعد ذلك عمل في المصرف ثم أصبح شريكا فيه بمسؤولية محدودة قبل أن يستقيل في 1981 ليؤسس شركته الخاصة للاستشارات المالية.

وقالت مجلة "فانيتي فير" إن رجل المال ستيفن هوفنبرغ الذي يتمتع بنفوذ كبير كان من أوائل الذين أدخلوا إلى طبقة النخبة في نيويورك الرجل الذي كان ابن موظف في الحدائق البلدية في بروكلين. 

وقد حكم على هوفنبرغ بالسجن 20 عاما في 1997، لأنه نظم أكبر عملية احتيال مالي في تاريخ الولايات المتحدة تسببت بإفلاس ثلاثة آلاف مدخر.

وإيبستين الذي كان من أصدقائه الرئيس الأسبق بيل كلينتون والأمير البريطاني أندرو، كان قريبا خصوصا من ليسلي ويكسنر الملياردير صاحبة "ال-براندس" المجموعة الأم لشركة الملابس الداخلية "فكتوريا سيكريت". وكان ويكسنر الذي اشترى ايبستين منزله في مانهاتن، زبونه الوحيد المعروف.

لكن ويكسنر أكد أنه قطع علاقاته معه منذ 10 سنوات.

في تسعينات القرن الماضي، التقى إيبستين غيسلين ماكسويل ابنة قطب الإعلام البريطاني روبرت ماكسويل. وبعد علاقة قصيرة، وصفها إيبستين في 2003 بانها "أفضل صديقة له".

وماكسويل (57 عاما) التي أصبحت المشتبه بها الأولى في هذه القضية، لم تتهم رسميا بل من قبل بعض السيدات اللواتي يؤكدن أنهن كن ضحايا. وهي متوارية عن الأنظار ولم تدل لا هي ولا محاميها بأي تصريح مؤخرا ولا أحد يبدو قادرا على معرفة مكانها.

انتحار

المتحدثة باسم مكتب رئيس دائرة الطب الشرعي في مدينة نيويورك قالت الجمعة إن تشريح جثة إيبستين خلص إلى أن سبب الوفاة هو انتحاره شنقا.

وعثر على إيبستين (66 عاما) ميتا في زنزانته أثناء انتظاره المحاكمة في اتهامات بالاتجار بالجنس في سجن في منهاتن السفلى مما دفع إلى فتح تحقيق في ملابسات وفاته. وكان إبيستين يتمتع باتصالات واسعة.

وألقي القبض على إيبستين في السادس من يوليو، ورفض الإقرار بالذنب في اتهامات بالاتجار في الجنس بما يشمل عشرات القاصرات بعضهن في الرابعة عشرة من العمر.