من الاحتجاجات التي شهدتها روسيا مؤخرا واعتقلت السلطات فيها أكثر من 1000 شخص
من الاحتجاجات التي شهدتها روسيا مؤخرا واعتقلت السلطات فيها أكثر من 1000 شخص

تداولت وسائل إعلام عالمية خلال الأسابيع القليلة الماضية صور العنف والاعتقال الذي واجهت به قوات الأمن الروسية المظاهرات التي نظمها معارضون ضد القيود التي فرضتها موسكو على الانتخابات المحلية.

وأوردت عناوين محلية أن قوات الشرطة اعتقلت أكثر من 1000 متظاهر في التجمعات المستمرة منذ أسابيع.

تلك الأحداث ومشاهد الدم والعنف التي تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، غطت بشكل لافت على مظاهرات أخرى جرت خارج موسكو، رفع خلالها متظاهرون شعارات ضد مكبات القمامة التي تهدد حياتهم وأطفالهم.

وانتظمت مظاهرات في جميع أنحاء روسيا خلال أشهر الشتاء القاسية في وقت سابق من هذا العام.

وواجهت الشرطة المتظاهرين بذات العنف المعهود، بل توعد مدعون عامون بتسليط عقوبات قاسية على بعض الشباب المؤطر لتلك الاحتجاجات "حتى أصبح يبدو أن التظاهر جريمة يعاقب عليها القانون في روسيا"، يعلق أحد المتظاهرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

مطالب مشروعة

محتجون على مكبات القمامة، خرجوا إلى الشوارع كذلك في كل من الولايات المتحدة والصين وسيريلانكا وتايلاند وحتى لبنان، لكن لم يحدث وأن انقلبت الاحتجاجات إلى حمام دم وتجاوزات ضد حقوق الإنسان كما حدث في موسكو وروسيا عموما.

يرى محللون أن أقرب ما يكون إلى الاحتجاجات السياسية في روسيا هو حالة لبنان، ففي صيف عام 2015، تم إغلاق مكب النفايات خارج العاصمة بيروت مباشرة دون توفير بديل للمواطنين، ثم بدأت القمامة تتراكم بسرعة في الشوارع الساخنة.

ونشأت إثر ذلك حركة احتجاج توسعت بسرعة لتشمل المزيد من المظالم المرتبطة بالفساد بشكل عام.

تحولت الاحتجاجات إلى عنف بعد عدة أسابيع، وأحكم جهاز الأمن اللبناني على الاحتجاجات بقوة، حتى أصبح اللبنانيون يتحدثون عن "وحشية رجال الأمن".

بالرغم من أن لبنان تجنب ريح الربيع العربي عام 2011، إلا أن تعامل الشرطة بقوة ضد المتظاهرين زاد من حدة المظاهرات يوما بعد يوم حتى أصبحت المطالب سياسية أكثر منها مجرد مطالبات بمرافق عمومية خاصة بالنفايات.

صمويل غرين وغرايم روبرتسون باحثان في العلوم السياسية، درسا الحالة الروسية، وقالا في تقرير لهما إن 20 في المئة من المشاركين في الاحتجاجات السياسية بروسيا لعام 2017 شاركوا في المظاهرات المناهضة للحكومة بين عامي 2012 حتى 2015. 

وأشار الرجلان إلى أن فكرة المعارضة لم تمت رغم مرور السنين، فعامل العنف الذي تقابل به المظاهرات زاد من إصرار المواطنين، ومع أول شرارة يعاود المتظاهرون الخروج إلى الشوارع للمطالبة بالحقوق السياسية، رغم أن الشرارة الأولى كانت مجرد مطالب اجتماعية.

يرى كل من صمويل غرين وغرايم روبرتسون، أن المواطنين الروس يتجهون بشكل متزايد إلى الاحتجاجات للتعبير عن انشغالاتهم رغم كون التظاهر من منظور السلطة في روسيا "جريمة".

الاستطلاع السنوي الذي أجراه مركز "ليفادا" أظهر أن عدد الأشخاص المستعدين للمشاركة في احتجاج سياسي ارتفع من 8 في المئة في عام 2016 إلى 22 في المئة في عام 2019.

وعدد الأشخاص المستعدين للاحتجاج على قضية محددة، مثل انخفاض مستوى المعيشة أو أي انتهاك لحقوقهم، ارتفع من 11 في المئة إلى 27 في المئة بنفس الفترة.

الفساد

خلصت الدراسة التي أجراها صمويل غرين وغرايم روبرتسون إلى أن "الفساد حافز شائع للاحتجاجات السياسية في جميع أنحاء العالم "، وهو عامل مشترك أساس فيما يتعلق بروسيا ولبنان.

مؤشر مدركات الفساد في منظمة الشفافية الدولية جاء ليؤكد ذلك، إذ أفاد بأن تؤكد النتائج التي توصل إليها أن كلا من روسيا ولبنان يقبعان في أسفل القائمة التي أعدها عام 2018.

البلدان تقاسما المرتبة 138 من أصل 180 دولة في مؤشر الفساد، وهي إشارة قوية للصلة الموجودة بين الفساد وحركة الاحتجاجات المتواصلة.