محمد جرادة - مراسل الحرة في الجزائر
محمد جرادة - مراسل الحرة في الجزائر

مع خروجي كل صباح للتوجه للعمل الميداني، كانت قبلات أبنائي التوأم وأحضانهم،  جرعة معنوية تضفي لمسة محبة وتزيدني قوة أمام تحدياتي كمراسل. لكن تلك القبلات اختفت مند أكثر من أسبوعين، بعد قرار لم يكن سهلا من قبلي، بإبعاد عائلتي إلى أقصى الجنوب الجزائري، ليس بفعل تفشي كورونا وازياد المخاطر. لكن فقط بفعل مهمتي كمراسل. 

لقد أصبح الفيروس هاجسا أخشى أن يندس تحت نعل حذائي، أو ربما في معطفي.

  حين تقترب خطواتي إلى بيتي، يزداد توجسي من أن أنقل قاتلا غير مرئي، إلى زوجتي و توأمي. خوف تعاظم مع تنامي عدد الإصابات و الوفيات، ولا سيما مع بداية ندرة مستلزمات التعقيم، فقد كان إبعادهم قرارا صعبا في هذه الظروف، وكان علي اتخاذه حماية لعائلتي.

ومع غلق المطاعم بفعل حظر التجوال والحجر الجزئي، وجدت نفسي مع تجربة جديدة، وكان علي تعلم فن الطبخ. نعم، كل مساء أتصل بزوحتي مكالمة مرئية، لتلقي فنونها ولأتعلم أسرار أكلات أعدها لأول مرة، وهو الأمر الإيجابي الذي سأتذكره من جائحة  فيروس كورونا. 

في المقابل، تغير سلوكي وسلوك زملائي في فريق التصوير. 

اختفت التحية بيننا، وباعدتنا الكمامات والمعقمات، على الرغم من ندرتها، وقد أصبحت من بين أهم أدوات العمل اليومية. 

تعقيم معدات التصوير والميكروفون، والتباعد الاجتماعي مع الضيوف، خطوات ضرورية خلال إعداد كل تقرير. 

ومع تنامي حالات الإصابات والوفيات، في ظل تربع الجزائر على أعلى نسبة، مغاربيا وعربيا، إلى غاية إعداد هده المدونة، ارتفعت حالة التوجس والخوف لدى الجميع.

حتى الضيوف الذين كنا ننتقل إليهم أو يأتون إلينا لإجراء المقابلات، أصبحوا يعتذرون عن استقبالنا أو القدوم إلينا، بسبب توجس مفهموم. فأضحت الجهود مضاعفة، إلا أن تكنولوجيا الاتصال، من شاكلة سكايب وواتساب، باتت تخفف عنا هذا العناء.  

 

كورونا  يوقف نبض الحياة في شوارع الحراك الحزائري 

 

بعد أسابيع من  اجتياح كورونا الجزائر. خلت شوارع العاصمة من المارة، وكذلك أغلب المدن، وهي التي كانت تعج بالحياة والحركة والحراك بآلاف المتظاهرين كل ثلاثاء وجمعة.     

ننزل معها لتغطية هدا الزخم، فيتحول المشهد برمشة عين إلى سكون لم تألفه كاميرا الحرة، التي دأبت على نقل حراك امتد لأكثر من عام في ساحة البريد المركزي، أيقونة الحراك، وشارع ديدوش مراد وموريس أودان، أسماء لأبرز ساحات ذاع صيتها خارج الجزائر. 

تغيير  مفاجئ أحدثه فيروس جاء من وراء البحار، فقلب موازين المتظاهرين، وأصبح الحفاظ على حياتهم أولوية قصوى اليوم، ومعه تغير نبض حياة الملايين، وأيضا يومياتي كمراسل، ورب عائلة، وإنسان. 

لكن مع كل تفاصيل هذا الموقف الجلل، غير المسبوق في تاريخ البشرية .. يبقى الأمل في غد أفضل. 

أحد مطاعم دبي
أحد مطاعم دبي

يسكب النادل في أحد المطاعم الراقية في دبي النبيذ في كوب بلاستيكي ويقدم شرائح اللحم على طبق ورقي، وقد وضع كمامة وقفازات من ضمن إجراءات الحماية من فيروس كورونا المستجد.

ومع تخفيف الإجراءات الهادفة لوقف تفشي وباء كوفيد-19 في دبي، يتحضر قطاع السياحة فيها للانطلاق من جديد، إلا أن متطلبات الحماية من الفيروس تؤخر عودة عامل الإبهار الذي تشتهر به الإمارة الخليجية.

وتم ترك مسافة مترين بين طاولات المطعم المعروف بأجوائه الصاخبة ليلا والواقع في إحدى ناطحات السحاب.

وردد النادل على مسامع الزبائن "في المرة القادمة، يمكنك إحضار سكينك وشوكة خاصة بك إذا رغبت في ذلك"، في ابتعاد عن تجربة تناول الطعام الفاخرة النموذجية في مدينة تشتهر بخدمات الخمس نجوم.

ويحذر خبراء في قطاع الضيافة من أنه قد يتعين إعادة ترتيب الأولويات في هذه الخدمات في الوقت الحالي، من موائد الإفطار الكبيرة إلى الحفلات في برك السباحة، بينما لا يزال خطر الفيروس موجودا.

ومنذ أسابيع، ترسم دبي وهي إحدى الإمارات السبع في الدولة الخليجية، عودتها التدريجية إلى موقعها الاعتيادي على خريطة السياحة العالمية كواحدة من أكثر المدن زيارة.

وقد اختارت بعض المطاعم تسريع العودة إلى فترة ما قبل أزمة الفيروس عبر استخدام أداوت المائدة الاعتيادية والأكواب الزجاجية.

لكن رغم ذلك، يشعر مغترب سويدي بأن الأجواء لا تزال مغايرة عما كانت عليه قبل نحو أربعة أشهر في ظل إجراءات الحد من انتشار الفيروس وبينها تعليق التنقل في ساعات محددة.

وقال لوكالة فرانس برس "التجارب الفخمة ليست فخمة حاليا"، مضيفا "لا أعتقد أن الأمور ستعود لطبيعتها قبل وقت طويل".".

على النقيض من جاراتها، لا يشكّل النفط مصدر إيرادات رئيسي للإمارة التي تدير أكثر الاقتصادات تنوّعا في المنطقة الغنية بالخام. وينظر إلى دبي على أنّها مركز رئيسي للتجارة والخدمات.

واضطرت المدينة الثرية، موطن أطول مبنى في العالم برج خليفة، إلى إغلاق مراكز التسوق الشهيرة والمطاعم الراقية والأسواق التقليدية لمدة شهر لمكافحة انتشار الفيروس.

وترى كارين يونغ من معهد "أميركان إنتربرايز" إن المعايير العالمية المرتبطة بالسفر والرفاهية والترفيه يجب أن تتغير، متوقّعة أن تكون هناك نزعة نحو المزيد من الخصوصية والتجارب الفردية في مجال البيع بالتجزئة والضيافة.

وأوضحت "إنه وقت مناسب لاستكشاف تجارب جديدة مع الزبائن. فالمطاعم والنوادي المزدحمة قد تكون خارج المعادلة حاليا، بينما يتواجد الطهاة المتخصّصون في المنازل وكذلك الخبراء في مجال التسوق".

وشددت على أنه لا يمكن نتوقع عودة الحياة إلى طبيعتها "في أي وقت قريب، ومسار التعافي يجب أن يشمل بعض التجديد".

وقبل أسبوع، أعلنت دبي السماح بعمل المراكز التجارية والشركات والمؤسسات الخاصة بنسبة 100 في المئة في إطار تخفيف القيود التي فرضت لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد، لكن وضع الكمّامات لا يزال إجباريا بينما يمنع دخول الأشخاص الذي تقل أعمارهم هم 12 عاما وتتجاوز 60 عاما المراكز التجارية والمقاصد الترفيهية والنوادي الرياضية.

وتدفق العديد من السكان على الشواطئ وتناولوا الطعام في المطاعم وزاروا مراكز التسوق خلال عطلة نهاية الأسبوع بعدما أعلنت دبي عن السماح بفتح مراكز التسوق بكامل طاقتها.

وعادت المياه إلى نافورة دبي، أحد أشهر مناطق جذب السياح في المدينة، لتتأرجح على وقع الموسيقى في محيط برج خليفة.

وتمثل السياحة شريان حياة لاقتصاد الإمارة منذ أكثر من عقدين. وقد استقبلت أكثر من 16 مليون سائح العام الماضي، وكانت تستهدف 20 مليون سائح هذا العام قبل أن يعرقل الوباء حركة السفر حول العالم.

ووفقا لشركة الأبحاث "أس تي آر غلوبال"، فانه من المحتمل أن يفقد قطاع الفنادق 30 بالمئة من وظائفه في في دبي في الأشهر المقبلة، إلى أن يتعافى الطلب ويعود إلى ذروته.

وكان هلال المري المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي توقّع في مقابلة مع وكالة بلومبرغ المالية في غبريل الماضي أن تتراجع نسبة السفر الجماعي، الأمر الذي سيكون له تأثير على قطاع السياحة بشكل عام.
في المراكز التجارية، تتّجه المتاجر نحو اعتماد نموذج عدم الملامسة، ما يعني تعليق الاستشارات في مراكز التجميل وعدم السماح للزبائن بتجربة الملابس قبل شرائها.

وكانت الفنادق من جهتها أعادت فتح أبوابها ولو بشكل جزئي قبل عطلة عيد الفطر في الاسبوع الاخير من الشهر الماضي، معلنة عن عروض للمقيمين في دبي بهدف التعويض عن غياب السياح الأجانب.

إلا أن برك السباحة التي عادت ما تعج بالشبان والشابات، بقيت مغلقة.

وبينما يفكر القطاعان العام والخاص في طرق لتوفير ظروف عمل آمنة تحترم قواعد التباعد الاجتماعي، يبدي كثيرون حذرهم.

وقال المغترب السويدي "أفكر مرتين فيما يستحق أن أدفع ثمنه خصوصا وأن صحتي قد تكون الثمن".