خصصت دول أجنبية وعربية ميزانيات ضخمة بمليارات الدولارات
خصصت دول أجنبية وعربية ميزانيات ضخمة بمليارات الدولارات

يستمر وباء "كورونا" العالمي في حصد مزيد من أرواح البشر عبر العالم، حيث وصل إلى حدود اليوم، عدد المصابين أكثر من 169 ألف شخص، والمتوفين 6515 شخصا، معظمهم من سبع دول: الصين، إيطاليا، إيران، كوريا الجنوبية، إسبانيا، ألمانيا وفرنسا ثم الولايات المتحدة.

وعربيا تصدر دول الشرق الأوسط والخليج قائمة الدول الأكثر تضررا بالوباء العالمي.

وإثر هذه الجائحة العالمية، خصصت دول أجنبية وعربية ميزانيات ضخمة بمليارات الدولارات، علاوة على مساعدات معلنة من قبل الأمم المتحدة والبنك الدولي.  

وتختلف المخصصات المالية الموجهة لدعم جهود مكافحة وباء "كورونا"، بين صناديق ظرفية تدعمها قطاعات محددة بمساهمات، ومخصصات خاصة تضخها بنوك مركزية للدول في صندوق خاص بدعم مكافحة الفيروس. 

ودوليا، أقر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ميزانية عاجلة بقيمة 8.3 مليار دولار لمكافحة الفيروس، وسط ارتفاع عدد حالات الإصابة في أغلب الولايات.

وإيطاليا، التي تحتل الرتبة الأولى أوروبيا والثانية دوليا ضمن الدول الأكثر تضررا بالوباء، أعلنت الأربعاء، تخصيص 25 مليار يورو، لمكافحة انتشاره في البلاد.

وفي بريطانيا، كشف وزير الخزانة، ريشي سوناك، عن حزمة بقيمة 30 مليار جنيه استرليني (حوالي 37 مليون دولار) لتعزيز الاقتصاد وتخليص البلاد من تفشي الفيروس. 

وفرنسا، ثاني أكثر الدول الأوروبية تضررا بعد إيطاليا، ذكرت صحف فرنسية عن مصادر في "الإليزيه" تخصيص وزارة المالية، ميزانية 4 مليار دولار لمكافحة الفيروس.  

أما إسبانيا، فقد أعلنت حكومة البلاد، الجمعة، تخصيص حزمة مساعدات قدرها مليار يورو، لمنظومة الصحة من أجل مواجهة انتشار الفيروس، فضلًا عن تخصيص 2.8 مليار يورو إلى السلطات الإقليمية، بهدف إعانتها في تقديم الخدمات العامة.

فيما خصصت ألمانيا، بحسب ما أعلنت الحكومة، مليار يورو، لدعم جهود القطاع الصحي للحد من تفشي الفيروس، ولخبراء الطب، قصد اكتشاف لقاح خاص بالفيروس.   

والصين، مصدر الوباء، كانت أول الحكومات الأجنبية التي أعلنت تخصيص أضخم ميزانية لمكافحة الفيروس في مجمل ربوعها، وأعلن المصرف المركزي الصيني، أنه سيضخ 1,2 ترليون يوان (173 مليار دولار) في الاقتصاد، لدعم جهود مكافحة الفيروس. 

الشرق الأوسط والخليح

وفي الدول الإسلامية والعربية، لم تعلن الحكومة الإيرانية، رسميا عن ميزانية مخصصة لمكافحة الوباء، في ظل تصدر البلد المرتبة الثالثة عالميا في قائمة الدول الأكثر تضررا بالجائحة. 

لكن السلطات الإيرانية، تعول على مساعدات أممية لمكافحة تفشي الفيروس، إذ طالبت صندوق النقد الدولي، 5 مليار دولار، إلإ أن الأخير لم يعلن رده على طهران، بعد. 

ومصر التي أعلنت (في حدود اليوم) 126 حالة إصابة، أعلنت الرئاسة، في بيان السبت، تخصيص تمويل بقيمة 100 مليار جنيه مصري (6.38 مليار دولار)، في إطار ما أسمته "خطة الدولة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد". 

وفي قطر، أعلنت حكومة البلاد ميزانية لـ"انقاد الاقتصاد"، بقيمة 75 مليار ريال قطري (25  مليار دولار)، جزء منها لدعم قطاع الصحة وجهوده ضد تفشي الفيروس. 

وفي الكويت، أعلن محافظ بنك الكويت المركزي، حمد الهاشل، تأسيس صندوق مالي بقيمة 10 ملايين دينار كويتي (نحو 33 مليون دولار أميركي) تموله البنوك الكويتية لدعم المساعي الحكومية في مواجهة الوباء.

وفي دولة الإمارات، أعلن مصرف الإمارات المركزي، السبت، عن خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 100 مليار درهم (27 مليار دولار)، لاحتواء تداعيات فيروس كورونا. 

وبـقيمة 50 مليار ريال (13 مليار دولار)، خصص "البنك المركزي السعودي"، السبت، حزمة إجراءات لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة جراء الأزمة الاقتصادية الناجمة عن التخوفات من تفشي الفيروس​

ولم تعلن رسميا، البحرين وسلطنة عمان، لحدود اليوم، أية ميزانيات مخصصة لمكافحة الفيروس.  

مغاربيا

وفي الدول المغاربية، أعلن المغرب، الأحد، إنشاء صندوق باحتياطي قدره عشرة مليارات درهم (1.4 مليار دولار) لمواجهة ومنع انتشار الفيروس في البلاد.

فيما الجزائر، الأكثر تضررا بالفيروس مغاربيا، أعلنت على لسان رئيس وزرائها، تخصيص ميزانية أولية تبلغ قيمتها 31  مليون دولار، بغرض ضمان احترام التدابير المتخذة لمكافحة انتشار الفيروس. 

أما تونس، التي تسجل حالات محدودة، أعلنت إنشاء "صندوق مساهمات وطني"، لمكافحة فيروس كورونا، والتبعات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه، لكن لم تحدد سقفه أو قيمة سيولته الحالية. 

ودوليا، كشف "صندوق البنك الدولي" الأممي، عن تخصيص "مساعدات طارئة"، قيمتها  15 مليار دولار بغية مكافحة تفشي فيروس كورونا.

وتشمل حزمة المساعدات هذه، قروضا منخفضة التكلفة ومنحا ومساعدات فنية.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.