العديد من الجهات تشكك في مصداقية الأرقام الصينية حول فيروس كورونا
العديد من الجهات تشكك في مصداقية الأرقام الصينية حول فيروس كورونا

جائحة فيروس كورونا المستجد تسببت في وفاة أكثر من 82 ألف شخص حتى الآن حول العالم، وأصابت نحو 1.5 مليون شخص، والبداية كانت من مدينة ووهان الصينية والتي تسبب سلطاتها في نشر المرض وانتشاره.

وكالة الأنباء الصينية أصدرت جدولا زمنيا للرد على الاتهامات بأن إجراءاتها منذ ديسمبر الماضي كانت السبب في نشر المرض حول العالم، ولكنه يكشف عن 7 نقاط هامة، وأغفل حقائق هامة أرادت إخفائها عن العالم.

السلطات الصينية تحاول تبرئة نفسها من الاتهامات وتؤكد أنها سعت لتبادل المعلومات وتعاونت مع المنظمات الدولية، ولكن الحقائق تشير إلى غير ذلك، وفق تقرير نشره موقع ديلي ميل الإلكتروني.

إسكات صافرة إنذار في ديسمبر

الطبيب الصيني لي وين ليانغ

في أواخر ديسمبر الماضي، أٌصيب 7 أشخاص بمرض غريب في أحد مستشفيات مدينة ووهان الصينية، وحاول الطبيب "لي وين ليانغ" تحذير زملائه من وباء جديد قد يشبه "السارس"، وطلب من زملائه ارتداء ملابس واقية لتجنب الإصابة بالعدوى، قبل أن تزوره الشرطة لتخبره بالتوقف، بينما حاولت السلطات إبقاء الأخبار طي الكتمان.

وبعد أربعة أيام، استُدعي إلى مكتب الأمن العام حيث طلب منه التوقيع على رسالة، واتُهم فيها  بـ "الإدلاء بتعليقات كاذبة أزعجت النظام الاجتماعي بشدة".

وكان الطبيب واحدا من ثمانية أشخاص أعلنت الشرطة الصينية، آنذاك، إنه يجري التحقيق معهم بتهمة "نشر الشائعات" واعتذرت السلطات المحلية في وقت لاحق للدكتور لي.

ونشر طبيب العيون قصته على موقع ويبو من سرير المستشفى بعد شهر من إرسال تحذيره الأول، وكان قد توفي في مطلع فبراير الماضي.

تحذير الطبيب لم تتطرق إليه وكالة الأنباء الصينية لا من قريب أو بعيد، وآخر خبر ذكر اسمه فيه كان في مطلع يناير عندما قالت إن شرطة ووهان أدانت الطبيب لي بنشر معلومات غير صحيحة.

سوق هوانان للحيوانات

شرطي صيني خارج سوق الأسماك الذي انتشر منه فيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان- 24 يناير 2020

سوق مدينة ووهان والذي يعرف باسم سوق هوانان يُعتقد أنه بؤرة المرض الأصلية، وهو يخدم نحو 11 مليون شخص يعيشون في المدينة.

في نهاية ديسمبر قالت السلطات في ووهان أن السوق هو مصدر المرض بعدما ثبت إصابة أكثر من 27 شخصا يعملون في هذا السوق.

وقامت السلطات في مطلع يناير بإغلاق السوق، فيما حاولت سلطات الصحة الوطنية في البلاد التعتيم على الموضوع وقالت إنه لم يتم العثور على مصدر المرض الأساسي.

وحتى مطلع مارس الماضي، قال متحدث باسم الخارجية الصينية إنه رغم اكتشاف الحالة الأولى في البلاد إلا أنها لا تعني أن الفيروس نشأ في الصين.

وحاول المسؤولون في البلاد توجيه الأنظار عن سوق ووهان وتوجيه أصابع الاتهام لدول غربية بأنها كانت مصدر الفيروس ونشرته في الصين.

تدمير متعمد

سُجلت الوفيات الجديدة في إقليم هوبي، بؤرة تفشي الفيروس في الصين

في مطلع يناير أمر مسؤولون في لجنة الصحة في مدينة هوبي المختبرات التوقف عن إجراء الاختبار وتدمير أية عينات يظهر فيها فيروس كورونا المستجد، وفق تقارير وسائل إعلام صينية.

في مطلع يناير قال مسؤولين في اللجنة إنه تم اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا شبيهة بالسارس في الـ 27 من ديسمبر، وهذا الأمر كان قبل نحو أسبوع من وفاة أول شخص في 9 يناير بعد إصابته بالفيروس في ووهان.

فيما تقول السلطات أنها لم تتعرف على حدوث المرض إلا بعد اليوم الثاني من يناير حيث استقبلت مراكز مكافحة الأمراض في البلاد عينات لأربعة مرضى من مدينة هوبي وبدأت بالبحث عن مسببات المرض.

وأعلنت السلطات بشكل رسمي ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في الـ 9 من يناير واعتباره سببا لالتهاب رئوي حاد في ووهان.

الرئيس الصيني 

الرئيس الصيني وصف العاملين في القطاع الطبي بأنهم أجمل الملائكة

لا يزال موعد معرفة الرئيس الصيني شي لأول مرة بالمرض غامضا، ولكنه لم يذكر أي شيء يتعلق بالفيروس في خطاباته حتى الـ 15 من فبراير.

فيما كانت تقارير تقول إنه أصدر تعليمات للاستجابة مع المرض كوباء في الـ 7 من يناير عندما ترأس اجتماع اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزي للحزب الشيوعي، ومشيرين إليه باعتباره متزعما لقيادة فرق مكافحة فيروس كورونا المستجد في البلاد.

وفي تقرير نشرته وكالة شينخوا الرسمية كانت قد ذكرت أن الرئيس شي أعطى تعليمات لأول مرة حول فيروس كورونا في 20 من يناير.

الحالات رقم صفر الغامضة!!

مواطنون في ووهان يشترون أقنعة وقائية من إحدى الصيدليات

ويشير تقرير ديلي ميل إلى الحالات التي سجلت في ووهان بين 6 إلى 18 بأنها كانت الحالات رقم صفر في البلاد، حيث كانت تعقد اجتماعات سياسية هامة وحضر الألاف إلى المدينة، فيما لم تسجل في وقتها أية حالات جديدة على الإطلاق.

وانتقدت وسائل إعلام صينية هذه الأمر خاصة في مدينة يعيش فيها 11 مليون شخص، فكيف لم تسجل إصابات في أيام عديدة، فيما كانت السلطات تحاول التقليل من أثر المرض في البلاد.

كما حضر في 18 يناير احتفالات في المدينة أكثر من 40 ألف شخص من خارجها ترحيبا بالسنة القمرية الجديدة، وبعدها عادوا إلى مناطقهم.

جميع الحالات التي أصيبت خلال هذه الفترة كانت السبب في نشر العدوى في داخل الصين وخارجها.

عمدة ووهان

ممرصة صينية تؤكد أن عدد الاصابات في ووهان 90 ألف

تشو شيان وانغ ، عمدة ووهان كان قد اعترف في تصريحات إعلامية ببطء الاستجابة مع هذا المرض، حيث لم يعلن الفريق الصحي في المدينة عن حيثياته إلا في نهاية يناير.

وأشار إلى أن الكشف عن مثل هكذا مرض ليس بالسهولة المتوقعة إذ أن الإفصاح عنه يحتاج أخذ المرور في إجراءات بحسب قانون الإفصاح عن المعلومات في البلاد.

وكان قد غادر أكثر من 5 ملايين شخص مدينة ووهان قبل إغلاقها من قبل السلطات، ما يعني انتشار المرض في مناطق أخرى.

السيطرة الكاذبة على المرض!!

وفاة مدير مستشفى ووهان

كانت السلطات الصينية دائما ما تقلل من حجم وأثار انتشار الفيروس مشيرة إلى أنه يمكن السيطرة بسهولة على أعراض المرض.

وكانت ترسل رسائل من خلال الأطباء في المدن التي ينتشر فيها الوباء أن معظم المرضى أصيبوا بأعراض خفيفة ومتوسطة والعديد منهم تعافى وغادر المستشفى.

كما كانت وكالة الأنباء الصينية شينخوا قد نشرت تقارير أكثر من مرة تؤكد فيها أنه لا دليل على أن الفيروس يمكن أن ينتشر ويصبح وباء أو أنه ينتقل بسهولة بين الأشخاص.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.