الحمض النووي مكان جديد يبحث فيه العلماء عن أجوبة تتعلق بوباء كوفيد-19
الحمض النووي مكان جديد يبحث فيه العلماء عن أجوبة تتعلق بوباء كوفيد-19

فيروس كورونا المستجد الذي ظهر في نهاية 2019 في الصين، أكد أنه إذا كنت من البشر فإنه يريد مدخلا إلى جسدك بصرف النظر عن عمرك أو جنسك أو عرقك. ويبدو أن "سارس-كوف-2" يصيب الأفراد بنفس المعدل، وهو أمر منطقي نظرا لأن هذا الفيروس الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات التاجية، جديد تماما ولا توجد لدى البشر أي مناعة مسبقة ضده.

لكن المرض الذي يسببه الفيروس الجديد واسمه الرسمي "كوفيد-19"، يتميز بتقلبه، إذ أن البعض فقط يشعرون بالمرض، وتظهر لدى هؤلاء مجموعة واسعة من الأعراض. ويعاني البعض من الحمى والسعال، والبعض من آلام في البطن والإسهال، البعض يفقدون الشهية، وآخرون يفقدون القدرة على الشم والتذوق، البعض يتعامل مع إصابته بالابتعاد عن الآخرين واعتماد نظام غذائي من السوائل فقط لحين زواله. 

لكن آخرين يتجرعون أسوأ صور كوفيد-19، إذ تستدعي حالتهم دخول المستشفى والاعتماد على أجهزة تنفس تقوم بالوظيفة عنهم لعجر رئاتهم عن العمل. وفي حالات تجاوزت 83 ألفا و500 عالميا حتى صباح الأربعاء، يخسر المريض معركته ضد كوفيد-19.

ويعد المتقدمون في السن ومن يعانون من أمراض أخرى والرجال من أكبر ضحايا الوباء العالمي. وفي الولايات المتحدة تشير أرقام مقلقة إلى أن معظم من أدخلوا المستشفى بسبب مضاعفات كوفيد-19، راشدون تقل أعمارهم عن 40 عاما. فيما تبين أن الأطفال وخصوصا الرضع، ليسوا محصنين أمام المرض ومخاطره.

وسعيا لفك لغز تلك التباينات، يحاول العلماء تمشيط البيانات غير المنتظمة الواردة من المناطق الساخنة مثل الصين وإيطاليا والولايات المتحدة، بحثا على  نماذج للمرضى من ناحية العمر والعرق والجنس والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والسلوكيات وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية. والآن بدأ العلماء في التنقيب في مكان آخر بحثا عن خيوط للحل: الحمض النووي.

وأطلقت شركة "23andMe" للاختبارات الوراثية الأميركية، الاثنين، دراسة جديدة تهدف إلى توضيح أي اختلافات جينية من شأنها المساعدة في تفسير سبب الاستجابات المتنوعة لدى من أصيبوا بكوفيد-19.

وتنضم الشركة إلى عدد متزايد من المشاريع الأكاديمية الساعية إلى الإجابة عن السؤال ذاته. وتشير أبحاث سابقة إلى أن بعض المتغيرات الجينية قد تعرض  أشخاصا لخطر أكبر فيما يخص أمراضا معدية معينة. 

وتوفر متغيرات أخرى حماية، مثل طفرة CCR5 التي تجعل الأشخاص الذين يحملونها مقاومين لفيروس نقص المناعة البشرية (HIV). 

وفي الوقت الراهن لا يزال من المبكر الحديث عن حجم الدور الذي يمكن للحمض النووي أن يلعبه فيما يخص التعرض لكوفيد-19. لكن هذه النتائج قد تستخدم يوما لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة لأخطر الأعراض وتعزيز البحث عن علاجات جديدة محتملة.

وقالت جويس تانغ، نائبة رئيس قسم الأبحاث في "23andMe": "نريد أن نفهم كيف تؤثر جيناتك على استجابتك للفيروس". وأضافت، وفق ما نقله موقع وايرد (Wired)،  أن شركتها تأمل في أنه من خلال جمع بيانات من أشخاص أثبتت الاختبارات إصابتهم بكوفيد-19، "بإمكاننا أن نعلم المزيد عن المسببات البيولوجية للمرض، يمكننا مشاركته مع المجتمع العلمي للمساعدة في علاج الناس بنجاح أكبر".

ولدى الشركة بيانات أكثر من 10 ملايين شخص، وافق 80 في المئة منهم على استخدام معلوماتهم الجينية في الأبحاث.

ودعت الشركة عملاءها في الولايات المتحدة إلى المشاركة في استطلاع يضم أسئلة بينها مكان إقامتهم، ونوع التباعد الاجتماعي الذي يتبعونه، وما إذا أجروا اختبار كشف الإصابة بكورونا، نتيجته، أو إذا تعرضوا لكوفيد-19.

وإذا جمعت الشركة ما يكفي من الردود من أشخاص أصيبوا فعلا بكوفيد-19، فإن فريق البحث التابع لها سيجري تحليلا إحصائيا يسمى GWAS أو دراسة ارتباط على مستوى الجينوم.

وبموجب GWAS يجري تصنيف الأشخاص في مجموعات، وفي هذه الحالة من المرجح أن تكون بناء على الأعراض، ثم مسح بيانات حمضهم النووي لمعرفة إن كانت هناك متغيرات من حرف واحد في الشفرة الوراثية، تظهر بشكل أكبر لدى أشخاص يعانون من أعراض معينة. وإذا تكرر ذلك لمرات كثيرة، فإن بإمكانهم القول ببعض الثقة، إن تلك المتغيرات مرتبطة بتلك الأعراض.

ومن الصعب التنبؤ بأنواع الجينات التي سيجري اكتشافها من خلال هذه التجارب، إلا أن الكثير منها سيرشد، على الأرجح، إلى مناطق في الجينوم المسؤول عن تنسيق استجابة جهاز المناعة، وفق ما أوضحه لموقع "وايرد"، رئيس قسم علم الوراثة في جامعة ستانفورد مايكل سنايدر، غير المرتبط بشركة "23andMe"، إذ قال: "بشكل عام، نعلم أن الجينات تؤثر على مسار العدوى الفيروسية". 

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).