أرقام الوفيات المعلنة في أوروبا "مقلقًة للغاية"
أرقام الوفيات المعلنة في أوروبا "مقلقًة للغاية"

قتل فيروس كورونا في أوروبا أكثر من 60 ألف مصاب حتى اليوم، في الوقت الذي يقول فيه ساسة القارة إن "ذروة الأزمة" لم تحن بعد. 

وتبقى الأرقام المسجلة لأعداد وفيات الفيروس نسبية، بحسب تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، إذ إن الوفيات جراء الوباء، أكثر بكثير من الأرقام الرسمية المعلنة من قبل السلطات.

وما يزيد من توجس العالم، هو الصورة المعكوسة التي بات يرسمها الوباء عبر العالم، فالولايات المتحدة التي أعلنت في بدايات تفشي الوباء في أواسط يناير، خمس حالات إصابة فقط، سجلت خلال الـ24 ساعة الأخيرة ما يقرب من 2000 وفاة جراء الوباء، فيما أعلنت "ووهان" مصدر تفشي الفيروس  عافيتها منه. 

أمام هذا المشهد، تطالب الحكومات الأوروبية ومعها الأميركية، إلى رفع ميزانيات الانفاق، وسط مناشدات منظمة الصحة العالمية، لتوحيد الجهود ومضاعفتها لمكافحة الجائحة. 

الأسوأ لم يأت بعد

وأوروبا، تعد القارة الأكثر تضررا جراء الفيروس حتى الساعة، مع تسجيل أكثر من 60  ألف حالة وفاة و750  ألف إصابة بالفيروس، وفقا لإحصاء وكالة فرانس برس. 

ورغم هذه الخسائر، لا تزال القارة العجوز تنتظر استقرار عدد الوفيات اليومية. ويقول كل من رؤساء فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، ان "الأسوأ لم يأت بعد". 

وبالنسبة للفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، فالأرقام المعلنة في أوروبا "مقلقًة للغاية"، على الرغم من "العلامات الإيجابية" القليلة في الأيام الأخيرة.

التجارة والاقتصاد 

ولا تقتصر الخسائر جراء فيروس كورونا على الشق الصحي منه، فعلى صعيد الاقتصاد، ومن التوقعات التي تحملها "منظمة التجارة العالمية"، يرتقب أن يصل مستوى انكماش وتباطؤ الحركة التجارية عبر العالم، إلى مستويات قياسية، أكبر من تلك التي شهدها العالم في أزمة عام 2008. 

وتوقعت المنظمة، أن يصل هذا التباطؤ إلى نسب ما بين 13% و 32% خلال العام 2020، وهي نسب أكبر من الأزمة المالية لعام 2008. 

وبذلك، تتوقع المنظمة الدولية، أن يشهد العالم "أكبر ركود اقتصادي" في التاريخ الحديث. 

وما يزيد من "ضعف الحركة التجارية"، هو ما سبقها من توترات بين الصين والولايات المتحدة وأزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).