اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الجلوس في الخلف خلال أزمة تفشي وباء كورونا في بلاده، حيث يعمل عن بعد من مقر إقامته في ضواحي موسكو مفوضا السلطات التي أمضى سنوات وهو يستحوذ عليها في الكرملين، لأناس آخرين.
بالمقابل أخذ مسؤولون مقربون من بوتين، كعمدة موسكو سيرغي سوبيانين ورئيس الوزراء الجديد ميخائيل ميشوستين، على عاتقهم مسؤولية فرض إجراءات العزل الصحي الصارمة وغلق للحدود، فيما يقود مسؤولون آخرون جهودا موازية لاحتواء الفيروس وتداعياته الاقتصادية.
في غضون ذلك، ركز بوتين بشكل رئيسي على تخفيف التداعيات الاقتصادية للأزمة عبر عقد مؤتمرات عن بعد أو خطابات متلفزة داخل مكتب فارغ، يصعب على المرء أن يصدق أنه يمكن أن يكون مكانا لإدارة أزمة يحرص بوتين على تسليم مسؤولياتها للآخرين، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وتضيف الصحيفة أن هذه الحالة غير عادية في روسيا، حيث تصدر القرارات السياسية من المركز، وحيث يعاني الناس من نقص في إمدادات الأقنعة الطبية، ومشاكل اقتصادية متزايدة في ظل إجراءات الحجر الصحي.
ولاحظ محللون أن نهج بوتين هذا هو انعكاس لما يحصل في بعض الدول، حيث يُكلف المسؤولون المحليون بإصدار اللوائح الصارمة فيما تقدم الحكومة المركزية الحوافز المالية.
من شأن هذا التصرف أن يحد من تحمل بوتين مسؤولية قرارات لا تحظى بشعبية وبالتالي يحافظ على دعمه العام.
وتخضع موسكو، التي سجلت فيها غالبية الإصابات المؤكدة بكوفيد-19، منذ نحو أسبوع لإغلاق تام يستثني محال بيع المواد الأساسية، حيث وأمرت السلطات السكان بملازمة بيوتهم.
وتعد روسيا رسميا 8672 حالة مثبتة بفيروس كورونا المستجد كما سجلت 63 وفاة. وقد شهدت البلاد تسارعا في الإصابات في الأيام الأخيرة مع نحو ألف حالة إضافية الأربعاء.
وتجنب بوتين التجمعات العامة منذ أواخر مارس، بعد أيام من ارتداء بدلة سلامة صفراء لزيارة المستشفى الرئيسي في موسكو حيث يرقد المصابون بالفيروس.
وأثناء وجوده هناك تصافح بوتين وتحدث مع مدير المستشفى الذي تم تشخيصه لاحقا بالمرض.
وقال الكرملين إن بوتين ليس مصابا ويعمل عن بعد، لكن اللقاء أثار تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس الروسي أيضا معزولا ذاتيا.
لكن بوتين عاد وظهر الأربعاء، عندما ألقى خطابا متلفزا طلب فيه منح مكافآت للممرضات والأطباء الذين يقدمون الرعاية لمرضى كوفيد-19.
كما وصف الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع القادمة بـ "الحاسمة" في معركة روسيا ضد المرض.
وتشير صحيفة "الغارديان" إلى أن ظهور بوتين المتلفز، الذي أجرى خلاله مكالمات مباشرة من مسؤولين محليين واقليميين وبحث معهم إمكانية اتخاذ إجراءات جديدة لمساعدة الروس، ربما يؤشر أنه يخطط لاتخاذ نهج عملي أكثر تجاه الأزمة.
وتقول المحللة السياسية الروسية تاتيانا ستانوفايا إن "بوتين ببساطة يرى أن معالجة تداعيات الفيروس ليست وظيفته، لكن لسوء الحظ يبدو أن جهاز الدولة نسى كيفية التصرف بشكل مستقل".
وكتبت في مقال نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "يتوقع الرئيس الكفاءة من مرؤوسيه، لكنهم اعتادوا على مجرد تنفيذ القرارات التي اتخذها الآخرون، وقد نسوا الآن كيفية اتخاذ قراراتهم الخاصة".