قالت جامعة "بيتسبيرغ" الأميركية إن العلماء لديها تمكنوا من الوصول بنجاح لنتائج إيجابية في اللقاح الذي سيكون أشبه بلصقات تحمل عدداً من الإبر دقيقة الحجم. 
قالت جامعة "بيتسبيرغ" الأميركية إن العلماء لديها تمكنوا من الوصول بنجاح لنتائج إيجابية في اللقاح الذي سيكون أشبه بلصقات تحمل عدداً من الإبر دقيقة الحجم. 

مع احتدام أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، بات السباق العلمي على أشده؛ من يتمكن من الوصول إلى اللقاح أولا؟

وشهدت الآونة الأخيرة تداولا كثيفا لأخبار تتحدث عن التوصل للقاح، طالما رافقتها كلمة "محتمل"، والتي لم يلق لها البعض بالا.

تعني كلمة محتمل أن اللقاح لا يزال تجريبيا، وأمامه فرصة ليثبت جدارته ليصبح الدرع الواقي لسكان العالم من الوباء الجديد. 

 

ما أهمية اللقاح؟

"لو كانت العودة إلى الوضع الطبيعي تعني التصرف كما لو لم يكن هناك معضلة تسبب بها فيروس كورونا، لا أتوقع أن يحصل هذا حتى نصل إلى الوضع الذي يمكننا من حماية الناس بشكل كامل (مع لقاح)"، قال خبير الأمراض المعدية في البيت الأبيض، آنتوني فاوتشي، في تصريحات إعلامية نقلها موقع "بريفينشن".

تتطلب عملية تطوير لقاح ما الكثير من الدقة والحذر. وتشير معظم التجارب العلمية والدراسات إلى أنها لا تزال في المراحل الأولى من تطوير اللقاح، فهو لا يزال بحاجة المرور بخطوات محددة، للتثبت من فعاليته والتأكد من أن أعراضه الجانبية لا تحمل أي ضرر للإنسان المتلقي للقاح.

"اللقاح هو الطريقة الوحيدة لنتمكن من السيطرة على هذا الفيروس على المدى البعيد (..) فهو لن يختفي حتى نحصل على اللقاح"، يقول خبير الأمراض المعدية آمش آدالجا لموقع "بريفينشن".

وبينما يحتاج الجميع على الأغلب لوقاية أنفسهم باستخدام لقاح فعال ضد فيروس كورونا المستجد، يعتبر اللقاح أكثر أهمية لمن يواجهون صعوبات صحية في مواجهتهم للفيروس والأكبر عمرا ومن يعانون ضعفا في المناعة.

 

ولكن، كم يستغرق الأمر ليصبح اللقاح واقعاً بعيداً عن الاحتمالات؟

 

لا يمكن للقاحات دخول الأسواق الطبية رسمياً سوى بحصولها على مصادقة من هيئة الغذاء والدواء الأميركية، وقد يستغرق الأمر أعواماً.

"العملية تستغرق بشكل عام من سنة إلى سنتين، وأحياناً فترة أطول"، يقول بروفيسور الطب الباطني في جامعة "نورث إيست أوهايو" لموقع "بريفينشن".

بداية، يتعين على شركة الأدوية أو المنظمة المعنية تطوير لقاح يعتقدون بفعاليته. 

وبحسب هيئة الغذاء والدواء، فإن عملية التجريب تأتي بعد ذلك، باستخدام الخلايا في مختبرات الجهات المصنعة. وفي حالة بدا اللقاح واعداً، يمكن نقله إلى مرحلة الدراسة على الحيوانات.

وفي حالة أظهر اللقاح فعالية على الحيوانات وأثبتت الدراسات حوله أنه كان آمناً خلال التجارب وقالت إنه سيكون آمناً على البشر، يتم الانتقال لمرحلة التجارب السريرية.

وتقول الهيئة إن التجارب السريرية تمر بثلاث مراحل، ويتم استخدام المزيد من الناس لكل مرحلة منها.

وفي المرحلة الأخيرة، يتم تتبع الأشخاص الذين يفترض أنهم باتوا يتمتعون بحصانة محتملة ضد الفيروس، وتتم مقارنتهم مع أشخاص تلقوا لقاحاً وهميا، أو أي لقاح آخر، ليتحقق العلماء من أن المنتج آمن وفعال، والتعرف على الأعراض الجانبية التي يسببها أيضاً.

وبالوصول هنا، لا بد من إجراء كم كاف من التجارب التي ستثبت أن المنتج آمن وقادر على صد أي مخاطر صنع من أجلها بشكل حقيقي.

بعد ذلك تتم المصادقة على اللقاح وترخيصه من قبل هيئة الغذاء والدواء أو بديلها في دول غير الولايات المتحدة، ومن ثم يتم طرحها في الأسواق.

لكن لا بد من أن يصحب عملية الطرح الأولية مراقبة مكثفة وقريبة لآثار اللقاح لدى تداوله بين الناس، ومدى فعاليته على أرض الواقع.

ويتوقع د. فاوتشي أن اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد سيستغرق فترة تتراوح ما بين 12 إلى 18 شهراً من هذا الوقت ليتم طرحه في الأسواق أي أن ذلك قد يتم في سبتمبر 2021.

"هذا جدول زمني سريع جداً جداً"، يقول خبير الأمراض المعدية، البروفيسور ويليام شافنر.

ويضيف شافنر إن الحكومة تتمتع بقدرة على تسريع الأمر في حالات كهذه، أي تفشي الفيروس الذي يشهده العالم حالياً.


إلى أين وصلت مراحل تطوير لقاح فيروس كورونا المستجد؟


تبذل جهات عدة حول العالم اليوم جهوداً كبيرة للتوصل إلى لقاح قادر على تجاوز جميع الاختبارات المطلوبة بأقصى سرعة ممكنة، ليتم طرحه بالأسواق.

وأعلنت شركة "إينوفيو" المتخصصة بصناعة الأدوية هذا الأسبوع توصلها إلى لقاح تمكن من اجتياز جميع الاختبارات الأولية، ووصل إلى مراحل التجارب السريرية.

كما تم الإعلان مطلع الشهر الحالي عن التوصل للقاح تم تطويره بالتعاون بين المعاهد الوطنية للصحة وشركة "موديرنا"، وهو قيد التجربة.

كما يعمل باحثون وعلماء من جامعة "جونز هوبكنز" حالياً على تطوير لقاح قادر على الحماية من كورونا.

وقالت جامعة "بيتسبيرغ" الأميركية إن العلماء لديها تمكنوا من الوصول بنجاح لنتائج إيجابية في اللقاح الذي سيكون أشبه بلصقات تحمل عدداً من الإبر دقيقة الحجم. 

وتمكن لقاح الجامعة من إنشاء أجسام مضادة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، خلال أسبوعين من تطبيق التجارب.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.