تستخدم الأدوية في استراتيجية مرتبطة الآن بالوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية
يتسابق العالم للعثور على طرق لكبح تفشي فيروس كورونا المستجد

تزايدت في الآونة الأخيرة المساعي نحو إيجاد طرق بديلة للسيطرة على تفشي فيروس كورونا المستجد (اسمه الرسمي سارس-كوف-2) حتى يتم إيجاد لقاح له.

من بين هذه الطرق البحث عما إذا كان الجسم قد أصدر أجساما مضادة ضد المرض الناتج عنه وهو كوفيد-19، لكن في الواقع ليس واضحا تماما ما إذا كانت هذه الطريقة ستمنع الأفراد من الإصابة بالعدوى مرة أخرى.

والأجسام المضادة هي بروتينات تساعد في الحفاظ على صحة الإنسان، لأنها تقوم بتحييد البكتيريا والفيروسات.

وتتضمن العملية، المعروفة باسم العلاج المشتق من البلازما أو "بلازما النقاهة"، إجراء الأطباء اختبارات على بلازما دم أشخاص تعافوا من المرض لاستخراج الأجسام المضادة للفيروس antibody ثم حقن الشخص المريض بتلك البلازما أو مشتق منها.

موقع "scientificamerican.com" في تقرير حول مسألة الاعتماد على حصانة الجسم في الوقت الحالي لمحاربة الوباء، قال إنه في هذه المرحلة المبكرة من فهم الفيروس التاجي الجديد، ليس من الواضح موقع الفيروس الجديد في مسألة خلق المناعة والتحصين ضد الإصابة به مجددا. 

دون بوديش، أستاذ علم الأمراض في جامعة ماكماستر في أونتاريو قال إنه على الرغم من أن معظم الأشخاص المصابين بالفيروس الجديد ينتجون أجساما مضادة، إلا أننا "ببساطة لا نعرف حتى الآن ما يلزم للحماية الفعالة من هذه العدوى".

وقال التقرير إن الباحثين حاليا يحاولون معرفة إلى متى تبقى الأجسام المضادة للفيروس في الجسم؟ وهل تحمي من الإصابة مرة أخرى؟ وهذان سؤالان لم تتم الإجابة عليهما حتى الآن.

والمعروف حتى الآن أن المرضى الذين تعافوا من المرض يستطيعون الاحتفاظ بأجسام مضادة لمدة أسبوعين على الأقل، لكننا لا نعرف ما إذا كانت يمكن أن تطول عن ذلك، وللحصول على إجابات، يتطلع العديد من العلماء إلى الفيروسات التاجية الأخرى.

والمعروف أن المناعة من الفيروسات التاجية الموسمية (مثل تلك التي تسبب نزلات البرد) على سبيل المثال تبدأ في الانخفاض بعد أسبوعين من الإصابة. وفي غضون عام ، يكون البعض عرضة للإصابة مرة أخرى.

لكن بالنظر إلى فيروس آخر يشبه هذا الفيروس وهو "سارس-كوفيد"، المسبب لمرض السارس وجد العلماء علامات مشجعة، فقد أظهر اختبار الأجسام المضادة أن ذروة الحصانة يمكن أن تمتد حتى أربعة أشهر ويمكن أن تتوفر الحماية إلى فترة تمتد ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام تقريبا.

لكن حتى إذا بقيت الأجسام المضادة في الجسم، فليس من المؤكد بعد أنها ستمنع العدوى في المستقبل. 

ووجدت إحدى الدراسات عدم وجود علاقة بين كمية الفيروس ووجود الجسم المضاد، ما دفع مشرفي الدراسة إلى التساؤل عن الدور الفعلي للأجسام المضادة في إزالة الفيروس.

ويرى بوديش أن ما نحتاج إليه هو الأجسام المضادة المحايدة، وهي البروتينات التي تمنع الفيروس من الالتصاق بالخلايا المضيفة.

ويرى أنه يمكن لمطوري اللقاحات أن ينتجوها، بدلا من الاعتماد على الخلايا المناعية التي يطلق عليها (T cells).

وقال التقرير إن الأبحاث الجارية في مسألة المناعة من الفيروس الجديد لا تزال في مراحلها الأولية، ولا تزال هناك شكوك حولها.

وكانت إدارة الأغذية والدواء الأميركية "FDA" قد وافقت قبل أيام على اختبار جديد يقيس مستوى الأجسام المضادة للفيروس في جسم الإنسان، وهو أول اختبار يتم استخدامه في الولايات المتحدة.

يقوم الاختبار بإعلام الأطباء ما إذا كان المريض قد تعرض للفيروس من قبل وما إذا كانت لديه الآن بعض الحصانة.

ويعد الاختبار مهما لعدة أسباب من بينها، معرفة مدى إمكانية خروج الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة من المرض بأمان من منازلهم والمساعدة في دعم جهود محاربة الوباء، وخاصة أولئك العاملين في القطاع الصحي.

ويأتي هذا في ظل استمرار ارتفاع الوفيات الأميركية جراء وباء كورونا العالمي إلى أكثر من 17 ألف حالة والإصابات إلى نحو 776 ألفا حتى الجمعة، وفق آخر البيانات.

وأعلنت الوكالة الصحية أيضا من قبل عن بروتوكولات طوارئ تسمح باستخدام بلازما دم أشخاص تعافوا من الفيروس المستجد لعلاج المرضى الذين هم في وضع حرج جراء إصابتهم بكوفيد-19.

في ظل ذلك أيضا، خرجت أيضا الدعوات، لاتباع طريقة "مناعة القطيع"، ومن بين من دعوا لذلك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وأعضاء في حكومته.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).