رغم التشكيك بالأرقام الرسمية للمصابين بفيروس كورونا المستجد في روسيا، حيث أنها لم تتجاوز 16 ألف شخص حتى الآن، إلا أن الأزمة بدأت تشكل ضغطا كبيرا على مستشفيات المدن الكبرى، خاصة العاصمة موسكو، والتي وصلت لحدودها القصوى لاستيعاب المرضى نهاية الأسبوع الماضي.
وبلغ عدد الوفيات في البلاد حتى الآن 150 وفاة، فيما بلغ عدد المتعافين قرابة 1300 شخص، بحسب الإحصاءات الرسمية.
عوامل هيكيلة وديمغرافية في روسيا، قد تكون نقاط قوة وضعف لموسكو، والتي إما ستمكنها من تجاوز الأزمة، أو أنها ستشكل ضغطا هائلا عليها وتجعل مواجهة فيروس كورونا مهمة صعبة جدا، وفق تحليل نشره موقع ناشونال إنترست.
يتوقع العلماء الروس الوصول إلى ذروة تأثير الجائحة في البلاد بين 17 و 21 أبريل الحالي، رغم مخاوف من استفحال الأزمة بشكل أكبر، حيث تستعد الحكومة بتجهيز مستشفيات بـ20 ألف سرير، ولا سيما في موسكو.
حتى الآن ينتشر الفيروس بشكل كبير حول العاصمة موسكو، فيما يتم إجراء آلاف الفحوص في العديد من المناطق التي يُخشى أن تصبح بؤرة للمرض داخل البلاد. ورغم أعداد الفحوص الكبيرة التي أبلغت عنها السلطات، إلا أن جودة الاختبارات ودقتها غير واضحة.
وتقوم السلطات بإجراء اختبارات فيروس كورونا في 190 مختبرا موزعة في أنحاء روسيا، كما تزعم السلطات إجراء تطوير اختبارات دقيقة للكشف عن الفيروس بوقت سريع جدا، إلا أن هناك العديد من القصص لأشخاص دخلوا المستشفيات يعانون من أعراض كورونا ولكن لم يتم فحصهم على الإطلاق.
ووفق مسح غير رسمي أجري مطلع أبريل، يعتقد نصف الروس أن السلطات تقلل من العدد الفعلي للمصابين، فيما يثق 12 في المئة فقط بدقة الأرقام الرسمية وصدقها.
ويشير التحليل إلى أن تلاعب السلطات بالأرقام لا يعتمد على الكذب، إنما بإغفال معايير الاختبارات التي تجرى، ونظام الإبلاغ عن أعداد المصابين والتي قد تكون غير دقيقة في العديد من الأحيان، فمثلا تحاول السلطات حصر المصابين بالقادمين من الخارج خلال الفترة الماضية.
وكما حصل مع بعض الأطباء في الصين، تحتجز السلطات الروسية أي شخص من الكوادر الطبية ينتقد أو يتحدث عن نقص المعدات واللوازم، وهذا ما حصل مع ناشطة في نقابة الأطباء، كانت انتقدت نقص معدات الحماية الشخصية للعاملين في المستشفيات، وقد تم احتجازها منذ الأسبوع الماضي.
جغرافيا، يسهل على السلطات الحد من انتشار الفيروس في العديد من مناطق البلاد، خاصة مع انخفاض الكثافة السكانية، ولكن هناك خمس مدن ستكون الأكثر تأثرا، وهي موسكو وسانت بطرسبرغ وكراسنودار وسيمفيروبول وسوتشي.
وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة مدى انتشار الفيروس الفعلي في روسيا، خاصة وأن العديد من سكان موسكو انتقلوا، قبل إغلاقها، إلى مدن أخرى، هربا من أوامر البقاء في المنزل، فيما تم تفويض إدارات العديد من المدن للتعامل مع هذا القرار محليا.
البنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية في روسيا، يمكن أن تكون عنصر قوة وضعف بالوقت ذاته، إذ ضخت الملايين من الأموال خلال السنوات الماضية على هذا القطاع، ويوجد عدد أطباء كبير في البلاد، أما المستشفيات والمعدات الطبية فلا تزال قديمة ورديئة.
كما يفتقر الكادر الطبي في البلاد إلى العديد من المهارات، خاصة تلك المتعلقة بالتخدير أو مهارات أطباء الجهاز التنفسي وفنيي المختبرات، ناهيك عن أن المستشفيات هناك لا تمتاز بشموليتها، وهي عادة ما تكون مخصصة لأمراض معينة، مثل مستشفيات الأمراض المعدية، ومستشفيات الولادة، ومستشفيات القلب.
وتفتقر روسيا إلى انتشار دور رعاية كبار السن، وهو ما يقدم لها ميزة خلال أزمة كورونا، فلا تنتشر العدوى بشكل سريع وكبير، بين مسنين مجتمعين تحت سقف واحد.
وتمتاز روسيا أيضا بأن النساء يعمرن فيها أكثر من الرجال، إذ تكشف البيانات الدولية أن الوفيات من الرجال كبار العمر بفيروس كورونا أكثر بكثير من النساء.