توقعات بأن أزمة كورونا ستزداد حدة عندما ينتشر المرض في بلدان فقيرة أو تعاني من نزاعات
توقعات بأن أزمة كورونا ستزداد حدة عندما ينتشر المرض في بلدان فقيرة أو تعاني من نزاعات

بينما يتساءل كثيرون في أميركا وبلدان متقدمة أخرى تشهد انتشارا لفيروس كورونا عن موعد عودتهم إلى العمل واستئناف حياتهم الطبيعية، فإن خبراء يقولون إن الكابوس لم يبدأ بعد بالنسبة للكثير من المناطق حول العالم.

جزء من ذلك الرعب أن العديد من الدول لن تمتلك الوسائل للقيام بالكثير لمحاربة كورونا، كما لا يمكنها التعويل على الدول الأغنى لمساعدتها في ظل غياب تنظيم لجهود المجتمع الدولي والقيادة أمام الأزمة الصحية التي دفعت البلدان المتطورة إلى التركيز على ما يجري داخل حدودها أولا.

وتساءل مقال رأي لهيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز، عما سيحدث عندما يجتاح الفيروس بلدانا يسكنها الملايين بينما لا تملك سوى بضعة أجهزة تنفس. 

وباستثاء إيران، فإن البلدان الأكثر تضررا من الجائحة حتى الآن تقع ضمن المجموعة التي تتمتع بأقوى الاقتصادات في العالم ولديها مؤسسات علمية وخدمات طبية متقدمة.

لكن ما ينتظر العالم على الأرجح هو انتشار فيروس في البلدان التي تنهكها النزاعات، من خلال مخيمات اللاجئين المكتظة ومراكز الاعتقال في أماكن مثل سوريا أو بنغلاديش، ومن خلال مدن مزدحمة مثل مومباي، ريو دجي دجانيرو، ومن خلال بلدان ليست لديها القدرة المالية أو خدمات صحية تمكنها من استجابة قابلة للاستمرار.

وحتى الآن أكثر المناطق ضعفا أعلنت عن حالات قليلة نسبيا مثل اليمن الذي كشف فيه عن إصابة واحدة، وعدد غير كبير عبر إفريقيا والشرق الأوسط. قد يعود ذلك إلى تقارير غير موثوقة أو إنكار متعمد. لكن الأرقام تتزايد، وكما تعلم العالم، فإنها ستتضخم على الأرجح بشكل جذري وسريع.

مسح أجرته مجموعة الأزمات الدولية يقول إن من الصعب التنبؤ بالتأثير الكامل لكورونا في المناطق المذكورة، لكن "إذا انتشر المرض في المراكز الحضرية المكتظة في الدول الهشة، فقد يكون من المستحيل تقريبا السيطرة عليه".

وأدرجت نيويورك تايمز أرقاما تجسد المحنة التي تنتظر الدول النامية والفقيرة التي تشهد حروبا وصراعات، بالنظر فقط إلى أجهزة التنفس التي تعد من المعدات الطبية الضرورية لإنقاذ أرواح من يعانون من أسوأ حالات كورونا.

وبينما لدى الولايات المتحدة على سبيل المثال 160 ألف جهاز وفق أحدث التقديرات، يوجد في سييرا ليون 13 جهازا فقط، وأربعة في جنوب السودان، وثلاثة في جمهورية إفريقيا الوسطى.

أما فنزويلا التي تعاني 90 في المئة من مستشفياتها من نقص حاد في المعدات، فليس لديها سوى 84 سريرا في أقسام العناية المركزة لشعب يصل عدده إلى 32 مليون نسمة، وفق تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر.

وقال رئيس لجنة الصليب الأحمر، ديفيد مليباند، "الدرس الذي يستخلص من هذه الأزمة هو أن أضعف الروابط في سلسلة الصحة العالمية تشكل تهديدا للصحة في كل مكان".

وأضاف "لا يمكننا تحمل هذه الروابط الضعيفة، وعلينا تعزيز الجهود في الدول والمجتمعات  التي تمزقها الحروب لرفع فرص الحياة".

وختمت نيويورك تايمز مقالها بدعوة إلى تضامن مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام والجامعات والمنظمات غير الحكومية من أجل التركيز على استراتيجية بخصوص الجبهة القادمة والأكثر قسوة على الأرجح في الحرب على كورونا.

وأشارت إلى أن منظمات بدأت بالفعل القيام بذلك انطلاقا من إدراكها أن هذا قد يكون نضال العصر الحالي وأن العالم إذا احتجاح إلى استجابة دولية فإن الوقت هو الآن.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).