مشفى لعلاج الإنفلزنزا الإسبانية في ولاية كانساس الأميركية عام 1819
مشفى لعلاج الإنفلزنزا الإسبانية في ولاية كانساس الأميركية عام 1819

يتساءل الناس عن شكل العالم بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا، والتي لا يعلم أحد حتى الآن موعده.

بالنسبة للمؤرخ فرانك سنودن، من جامعة ييل الأميركية، فإن الأوبئة بشكل عام، قد شكلت التطور الاجتماعي للبشرية، بما لا يختلف عن الحروب والثورات، والأزمات الاقتصادية، بحسب تقرير لموقع "Nature".

وقد جمع سنودن أدلة عديدة عن تفشي الأوبئة خلال الألفي عام الماضية، وما تبعها من عنف، وهستيريا جماعية، وتدين، وعواقبها السياسية والاجتماعية والثقافية.

فمثلا، عندما ضربت الكوليرا باريس عام 1832، وتوفي نحو 19 ألف فرنسي، انتشرت نظرية مؤامرة مفادها أن الحكومة المكروهة شعبيا تحت قيادة الملك لويس فيليب، قد سممت الآبار بالزرنيخ.

استطاعت الشرطة والجيش الفرنسي بالكاد، احتواء العنف الشعبي الذي اندلع عقب انتشار هذه النظرية، وقد غذت هذا العنف الذاكرة الجمعية للطبقة الفقيرة.

ويرى سنودن أن هذه الواقعة تفسر أكبر حادثتي قمع عنيف خلال القرن التاسع عشر في العاصمة الفرنسية باريس، كانت الأولى عندما تم سحق ثورة 1848، فيما الثانية هي القضاء على كومونة باريس، تلك الحكومة الثورية التي حكمت المدينة لفترة وجيزة في 1871.

ويرى سنودن أن التعاضد بين الحروب والأوبئة قد شكلا التاريخ، فمثلا توقفت توسعات نابليون بونابرت في القرن التاسع عشر صوب المحيط الأطلسي، بسبب الحمى الصفراء التي التقطها جيشه في مستعمرة فرنسا الكاريبية سانت دومينغو (هايتي الآن).

كما أحبطت طموحات بونابرت في التوسع شرقا بسبب أوبئة الزحار والتيفوس، حيث ضرب وباء التيفوس أو كما يعرف بـ"الحمى النمشية"، الجيش الفرنسي خلال انسحابه من موسكو في عام 1812.

كما أشار تقرير Nature إلى الوباء الشهير الذي غفل عنه سنودن في كتابه "الأوبئة والمجتمع: من الموت الأسود إلى الوقت الحاضر"، وهي الإنفلونزا الإسبانية التي تخطى عدد ضحاياها قتلى الحرب العالمية الأولى، فقد تسبب هذا الوباء في مقتل أكثر من ٥٠ مليون شخص.

وعلاوة على ذلك، فقد تم اكتشاف روابط محتملة بين وباء الإنفلونزا الإسبانية، ووباء الإيدز في جنوب إفريقيا، والذي يغطيه كتاب سنودن.

وكان وباء الإنفلونزا الإسبانية قد انتشر في جنوب أفريقيا في عام 1918، بعدما عاد جنود سود من معارك على الجبهة الفرنسية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث التقطوا المرض خلال رحلة الرجوع، وكانوا سببا في نشره في جنوب أفريقيا.

وقد استغل البيض في جنوب أفريقيا انتشار المرض لتقنين سياسات التمييز والفصل العنصري، حيث تم تقييد مساحة الأراضي الممنوحة للسود، وقد أدى ذلك إلى نمو نظام العمالة الذي قسم العائلات السوداء هناك.

وقد أدت هذه الأحداث إلى انتشار وباء الأيدز عندما وصل إلى جنوب أفريقيا، فعندما يكبر الشباب بعيدا عن عائلاتهم بسبب نظام العمالة، تتغير مفاهيم الذكورة والعنف، مما أدى إلى ارتفاع حالات الاغتصاب والسلوكيات الجنسية الخطرة، بحسب كتاب سنودن.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).