إمارة دبي اتخذت إجراءات ذكية لتجنب تفشي الفيروس
في الإمارات، فقد وظفت الحكومة تقنيات الذكاء الاصطناعي للحد من الحركة بين سكان دبي.

مع أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد على أراضيها، لجأت دول في مجلس التعاون الخليجي إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، علها تخفف من وطأة الوباء وتساعد في الحد من انتشاره.

وفرضت دول خليجية إجراءات حازمة في التعامل مع الأزمة التي تسبب بها الفيروس، كما فعلت البحرين، السعودية، قطر، عمان، الكويت والإمارات.

إمارة دبي اتخذت إجراءات ذكية لتجنب تفشي الفيروس

واشتملت الإجراءات التي اتخذتها تلك الدول على تعليق رحلات الطيران بوجه الركاب، وفرض حظر تجول على نطاقات مختلفة.

وتسعى الدول للإبقاء على عدد يمكن السيطرة عليه من الإصابات بفيروس كورونا، من خلال الخطوات الوقائية التي باتت تتخذها.

وبحسب مرصد جامعة "جونز هوبكنز" لحالة تفشي فيروس كورونا بين الدول، أصيب عدد تجاوز 2 مليون شخص حول العالم بالفيروس.

ولا تفرض الدول جميعها تعليمات لمواطنيها لملازمة منازلهم.

وتوظف بعض الدول تكنولوجيا متقدمة لضمان محدودية تناقل الفيروس بين مواطنيها، وللتأكد من محدودية حركتهم التي يفترض أن لا تكون سوى للضرورة.

في الإمارات، فقد وظفت الحكومة تقنيات الذكاء الاصطناعي للحد من الحركة بين سكان دبي

تشمل التكنولوجيا المستخدمة من قبل بعض الحكومات استخدام كاميرات الرادار المخصصة لضبط سرعة المركبات في الشوارع، بالإضافة إلى الطائرات بلا طيار والروبوتات.

وتفرض بعض الحكومات استخدام تقنيات تتبع الموقع، لا سيما على من تثبت إصابتهم بالفيروس. الأمر الذي طبقته دول مثل هونغ كونغ والصين وسنغافورة.

وبالعودة إلى دول الخليج، أطلقت البحرين تطبيقا يتيح للمستخدم معرفة نسبة اختلاطهم بأحد مرضى كورونا.

ويستخدم التطبيق خواص تحديد المواقع لتنبيه الأفراد لدى اقترابهم من حالة مصابة بالفيروس.

ويعتبر استخدام التطبيق إجباريا لمن فرض عليهم البقاء في الحجر الصحي.

وبينما تفرض السعودية حظر تجول في مدن مختلفة، تشهد تسجيل إصابات بالفيروس، تلجأ بعض المتاجر فيها، لا سيما المتخصصة بالمواد التموينية، إلى استخدام تطبيقات ذكاء اصطناعي تحد من التعامل المباشر بين الأفراد وتقلل فرص انتقال الفيروس.

ورصدت شبكة "سي إن بي سي" الأميركية جهود السيطرة على انتشار الفيروس في عدد من دول الخليج.

وقال متحدث باسم الحكومة القطرية للشبكة، إن بلاده تعمل بالتشارك مع معهد قطر لبحوث الحوسبة، بشكل متصل مع قاعدة بيانات وزارة الصحة باستخدام تقنيات تحديد الموقع، لتتبع انتشار الإصابات بكورونا وحالات المخالطة بينها وبين أصحاء.

أما في الإمارات، فقد وظفت الحكومة تقنيات الذكاء الاصطناعي للحد من الحركة بين سكان دبي، التي تشهد كثافة سكانية تتجاوز 3.3 مليون نسمة.

وتراقب شرطة دبي من خلال كاميراتها المنتشرة في كافة أنحاء المدينة حالة الحركة في الشوارع، ومدى حركة المصرح لهم في ظل حظر التجول.

وتدعم دبي كاميراتها بخواص التعرف على الوجه والصوت ولوحات السيارات، والتي تتيح جميعها الوصول إلى قاعدة بيانات الشخص والاطلاع عليها.

وأطلقت إحدى المؤسسات الصحية الناشئة في دبي تقنيات ذكاء اصطناعي تسعى لتحديد المخاطر المحيطة بالشخص من ناحية الفيروس، وتقدم مساعدة لتشخيص الأعراض لمن يتشكك بالإصابة.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.