"هل نعيش حلما؟"، سؤال قد يتردد على مسامعنا عند الحديث مع الأصدقاء وأفراد العائلة، فخلال أيام تبدلت الأحوال، وأصبح الناس حبيسي منازلهم في مختلف أنحاء العالم.
وقد اعترى القلق الناس في مختلف البلدان بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، فمثلا أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة الصحة النفسية في بريطانيا، أن أكثر من ستة أشخاص بين كل 10 بالغين في بريطانيا يعانون من القلق، أي 62 بالمئة من تعداد البالغين هناك.
وأوضحت الدراسة أن 22 بالمئة يشعرون بالهلع، و30 بالمئة يشعرون بالخوف، فيما يشعر 18 بالمئة باليأس.
"عندما نبدأ الشعور بالقلق، فإن أدمغتنا تبحث بشكل محموم عن طريقة لإدارة الأمر كما فعلنا من قبل"، تقول المعالجة النفسية في مجلس الاستشارة ببريطانيا، بام كاسترز.
وأردفت كاسترز قائلة لموقع "هاف بوست"، إن "دماغك يخبرك: لقد مررنا بهذه التجربة من قبل، كيف يمكن التعامل مع الأمر؟ لكن الواقع يعكس أننا لم نواجه مثل هذا من قبل".
وأضافت كاسترز أننا في مرحلة مجهولة، وعندما نشعر بالتوتر إزاء هذا، يتولد هنا الشعور السريالي، والشعور بأن هذه الحالة مجرد حلم.
تقول كاسترز: "نحن عالقون في منطقة محرمة بشكل مستمر، وهذا يبدو غير واقعي لأننا لم نختبره من قبل، أو أي شيء من هذا القبيل، ففي كل مرة نشاهد التلفاز، يبدأ جهاز الإنذار الداخلي لدينا ـاللوزة الدماغية- بتحفيز حالة الإنذار، وتكون الخطوة التالية هي عملية 'الهروب أو القتال' كمحاولة للتخفيف من هذا الشعور، إلا أنه من الصعب للغاية صرف هذا الشعور في هذا الوقت".
الانفصال عن الواقع
أما منظمة الصحة الخيرية "مايند"، فتقول إن الشعور بأن لا شيء حقيقي، وأننا في حلم أو فيلم سينمائي، يعتبر إحدى علامات التفكك أو الانفصال (dissociation)، وهذا شعور قد يمر على الناس في بعض مراحل حياتهم.
والانفصال هو أحد أساليب العقل في التأقلم مع التوتر الزائد عن الحد، فمثلا عندما يمر شخص بلحظات صادمة، فإنه يبدأ بالانفصال عن الواقع، أي الشعور بعدم الاتصال بنفسه وبالعالم من حوله. وربما يشعر الشخص بالانفصال عن جسده، أو كما أن العالم غير حقيقي، بحسب مؤسسة "مايند".
وقد يستمر تأثير الانفصال لفترة قصيرة نسبيا، كساعات أو أيام، أو أطول لأسابيع وشهور، وربما يتطور الأمر لأصحاب الانفصال الطويل إلى اضطراب فصامي، حيث يكون الانفصال وسيلتهم الأولى للتعامل مع التجارب المجهدة.
ويشعر الناس حاليا بنوع من الصدمة بسبب الفيروس، حيث فقد البعض عمله أو دخله بسببه، أو تدهورت علاقته العاطفية، مما دفع البعض للسؤال حول الواقع الذي نعيشه.
ما الحل؟
وهنا يبرز سؤال: هل يجب أن نتعايش مع هذا الشعور أم نقاومه؟، وفي هذا تجاوب كاسترز بأنه يجب عدم الإبقاء عليه، لأن القلق من الممكن أن يستمر معنا إذا سمحنا له، وقد ينتهي الأمر بنا في مكان قاتم.
ويحاول العقل التأقلم بشدة مع الوضع الحالي، لكن إذا غمر الشعور بالقلق الشخص، وشعر بأنه يعيش في عالم آخر حيث انفصل تماما عن العالم الحقيقي، فقد حان الوقت لمعالجة الأمر.
ويمكن التخفيف من الأمر عن طريق اتباع تكتيكات نفسية أثناء وجود الشخص بالمنزل، وأولها هو استدعاء العقلانية، تقول كاسترز "أخبر نفسك: أنا في مكان آمن بين أربعة جدران، وأنا في حال جيدة، وسأقوم بإعادة بناء حياتي بطريقة تجعلني أستمر في حياة طبيعية قدر الإمكان".
كما يمكن اتباع بعض الممارسات، كممارسة اليوغا أسبوعيا، والانضمام لفصول اليوغا عبر الإنترنت، أو مقابلة أصدقائك عبر الإنترنت. مما يحافظ على نوع من الحياة الطبيعية المعتادة.
كما تنصح كاسترز بالاشتراك في بعض الأعمال الخيرية عن بعض أو عبر الإنترنت، بالإضافة إلى التواصل بشكل منتظم، خاصة إذا كان الشخص يعيش وحده.