من داخل مختبر ووهان لأبحاث الفيروسات حيث تتحدث التقارير عن ضعف اجراءات السلامة والأمان مما تسبب في تفشي وباء كورونا
من داخل مختبر ووهان لأبحاث الفيروسات حيث تتحدث التقارير عن ضعف اجراءات السلامة والأمان مما تسبب في تفشي وباء كورونا

تزداد يوما بعد يوم التقارير المتعلقة بالسبب الحقيقي لتفشي فيروس كورونا المستجد والتي تشير بأصابع الاتهام إلى مختبر معهد ووهان لعلم الفيروسات المدعوم من الحكومة الصينية.

وتقول صحيفة "واشنطن إكزامينر" إن جائحة الفيروس التاجي ربما تكون قد انطلقت من سوق ووهان للحيوانات الحية، كما هو شائع، ولكن في الوقت ذاته ليس هناك معنى لرفض النظرية البديلة التي تتحدث عن خروجه من مختبر ووهان.

وتضيف الصحيفة الأميركية أن الفيروس التاجي نشأ في ووهان حيث يقع مختبر الأبحاث الأكثر حساسية في الصين. 

وبالنظر إلى العواقب العالمية المدمرة للصحة والاقتصادات التي أحدثها هذا الوباء، نحتاج إلى الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن المكان الذي تأخذنا إليه، وفقا للصحيفة.

تشير الشفرة الوراثية للفيروس ومعدلات الوفيات إلى أنه جاء من الخفافيش وليس من مختبر لتصنيع الأسلحة البيولوجية، بحسب الصحيفة.

لكن هذا لا يخلي مسؤولية الصين، لأن التفشي يمكن أن يكون نتيجة بحث فاشل أجري على الخفافيش مما تسبب في إصابة عامل في المختبر وبعدها انتقل إلى الخارج بواسطته.

وتشدد الصحيفة أن هناك الآن سببا وجيها للمطالبة بالتحقيق فيما جرى بمختبر ووهان لأسباب منها:

أولا: الجميع يعلم أن المختبر كان يحقق في سلالات فيروسية نشأت في الخفافيش.

ثانيا: الجميع يعلم أيضا أن الفيروس التاجي له علاقة وراثية عالية مع الفيروسات الموجودة لدى الخفافيش. 

وثالثا: الاحتياطات المتخذة في المختبر لمنع تفشي المرض كانت تنطوي على كثير من الإهمال.

 

حقائق عن المعهد المثير للجدل

 

تمت الموافقة على بناء معهد ووهان لعلم الفيروسات في عام 2003، خلال فترة تفشي فيروس "سارس"، وانتهى العمل به في 2015، وفقا لمجلة "نيتشر" العلمية البريطانية.

ويعتبر المختبر الأول من نوعه في الصين حيث يجري العلماء أبحاثا عن الفيروسات في مستوى عال جدا من نظام السلامة والاحتواء البيولوجي يدعى "BSL-4".

تم إنشاء مختبر ووهان في الأصل بمساعدة من الحكومتين الفرنسية والأميركية، لكن الصينيين رفضوا المساعدة الدولية هناك في السنوات الأخيرة وحاولوا إثبات قدرتهم على العمل بشكل مستقل.

وقالت مصادر لشبكة فوكس نيوز إنه بعد بدء تفشي فيروس كورونا المستجد، دمر المسؤولون في المختبر عينات من الفيروس، ومحوا تقارير أولية بشأنه كما حجبوا دراسات أكاديمية تحدثت عنه.

بلغت كلفة بناء مختبر ووهان 300 مليون يوان (نحو 44 مليون دولار أميركي)، ولتبديد مخاوف السلامة، أنشئ على مكان عالٍ لتجنب الفيضانات، كما أنه قادر على تحمل زلزال بقوة سبع درجات، على الرغم من أن المنطقة ليس لديها تاريخ من الزلازل القوية. 

وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت في وقت سابق عن عالم الأحياء الدقيقة وخبير السلامة البيولوجية ريتشارد إبرايت قوله إن الدراسات المتعلقة بالفيروسات التاجية في الخفافيش في مختبرات ووهان تحصل تحت مستوى سلامة بيولوجية متدن "يوفر الحد الأدنى من الحماية فقط".

وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن علماء من وزارة الخارجية الأميركية زاروا معهد ووهان للفيروسات مرتين في عام 2018، حيث وجدوا أن المختبر يفتقر إلى ما يكفي من الضمانات ضد تفشي الفيروسات، ولاحظوا أيضا أنه يعاني من نقص خطير في الفنيين والمحققين المدربين تدريبا مناسبا لتشغيل هذا المختبر عالي الخطورة.

ووفقا لصحيفة "واشنطن إكزامينر" فإن هناك ما يبرر إجراء تحقيقات أوسع نتيجة كذب الصين المتكرر والمنهجي والسرية التي فرضتها بشأن أصل الفيروس، مما يعني أن قصة الحكومة لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجد.

وتضيف الصحيفة إلى أنه حتى منظمة الصحة العالمية، مُنعت من الوصول إلى ووهان لغاية أواخر فبراير، بعد أشهر من ظهور المرض. 

وتتساءل عن سبب ذلك، وهل حصل ذلك لأن الحزب الشيوعي الحاكم في الصين كان يحاول إخفاء أصول نشوء الفيروس التي تعود لمختبر ووهان؟ أو لأن الصين عملت خلال تلك الفترة على تعقب أول شخص مصاب ووجدت أنه يعمل في المختبر.

تختتم الصحيفة بالقول إن الصين لديها ما تخفيه، ويجب على العالم معرفة ذلك، لأن الفيروس التاجي تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الناس في الولايات المتحدة، ودمر اقتصاد البلاد، وأخضع المواطنين للعزلة الاجتماعية.

وكانت محطة فوكس نيوز التلفزيونية ذكرت الأربعاء أن الفيروس نشأ في معمل في ووهان، ليس كسلاح بيولوجي وإنما كجزء من سعي الصين لإظهار أن جهودها لرصد ومكافحة الفيروسات تكافئ أو تفوق قدرات الولايات المتحدة.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء إن حكومته تحاول تحديد ما إذا كان فيروس كورونا قد خرج من معمل في مدينة ووهان الصينية، وقال وزير الخارجية مايك بومبيو إنه ينبغي لبكين الإفصاح عما تعلمه.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.