A medical staff treats a COVID-19 patient at the Louis Pasteur Hospital in Colmar, eastern France, on March 26, 2020, on the…
تحذير من خطر الإفراط في استخدام المضادات الحيوية

مع تفشي مرض كوفيد-19 الناتج عن فيروس كورونا المستجد، يسعى الأطباء لاستخدام كل العقاقير الممكنة التي يمكن أن تنقذ حياة المرضى بكوفيد-19، خاصة من أصحاب الحالات الحرجة.

وفي كثير من الأحيان يضطر الأطباء لاستخدام المضادات الحيوية، رغم خطورة كثرة استخدامها، لكن عندما يتعلق الأمر بحياة المرضى تكون هناك حسابات أخرى.

وفي مركز مونتيفيور الطبي في نيويورك، تسعى الطبيبة بيرا نوري التي تشرف على ضمان عدم إفراط المركز في استخدام المضادات الحيوية، بالأخص وأنه بات يستقبل عددا أكبر من المرضى جراء الفيروس المستجد.

والسبب في هذا التخوف يعود إلى أن كثرة استخدامها يزيد من خطر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

وقالت الطبيبة إنه على الرغم من الجهود التي تبذلها المستشفيات للحد من ذلك، أصبح من الصعب الالتزام بهذه الاحتياطات مع تدفق مرضى كوفيد-19 إلى المستشفيات، والحاجة إلى المضادات الحيوية لعلاج الالتهاب الرئوي الجرثومي الذي يحدث للمرضى.

ويعتقد بعض الباحثين أن الوباء يمكن أن يبطئ انتشار البكتيريا ومقاومة المضادات الحيوية داخل المستشفيات، بعد أن تم إلغاء العمليات الجراحية المسؤولة عن العديد من حالات العدوى التي تحدث في المستشفيات، وذلك بهدف إبقاء الأسرّة لخدمة مرضى كوفيد-19، وبدأ العديد من أفراد الطواقم الطبية في المستشفيات بارتداء أردية وأقنعة ومعدات وقاية أخرى بشكل روتيني.

لكن بو شوبسين، طبيب الأمراض المعدية في جامعة نيويورك يشير إلى أن بعض المستشفيات تضطر إلى إعادة استخدام معدات الوقاية الشخصية ومشاركة أجهزة التنفس الصناعي بين المرضى، ما يزيد من خطر انتقال المرض في المستشفيات، وكذلك خطر زيادة مقاومة استخدام المضادات الحيوية وزيادة مقاومة البكتيريا.

ويبدو أن استخدام المضادات الحيوية آخذ في الارتفاع، إذ تشير العديد من الدراسات التي أجرتها الصين إلى أن جميع حالات مرض كوفيد-19 الحرجة تقريبا يتم علاجها بالمضادات الحيوية. ويقول العديد من الأطباء الأميركيين والأوروبيين أيضا ذلك.

ويعتقد باحثون أن المضادات الحيوية ضرورية في كثير من الأحيان، إذ تشير الدلائل المتزايدة إلى أن العديد من مرضى كوفيد-19 يموتون بسبب عدوى ثانوية وليس جراء الفيروس نفسه. 

ووجدت دراسة حديثة في مجلة "لانست" أجريت على 247 مريضا بكوفيد-19 تم إدخالهم مستشفى في ووهان أن 15 في المئة منهم ونصف قضوا بعد إصابتهم بعدوى بكتيرية.

وتشير الأرقام إلى أن نحو نصف من ماتوا بسبب إنفلونزا H1N1 في عام 2009، ومعظم الوفيات بسبب إنفلونزا عام 1918 كانت بسبب الالتهاب الرئوي الجرثومي.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).