مهندسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يبتكرون نموذجا تنبأ بعدد الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة
مهندسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يبتكرون نموذجا تنبأ بعدد الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة

تنبأ الذكاء الاصطناعي بتراجع حالات الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة وإيطاليا الأسبوع المقبل، لكنه حذر من نتائج "كارثية" في حال التراخي في تطبيق إجراءات العزل الصحي الحالية.

واستخدم مهندسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT تقنية "تعلم الآلة" لقياس مدى تأثير إجراءات العزل على انتشار الفيروس في عدد من الدول، من بينها الولايات المتحدة.

وتوصلوا إلى نموذج يعتمد "للمرة الأولى على معلومات حول الفيروس ذاته" وليس النماذج الأخرى التي تعتمد على دراسات سابقة تخص فيروسات أخرى مثل سارس وميرس، بحسب طالب الدكتوراه راج دانديكار المشارك في البحث.

ويعتمد هذا النموذج على تحديد الأشخاص المصابين بالفيروس وتم وضعهم في الحجر الصحي، وبالتالي منعهم من نقل العدوى للآخرين.

ووجد النموذج أن كوريا الجنوبية استطاعت احتواء الفيروس، مع تطبيقها إجراءات حجر صحي صارمة، أما في الأماكن التي شهدت "بطئا" في التدخل الحكومي مثل إيطاليا والولايات المتحدة، زادت فرصة انتشار المرض، إذ كان ما يعرف باسم "معدل التكاثر الأساسي" للمرض أكبر من رقم 1، ما يعني أن الفيروس استمر في الانتشار بشكل كبير. 

ويشير هذا الرقم إلى عدد الأشخاص الذين يمكن للمصاب بالمرض أن ينقل إليهم العدوى في المتوسط.

وبعد أن قام الباحثون بتدريب "شبكة عصبية" على تعليم نفسها كيفية التنبؤ بأنماط انتشار العدوى، توصلت النتائج إلى وجود علاقة مباشرة بين إجراءات الحجر الصحي وانخفاض "معدل التكاثر الأساسي".

وتنبأ هذا النموذج بأنه سيحدث نوع من الاستقرار في عدد الحالات، لكل من إيطاليا والولايات المتحدة في الفترة بين 15 و20 أبريل.

جورج بارباستيس، أستاذ الهندسة الميكانيكية، الذي شارك في البحث قال إن هذا يعني أننا سنبدأ ما يعرف باسم "تسوية للمنحنى" أي أن الحالات ستبدأ في التراجع.

ومن أجل ضمان أن النموذج كان قادرًا على تحقيق نتائج دقيقة، قام الفريق بتدريبه على بيانات عن الفيروس في الفترة من يناير حتى أوائل مارس، ثم قام بمطابقة توقعاته لشهر أبريل بالإحصاءات الموجودة الفعلية.

واتضح أن النموذج كان قادرا على التنبؤ بدقة بالمنحنى في جميع البلدان التي تم دراستها.

وتوقع النموذج حدوث تراجع في عدد الحالات المصابة بالولايات المتحدة بين 15 أبريل و20 أبريل، وتوقع أيضا أن يبلغ عدد الإصابات نحو 600 ألف إصابة قبل حدوث هذا التراجع.

لكن الباحثين أكدوا ضرورة عدم تخفيف تدابير الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي الحالية، لأن ذلك من شأنه حدوث "انفجار" في عدد الحالات المصابة.

بارباستيس قال: "هذه لحظة حاسمة من الزمن... إذا خففنا في إجراءات الحجر الصحي، قد يؤدي ذلك إلى كارثة"، داعيا إلى النظر في تجربة سنغافورة لمعرفة مخاطر تخفيف تدابير الحجر الصحي بشكل متسرع. 

وتحارب سنغافورة الآن موجة ثانية من الإصابات، بعد أن خففت من إجراءات الحجر، وهو ما أجبر الحكومة هذه المرة على اللجوء لاتخاذ إجراءات صارمة، بما في ذلك إغلاق معظم أماكن العمل.

وتؤكد هذه الموجة الثانية من العدوى في سنغافورة على ما توصل إليه الباحثون في هذا النموذج بشأن هذه العلاقة بين تدابير الحجر الصحي ومعدلات الإصابة.

ويضيف بارباستيس: "إذا اتبعت الولايات المتحدة نفس سياسة تخفيف إجراءات الحجر الصحي قريبا، نتوقع أن تكون العواقب أكثر كارثية".

وكان رئيس اللجنة العلمية التي تقدم المشورة للسلطات الفرنسية جان فرانسوا دلفريسي قد اقترح "اللجوء ولفترة طويلة لتدابير التخفيف من الحجر ثم التشديد، ثم الانفتاح والعودة إلى التشديد".

وهذا أيضا ما خلصت إليه دراسة أميركية نُشرت هذا الأسبوع في مجلة "ساينس"، افترضت التبديل بين فترات الحجر والتخفيف حتى عام 2022، أي الوقت اللازم لاكتشاف علاجات فعالة وربما لقاح ضد الفيروس المستجد.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).