مواطنون متجمعون في حديقة فيلمرسدورف في العاصمة الألمانية برلين - 19 أبريل 2020
مواطنون متجمعون في حديقة فيلمرسدورف في العاصمة الألمانية برلين - 19 أبريل 2020

يبدو أن التدابير المتخذة في كبرى الدول الغربية لكبح فيروس كورونا المستجد قد بدأت تؤتي ثمارها، في وقت تستكمل فيه الاستعدادات لتخفيفها بحذر، وضمن مهل وشيكة نسبيا.

وستبدأ ألمانيا تخفيف القيود اعتبارا من الاثنين، مع إعادة فتح غالبية المتاجر التي تقل مساحتها عن 800 متر مربع.

ومع أكثر من 135 ألف إصابة مؤكدة ونحو أربعة آلاف وفاة، باتت الجائحة في ألمانيا "تحت السيطرة"، وفق ما أعلن وزير الصحة ينس سبان.

وحذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من أن هذا "النجاح المرحلي" لا يزال "هشا"، فيما حذر الرئيس الحالي لحكومة رينانيا شمال فيستفاليا (غرب)، وهي إحدى أكثر المناطق الألمانية تضررا من الفيروس، من أن "العودة إلى حياتنا العادية السابقة ستستغرق وقتا طويلا".

 

الأوضاع تشهد تحسنا

 

وانخفض عدد الوفيات والإصابات اليومية في دول عدة، على غرار فرنسا (نحو 20 ألف وفاة) وإسبانيا (نحو 20500 وفاة) وإيطاليا (نحو 23600 وفاة)، بعدما واصلت الأرقام ارتفاعها على مدى أسابيع، ما يعني ترقب اتّخاذ تدابير الخروج من العزل في الأسابيع المقبلة.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي "لم نخرج من الأزمة الصحية" وإن كانت "الأوضاع تتحسن تدريجيا، ببطء ولكن بثبات".

وتعد فرنسا رابع دولة في العالم لجهة تسجيل الوفيات بكوفيد-19 بعد الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا، وهي تنوي البدء في تخفيف القيود اعتبارا من 11 مايو.

وفي إيطاليا لن يبدأ تخفيف القيود قبل الثالث من مايو، وفق ما أعلنت السلطات، علما أن الشركات تعيد شيئا فشيئا فتح أبوابها، وإن جزئيا، ووسط تدابير وقائية مشددة.

وفي حسابه على إنستغرام، أطلق صانع المثلجات الشهير رومان جوليتي، تعليقا أعلن فيه "نحن عائدون"، مؤكدا استئناف تسليم المنتجات اعتبارا من الثلاثاء.

في إسبانيا أعلن رئيس مركز الطوارئ الصحية فرناندو سيمون أن عدد الوفيات اليومية، تراجع للمرة الأولى منذ 22 مارس عن 500، مسجلا 410 حالات.

والأربعاء ستغلق مشرحة تم استحداثها في مدريد، واعتبارا من 27 أبريل ستسمح السلطات بخروج الأطفال، الممنوعين منذ 14 مارس من الخروج.

عودة عمال البناء والمصانع إلى أعمالهم في إسبانيا سيسيل لعاب دول أخرى تحاول كسر العزل المفروض بسبب كورونا

في النروج، حيث تعتبر السلطات أن "الفيروس بات تحت السيطرة"، ستفتح دور الحضانة أبوابها اعتبارا من الاثنين، وسيرفع الحظر المفروض على الإقامة خارج المنزل. وفي مرحلة ثانية تبدأ في 27 إبريل ستفتح المدارس والجامعات أبوابها جزئيا.

وقالت رئيسة الوزراء إرنا سولبرغ "يمكننا أن نعيد فتح المجتمع رويدا رويدا. سنقوم بذلك معا تحت المراقبة وبشكل تدريجي".

في الولايات المتحدة، التي تشهد صراعا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعي إلى الإسراع في استعادة النشاط الاقتصادي، وعدد من حكام الولايات الديموقراطيين، أعلن آندرو كومو حاكم نيويورك، الولاية التي تعد أكبر بؤرة للوباء في البلاد، أن كوفيد-19 بدأ مساره الانحداري.

وقال كومو إن "كل المؤشرات تدل على أننا في مسار انحداري"، إلا أنه دعا إلى الحذر، قائلا إن "مواصلة المسار الانحداري تتوقف على ما سنفعله"، وكان قد قرر تمديد الإغلاق في الولاية حتى 15 مايو.

ووافقت الحكومة الإسرائيلية على تخفيف بعض القيود اعتبارا من يوم الأحد، في إطار خطة "مسؤولة وتدريجية".

وأوقعت الجائحة أكثر من 164 ألف وفاة في العالم، نحو ثلثيها في أوروبا منذ أول ظهور للفيروس في الصين في ديسمبر من العام الماضي، في وقت نفى مختبر ووهان الصيني مسؤوليته عن انتشار الفيروس، بعد اتهامات مصدرها وسائل إعلام أميركية وتحذيرات وجهها دونالد ترامب.

وأظهر إحصاء لوكالة فرانس برس، يستند إلى مصادر رسمية الأحد، أن الولايات المتحدة هي البلد الأكثر تضررا لجهة عدد الوفيات، التي بلغت 40585 حالة من أصل 742442 إصابة، وفق جامعة جونز هوبكينز.

 

جدل حول مصدر الفيروس

 

وفي فصل جديد من المواجهة بين واشنطن وبكين، قال مدير المختبر الذي اتهمه الإعلام الأميركي بأنه مصدر انتشار فيروس كورونا المستجد "يستحيل أن نكون مصدر الفيروس". وندد يوان زيمينغ في مقابلة مع قناة حكومية باتهامات "من دون أدلة" بهدف "خداع الناس".

ويرجح غالبية العلماء أن الفيروس الجديد انتقل من الحيوان إلى الإنسان، وتحديدا في سوق شعبية في ووهان تبيع حيوانات حية. لكن وجود المختبر على بعد بضعة كيلومترات من السوق ساهم في زيادة التكهنات حول احتمال تسرب الفيروس من هذه المنشأة الحساسة.

وتخطّت تركيا عتبة ألفي وفاة، فيما تخطت إفريقيا عتبة ألف وفاة بكوفيد-19، نحو 75 بالمئة منها في الجزائر، بالإضافة إلى مصر والمغرب.

لكن بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية فإن الوباء لا يزال بعيدا عن السيطرة مع تسجيل "أرقام ثابتة أو متزايدة" في أوروبا الشرقية.

 واحتفل أكثر من 260 مليون مسيحي أرثوذكسي يعيشون خصوصا في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي السابق، الأحد، بعيد الفصح في ظروف غير مسبوقة راوحت بين التزام الحجر و"التمرد" عليه.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).