واحد بالمئة من سكان نيويورك أصيبوا بالفيروس
يتساءل الناس عن موعد العودة إلى الحياة الطبيعة وممارسة الأنشطة

في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد من أكبر المدن الأميركية إلى ضواحيها، ومواصلته الزحف نحو المناطق الريفية في الولايات المتحدة، يعتقد أن الفيروس أصاب ملايين المواطنين في حين تأكدت أكثر من 735 ألف حالة وأكثر من 39 ألف وفاة.

الرئيس دونالد ترامب اقترح هذا الأسبوع إرشادات لإعادة فتح الاقتصاد وأشار إلى أن مجموعة كبيرة من الولايات ستستأنف قريبا نشاطات تشبه الحياة الطبيعية.

ولأسابيع، كانت وجهة نظر الإدارة حول كوفيد-19 ومستقبل البلاد أكثر إشراقا من نظرة مستشاريها الطبيين والعلماء بشكل عام.

ووفق مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، الأحد، فإن لا أحد يعلم إلى أين تقود الأزمة الصحية البلاد. واستعرض المقال آراء أكثر من 20 خبيرا في الصحة العامة والطب وعلم الأوبئة والتاريخ، أجرى معهم الكاتب مقابلات حول المستقبل. 

وشعر بعض هؤلاء بأن العبقرية الأميركية بمجرد انخراطها الكامل، قد تنتج تقدما جيدا لتخفيف الأعباء.

وقالوا إن الطريق إلى الأمام يعتمد على عوامل صعبة لكن قابلة للتنفيذمثل تبني نهج متدرج بعناية لإعادة الفتح، والاختبار والمراقبة على نطاق واسع، وعلاج ناجع، وموارد كافية للعاملين في مجال الرعاية الصحية - وفي نهاية المطاف لقاح فعال.

ومع ذلك، كان من المستحيل تجنب التوقعات القاتمة للعام المقبل. وقال معظم الخبراء إن السيناريو الذي كان الرئيس الأميركي يرسمه خلال مؤتمراته الصحفية اليومية وقوله إن عمليات الإغلاق ستنتهي قريبا، وإن الأدوية الواقية من كورونا باتت تقريبا في المتناول، وأن ملاعب كرة القدم والمطاعم ستمتلئ قريبا - هو خيال، وفق ما نسبه المقال لمعظم الخبراء المشاركين فيه.

رئيس الأكاديمية الوطنية للطب، الدكتور هارفي فاينبرغ، قال "نواجه مستقبلا كئيبا".

ويتوقع هو وآخرون، مواطنين غير سعداء محاصرين في منازلهم لشهور، مع خضوع  الأكثر ضعفا للحجر الصحي لفترة أطول بكثير. 

وأعرب الخبراء عن قلقهم من أن اللقاح سوف يكون مستعصيا على العلماء الوصول إليه في البداية، وأن المواطنين المرهقين سيتخلون عن القيود رغم المخاطر، وأن الفيروس سيبقى معنا من الآن فصاعدا.

الأخصائي في الطب الوقائي في كلية الطب بجامعة فاندربيلت، الدكتور ويليام شافنر، قال "جانبي المتفائل يقول إن الفيروس سيخف في الصيف وسيصل اللقاح مثل المنقذ"، وأردف "لكنني أتعلم أن أتوخى الحذر إزاء طبيعتي المتفائلة في الأساس".

ويعتقد معظم الخبراء أنه بمجرد انتهاء الأزمة، ستنتعش البلاد واقتصادها بسرعة. ولكن لن يكون هناك هروب من فترة من الألم الشديد.

كيفية انتهاء الجائحة، تعتمد جزئيا على التقدم الطبي الذي لم يتحقق بعد، وتعتمد أيضا على تصرفات الأفراد خلال فترة الانتظار. 

إذا كانت هناك جدية في جهود حماية النفس والمقربين، فإن الغالبية ستعيش، وإذا تم التقليل من شأن الفيروس وخطورته، فإنه سيجد طريقا إلى المزيد من الأشخاص.

ويمكن القول، وفق المقال، إن فيروس كورونا المستجد يشكل السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة في الوقت الراهن.

فقد حصد أرواح اكثر من 1800 شخص تقريبا يوميا منذ السابع من أبريل، فيما يتوقع أن تكون الحصلية الرسمية المعلنة أقل من العدد الحقيقي.

وعلى سبيل المقارنة، يموت حوالي 1774 أميركيا كل يوم بسبب أمراض القلب، و1641 بسبب السرطان.

وبدأ المنحنى الخاص بانتشار كورونا يثبت على مستوى واحد. فقد تراجع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدخول إلى المستشفى بسبب المرض في نيويورك، بؤرة الوباء، كما أن هناك تراجعا في عدد المرضى الذين يستدعي وضعهم جهاز تنفس اصطناعي. لكن لا يزال المئات يموتون يوميا،  إلا أن العدد لم يعد يرتفع.

اللقاحات المضادة لكورونا حالت دون حدوث ملايين الوفيات حول العالم
تم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس

ستتوفر قريبا اللقاحات المحدَّثة ضد كوفيد-19 في الصيدليات، بينما تشهد الولايات المتحدة وعدة دول أخرى زيادة في حالات الإصابة. 

في غضون ذلك يتساءل كثيرون "هل من الأفضل الحصول على الجرعة الجديدة على الفور، أم ينبغي الانتظار؟

ردا على ذلك، يقول كارلوس دل ريو، أستاذ الطب المتميز في جامعة إموري وخبير الأمراض المعدية لشبكة "سي إن إن" إنه "لا تتوفر هناك إجابة بسيطة لهذا السؤال".

وتم تحديث لقاحات كوفيد-19 من شركة فايزر لتوفير الحماية ضد الطفرات الجديدة للفيروس.

وأضاف دل ريو "نحن في وسط موجة جديدة، العديد من الناس، بمن فيهم أنا شخصيًا، قد تعرضوا مؤخرًا للإصابة بكوفيد" مشيرا إلى أن إصابته جعلته يقرر تأجيل الحصول على الجرعة الجديدة.

وقال: "إذا كنت قد أصبت بكوفيد في الأشهر الثلاثة الماضية، فعليك أن تنتظر.. ليست هناك حاجة للحصول على لقاح، لأنك بطريقة ما، قد 'تلقيت' اللقاح من السلالة الحالية".

وإذا لم يتعرض  الشخص للإصابة بكوفيد مؤخرًا، وخاصة إذا كان سنه 65 عامًا أو أكثر فيوصي هذا المختص بالحصول على اللقاح "في أقرب وقت ممكن"، على حد تعبيره.

وينطبق الشيء ذاته على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة؟

يقول الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا وعضو في لجنة مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه للشبكة الأميركية إن الأشخاص الذين يصابون بكوفيد بشكل شديد يستدعي دخول المستشفى أو قد يهدد حياتهم ينتمون أساساً إلى أربع فئات.

الفئة الأولى تتكون من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والثانية، الأشخاص الذين لديهم حالات طبية تعرضهم لخطر عالٍ، مثل السمنة والسكري وأمراض الكبد والرئة أو القلب المزمنة. أما الثالثة في فئة النساء الحوامل، والرابعة مكونة من المسنين، أو الأشخاص فوق 75 عاما.

في المقابل يقول أوفيت وخبراء آخرون إن البالغين الأصغر سنًا والأصحاء يمكنهم الانتظار.

وتابع "الانتظار حتى الخريف يضمن حماية أفضل خلال موسم الفيروسات التنفسية، الذي يصل ذروته عادة في ديسمبر ويناير".

وقالت الدكتورة ميغان راني، عميدة كلية الصحة العامة في جامعة ييل لـ "سي إن إن" "إذا لم تكن قد تعرضت للإصابة مؤخرًا، فإن الجرعات المنشطة الجديدة مهمة للغاية، الطفرات الحالية لكوفيد تختلف بشكل كبير عن طفرات الشتاء الماضي، وهذه الجرعات المنشطة لهذا العام تتوافق مع الطفرات الجديدة".

وتوافق راني على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية والذين لم يتعرضوا مؤخرًا للإصابة يجب أن يحصلوا على لقاحهم الآن، لكنها تنوي تأجيل لقاحها قليلاً.

"أنا أخطط للانتظار حتى نفس الوقت الذي سأحصل فيه على لقاح الإنفلونزا، في أكتوبر"، كما قالت.

وأشارت راني إلى أن اللقاحات المحدثة التي تعتمد على تقنية "mRNA" من فايزر وموديرنا ستكون متاحة أولاً، مع وصول لقاح نوفافاكس في غضون بضعة أسابيع.

وأظهرت الأبحاث الجديدة أن الأشخاص غير الملقحين ضد كوفيد-19 قد يكونون في خطر أعلى من الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

وأضافت راني "إذا كنت مترددًا بشأن mRNA لسبب ما، على الرغم من أن هذه اللقاحات آمنة جدًا، فإن الجرعة المعززة من نوفافاكس، التي تعتمد على البروتين، ستكون متاحة أيضًا قريبًا".

بيتر شين-هونغ، خبير الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يقول من جانبه إنه سينتظر أيضًا لبضعة أسابيع.

"لن أهرع للحصول على اللقاح. أنا أكثر قلقًا بشأن الشتاء من الصيف" وفق قوله.

والخميس، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على طرح اللقاحات الجديدة من موديرنا وفايزر (بالتعاون مع بيونتك)، والتي تستهدف متحور KP.2 من سلالة أوميكرون.

وستكون هذه الجرعات متاحة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر، في وقت يشهد ارتفاعًا مستمرًا في حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).