أعلنت السلطات الروسية ارتفاعا قياسيا في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد الأحد، في وقت يحاول فيه الرئيس فلاديمير بوتين طمأنة البلاد بأن "الوضع تحت السيطرة الكاملة".
وقالت فرقة العمل الحكومية المشرفة على الاستجابة الوطنية للوباء، الأحد، إن حالات الإصابة الجديدة قفزت إلى 6060 خلال 24 ساعة، ما يرفع العدد الرسمي للإصابات إلى 42 ألفا و853. وتوفي جراء الوباء 361 شخصا وفق الأرقام الرسمية.
وأثارت الأرقام التي أعلنتها السلطات والتي تعتبر منخفضة مقارنة بالدول الأوروبية، شكوكا. وحذر خبراء من أن البيروقراطية تعرقل قدرة روسيا على إجراء اختبارات، في حين حذر مسؤولون من أن العدد الحقيقي للحالات أعلى من الحصيلة الرسمية بكثير.
وتأتي الزيادة المستمرة في الحالات على الرغم من الخطوات الروسية الصارمة والمبكرة للاستجابة لانتشار الفيروس وفرض قيود مشددة. وحتى قبل أن تبدأ العديد من الدول الأوروبية فرض قيود، تحركت موسكو لإغلاق جزء كبير من حدود البلاد الشاسعة مع الصين، حيث ظهر الفيروس لأول مرة.
وسجلت غالبية الحالات في موسكو. ومنذ 30 مارس، أمر جميع سكان موسكو وعددهم 12 مليون نسمة، بالبقاء في منازلهم مع استثناءات قليلة.
وحذرت نائبة عمدة موسكو أناستازيا راكوفا، من أن المدينة "ستواجه أسابيع صعبة" في المستقبل. وقالت في تسجيل فيديو نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي الجمعة "ذروة المرض يتوقع أن تصل خلال الأسبوعين إلى الثلاثة أسابيع المقبلة".
وبموجب قواعد الحجر المنزلي التي يجب على سكان موسكو مراعاتها حتى الأول من مايو على الأقل، يسمح لهم فقط بمغادرة منازلهم للذهاب إلى العمل أو المشي بكلابهم أو رمي القمامة أو زيارة أقرب متجر لهم.
وشددت سلطات المدينة هذا الأسبوع الإغلاق من خلال اعتماد نظام تصاريح رقمية، يجبر بموجبه أي شخص يتنقل بسيارته أو وسائل النقل العام على الحصول على تصريح.
وأجرت روسيا أكثر من 1.7 مليون اختبار للفيروس، على الرغم من وجود مخاوف بشأن موثوقيتها.
وفي خطاب مسجل بث في 19 أبريل، سعى بوتين إلى طمأنة الروس بأن الحكومة كانت تحاول الحد من المرض. وقال إن "جميع فروع الحكومات تعمل على نحو مسؤول وبطريقة منظمة"، مؤكدا أن "الوضع تحت السيطرة الكاملة".
وقبل شهر، أصر بوتين على أن حكومته "تمكنت من منع دخول المرض بشكل كبير وانتشاره في روسيا"، لكنه رسم صورة أكثر قتامة لمعركة موسكو مع الفيروس عندما قال في مكالمة مع حكام المناطق عبر البلاد "لدينا العديد من المشاكل ولا يوجد شيء نتباهى به هنا. لا فائدة من الاسترخاء. لم نتخط ذروة هذا الوباء".
شح المستشفيات
وأعلنت وزارة الصحة في موسكو في 14 أبريل أن 24 مستشفى على الأقل في المدينة تم تحويلها إلى مراكز خاصة بعلاج فيروس كورونا. وحذرت من أن الأسرّة قد تنفد في مستشفيات المدينة في غضون أسبوعين أو ثلاثة.
وفي المستشفى رقم 15 في غرب موسكو، قالت الطبيبة أيرينا شيكينا إن الأسرة نفدت بالفعل، مشيرة إلى أن 1492 شخصا كانوا يتلقون العلاج في المشفى الذي لا يتجاوز عدد الأسرة فيه 1300 سرير. وقالت إن الأجنحة تم توسيعها لاستيعاب المرضى وجميعهم تقريبا مصابون بكورونا.
عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، قال في 14 أبريل إن الأسوأ لم يأت بعد، مرجحا أن موسكو لحد الآن في "سفوح ذروة العدوى".
لكن العاصمة تعد أغنى مدن البلاد، بينما يتحدث الخبراء عن توقعات قاتمة لجميع أنحاء البلاد حيث تتأهب طواقم طبية غير مجهزة لاستقبال المرضى. وقد أدت إصلاحات مثيرة للجدل إلى تقليص عدد المستشفيات في روسيا.
وبحسب تحليل أجراه مركز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وهو مؤسسة أبحاث في موسكو، فإن عدد المستشفيات في البلاد تراجع إلى النصف ما بين عامي 2000 (أول عام تولى فيه بوتين السلطة) و2015.
التبرير الرسمي لإغلاق مستشفيات كثيرة، يعود لما يسمى تحسين الرعاية الصحية وجعلها مكونة من شبكة صغيرة من المؤسسات ذات التكنولوجيا العالية. أما المحافظات الروسية حيث يعيش الكثيرون في الفقر، فإن اختفاء العيادات الطبية يعني نهاية رعاية منخفضة التكلفة ومسؤولية كبيرة عند انتشار أوبئة كما يحدث حاليا.
وعلى الرغم من تركيز السلطات على موسكو، مركز انتشار المرض حتى الآن، إلا صورا مثيرة للقلق انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، وتظهر فيها طوابير من سيارات الإسعاف تنتظر خارج مستشفيات امتلأت بالمرضى.
وفي فيديو واسع الانتشار، غادر سائق سيارة إسعاف مستشفى خارج موسكو بعد انتظاره تسع ساعات قبل إدخال مريض.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من مليونين و345 ألف شخص أصيبوا بكوفيد-19 حول العالم، فيما توفي 161 ألفا و262 آخرين جراء المرض، وفق موقع تابع لجامعة جونز هوبكنز الأميركية يرصد انتشار الفيروس حول العالم.