يعد الفحص الأول الأكثر شيوعا واستعمالا من قبل الأطقم الطبية
يعد الفحص الأول الأكثر شيوعا واستعمالا من قبل الأطقم الطبية

يعد الفحص أمرًا بالغ الأهمية للسيطرة على فيروس "كورونا" وتخفيف القيود التي أوقفت الحياة العامة في معظم دول العالم، إلا ان هناك ارتباكا حول أنواع الاختبارات والفحوصات المطلوبة لحسم إمكانية الإصابة بالمرض من عدمه.

نوعان رئيسيان فقط في الولايات المتحدة للفحوصات، الأول يكشف ما إذا كان لديك عدوى نشطة للفيروس، بغض النظر أن كان لديك أعراض أم لا، فيما النوع الثاني من الفحوصات، يحدد فقط ما إذا كنت مصابًا بالفيروس، في وقت سابق وتماثلت للشفاء منه. 

وفي الوقت الحالي، يستخدم النوع الأول بشكل شائع، حصرا في المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية، لمساعدة الأطباء على اكتشاف ومعالجة الأشخاص الذين يعانون من COVID-19 النشط.

وتعرف الطريقة الثانية باسم "اختبار الأجسام المضادة"، والتي لم تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي من قبل الأطباء، لكن الخبراء يتوقعون أن اختبار الدم المعروف، يعد كافيا لطمأنة العديد من المصابين ومعرفة ما إذا كان بإمكانهم العودة إلى عملهم وأسرهم بسلام. 

وحتى الوقت الحالي، لا توجد أي طريقة طبية منصوح بها لإجراء الفحوصات الطبية في البيت، دون زيارة المستشفيات. 

 

اختبار تشخيصي 

ويعد الاختبار الجيني، أفضل طريقة للكشف عن عدوى COVID-19 النشطة من خلال اختبار تشخيصي يتطلب عدة خطوات ومعدات عالية التقنية للكشف عن آثار ضئيلة للفيروس. 

ويتم أولاً، بجمع الطبيب أو الممرضة عينات من أنف المريض أو حلقه باستخدام المسحات، ويتم تطوير العينة من خلال عملية تسمى تفاعل البوليميراز المتسلسل أو PCR، والتي تستخدم لبحث أي آثار للفيروس إلى حين اكتشافه. 

وهذه الطريقة، هي نفسها التي تم استخدامها لتشخيص فيروسات مثل نقص المناعة والتهاب الكبد.

وأذنت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأميركية، بإجراء العشرات من هذه الأنواع من الاختبارات التي يمكن إجراؤها في المستشفيات والمختبرات الجامعية وسلاسل الاختبار الكبيرة مثل Quest Diagnostics. 

وتستغرق عادةً من 4 إلى 6 ساعات ويمكن أن تستغرق يومًا أو أكثر إذا كانت هناك حاجة لشحن عينة إلى موقع آخر للمعالجة.

وتم السماح في الولايات المتحدة، مؤخرا بأول اختبار جيني يستخدم اللعاب، بدلاً من مسحة الأنف.

وفي وقت تجري فيه الولايات المتحدة أكثر من مليون اختبار في الأسبوع، يقول معظم الخبراء أن العدد سيحتاج إلى زيادة ثلاثة أضعاف على الأقل قبل أن يتم السماح بتخفيف التباعد الاجتماعي بشكل كبير.

 

اختبار الأجسام المضادة (الدم)

النوع الثاني من الفحوصات، لا يختبر  إصابة الشخص بالفيروس، ولكنه يكشف إذا كان قد أصيب به في وقت سابق.

ويعمل هذا النوع من الاختبارات على البحث عن بروتينات الدم المسماة بـ"الأجسام المضادة"، بدلاً من البحث عن الفيروس نفسه، والتي ينتجها الجسم بعد أيام أو أسابيع من محاربة العدوى. 

ويقول الدكتور أنتوني فوسي، المسؤول الأول عن الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، لـ"أسوشيتد برس"، عن هذا النوع من الفحوصات، بإنه "افتراض معقول"، موضحا بالقول: "إذا كان لديك أجسام مضادة، فستتم حمايتك من عدوى أخرى. لكن لا يزال يتعين على الباحثين الإجابة عن عدة أسئلة رئيسية: ما مدى دقة هذه الاختبارات؟ ما هو مستوى الجسم المضاد المطلوب للمناعة؟ وكم تدوم هذه الحصانة؟"

ومن خلال اختبار أعداد كبيرة من الأجسام المضادة، يأمل الباحثون في معرفة مدى انتشار الفيروس ومدى فتكه بالجسم، كلا السؤالين لا يزالان دون جواب، لأن الخبراء يعتقدون أن 25٪ على الأقل من المصابين لا تظهر عليهم أعراض.

ويقترح مفوض إدارة الغذاء والدواء الأميركية، الدكتور ستيفين هان، أن اختبارات الدم يمكن استخدامها من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية لحمايتهم، فعلى سبيل المثال، يمكن للطبيب الذي يكون اختباره (لفحص الأجسام المضادة) إيجابيًا أن يكون في وضع أكثر أمانًا لعلاج مرضى COVID-19.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.