تقرير يكشف نقصا شاسعا في عدد وفيات كوفيد-19
تقرير يكشف نقصا شاسعا في عدد وفيات كوفيد-19

أظهرت بيانات الوفيات في 11 دولة أن حصيلة الوفيات المعلنة خلال أزمة كورونا في الشهر الماضي تقل عن حصيلة التقرير الرسمي لوفيات المرض حول العالم، بـ 28 ألف حالة وفاة. 

ووجدت صحيفة نيويورك تايمز أن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في هذه البلدان الشهر الماضي، يفوق العدد السنوات السابقة. والملاحظ أن كل الدول المشمولة في التقرير أوربية.

وتضم هذه الحصيلة حالات الوفاة بكوفيد-19 وكذلك أسباب أخرى، بما يشمل الأشخاص الذين لم يتسن علاجهم بسبب الضغط على المستشفيات.

وهذا جدول يوضح الفروقات في عدد الوفيات  بالدول المذكورة:

جدول يوضح الفروقات في عدد ضحايا كورونا في عدد من الدول والرقم المعلن رسميا حول العالم

ويظهر الجدول أن في باريس يموت ضعف العدد المعتاد للأشخاص كل يوم، وهو أكثر بكثير من ضحايا ذروة الأنفلونزا الموسمية. 

أما في مدينة نيويورك، فإن العدد الحالي يضاهي أربعة أضعاف الرقم العادي.

وبطبيعة الحال، فإن بيانات الوفيات خلال الجائحة ليست مثالية. ومن المرجح أن تعكس الفوارق بين أعداد الوفيات الرسمية وإجمالي حصيلة الضحايا، محدودية اختبارات الفيروس، بدلا من الخفض المتعمد لأعداد الضحايا، حسب التقرير. 

وحتى الثلاثاء بلغ عدد الوفيات المعلن بالمرض حوالي 165 ألف شخص حول العالم.

ويقول خبراء منهم تيم ريف عالم الديموغرافيا في معهد ماكس بلانك للأبحاث الديمغرافية في ألمانيا إن معظم البلدان تبلغ عن حالات وفاة كوفيد-19 التي حدثت في المستشفيات فقط.

ويضيف "أيا كان الرقم الذي يتم الإبلاغ عنه في يوم معين، فسيكون هذا تقديرا  أقل من الواقع. في كثير من الأماكن كان الوباء مستمرا لفترة كافية أتاحت تسجيل حالات الوفاة المتأخرة، مما يمنحنا صورة أكثر دقة عن حقيقة معدل الوفيات".

وتبدو الاختلافات كبيرة في البلدان التي تباطأت في الاعتراف بحجم المشكلة. وسجلت اسطنبول، على سبيل المثال، حوالي 2100 حالة وفاة أكثر من المتوقع من 9 مارس حتى 12 أبريل، وهو ما يقارب ضعف عدد الوفيات التي أعلنتها الحكومة التركية في تلك الفترة بالبلاد بأسرها، بسبب كوفيد-19.

وقدر تقرير نيويورك تايمز معدل الوفيات الزائد في كل دولة، من خلال مقارنة عدد الأشخاص الذين ماتوا بجميع الأسباب خلال هذا العام، بالمتوسط التاريخي خلال نفس الفترة. وهي ذات الطريقة التي تتبعها مجلة الإيكونوميست لحساب الوفيات الزائدة في مختلف البلدان.

وفي العديد من البلدان الأوروبية، تظهر بيانات حديثة أن عدد الأشخاص الذين يموتون أكثر من المعتاد بنسبة تتراوح بين  20 إلى 30 في المائة. وهذا ما يترجم حسابيا بعشرات الآلاف القتلى، حسب تقرير نيويورك تايمز.
 

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.